خبر يذرون الرماد في العيون-هآرتس

الساعة 08:35 ص|26 مايو 2009

بقلم: نحيميا تشرسلر

 (المضمون: اخلاء البؤر الاستيطانية مجرد مسرحية هزلية من اجل عيون الامريكيين - المصدر).

البؤرة الاستيطانية "معوز استير" هي بؤرة مرنة جدا. هي في الواقع جزء من الاتفاق غير المكتوب بين المستوطنين والسلطات الرسمية في كل مرة يضغط فيها الامريكيون على اسرائيل تتلقى الشرطة اوامر لتحريك ادواتها ومقدراتها فيخرج مئات عناصر الشرطة منطلقين لاخلاء هذه البؤرة الصغيرة. هناك بتفان واخلاص ومخاطرة بالانفس يقومون بهدم اربعة اكواخ تنكية وخيمتين ومبنى خشبيا واحدا للخدمات.

في صبيحة اليوم التالي يعود المستوطنون الى المكان ويعيدون اقامة الخيام والبيوت التنكية. المجلس المحلي يعيد ربط الكهرباء والماء ويقوم باخلاء القمامة كعادته (رغم انها نقطة استيطانية غير قانونية) وهم ينتظرون بصمت وهدوء عملية الاخلاء التالية. هذا حدث اربع مرات في "معوز استير"، وحيث لا يشعر احد بذلك. كل واحد من الطرفين يؤدي قسطه ودوره في هذه المسرحية حيث ان الهدف هو القاء عظمة للامريكيين وحرف اهتمامهم عن البناء المتشعب الجاري الان في كل مناطق الضفة الغربية.

منذ نيسان 2003 حيث طرحت خارطة الطريق التزمت الحكومة بتفكيك 22 بؤرة استيطانية غير قانونية. حينئذ تعهدت والتزمت. على الارض هناك المزيد من عشرات البؤر الاستيطانية التي حصلت على تراخيص بالغمز واللمز، لاننا نعرف كيف نتحايل على العالم كله ونخادعه – وخصوصا نعرف كيف نخدع انفسنا.

في جلسة الحكومة في هذا الاسبوع قال بنيامين نتنياهو باننا "لن نقيم مستوطنات جديدة" ولكنه اضاف بنفس السياق انه "ليس من العدل ان لا نستجيب لاحتياجات النمو الطبيعي للمستوطنين". هذه خدعة اسرائيلية في ابهى صورها. لان الطريقة هي ان كل تجمع استيطاني في المناطق يسيطر على الجبل المجاور او على ارض زراعية فلسطينية ويشق من خلالها الطرقات ويقيم المنازل مسميا ذلك "نمو طبيعيا". فهذه ليست مستوطنة جديدة وانما هي مجرد حي جديد لان القادمين الجدد الذين ينضمون لهذا التجمع الاستيطاني يعتبرون "نموا طبيعيا".

استراتيجية المستوطنين موجهة لهدف واحد: فرض الحقائق على الارض الامر الذي لا يتيح اي حل اقليمي ولا اقامة دولة فلسطينية او حتى دولة كانتونات.

هذه المسألة تتم بطريقتين: يواصلون توسعهم كل الوقت ويبنون المدن الكبيرة مثل اريئيل ومعاليه ادوميم في عمق الاراضي الفلسطينية ويحرصون على تحويل اخلاء غوش قطيف الى صدمة نفسية لا تنتهي وتنطوي على عبء مالي يحول دون القيام باخلاء اكبر حجما في الضفة.

في الاونة الاخيرة شكل انصار المستوطنات في الكنيست لجنة تحقيق رسمية للتحقق من معالجة قضية المرحلين من غوش قطيف. الوزير الذي يمثلهم في الحكومة هو دانيال هيرشكوفيتس من حركة "البيت اليهودي"، شكل لجنة وزارية خاصة لهذه المسألة. صحيح انهم تلقوا رعاية فائقة وميزانية ضخمة ولكن ما هي قيمة الحقائق ان كانت هناك اجندة سياسية.

هم تقدموا للحكومة بطلبات لا تنتهي وكلما حصلوا على شيء زادوا مطالبهم – حتى يتمكنوا من تشويه صورة الحكومة واخافة السياسيين من خلال ذلك. الميزانية الاولية لعملية اخلائهم وصلت قرابة ثلاثة ونصف مليار شيكل ولكنها ازدادت اثر الضغوط لتصل الى 7 مليارات بينما يتعلق الامر بـ 1751 عائلة فقط. اي ان النفقات المالية على اخلاء 25 الف عائلة في الضفة الغربية سيبلغ مائة مليار شيكل وهذا عبء هائل قد يخيف السياسيين.

ايهود باراك تعهد باخلاء 22 بؤرة استيطانية غير قانونية في الاسابيع القليلة كما قال. ولكن كل من يسمع ذلك يسقط ضاحكا فهو لم يخلي اية بؤرة عندما كان وزيرا للدفاع في حكومة اولمرت رغم دعم رئيس الوزراء له. اذا فالان هو يريد ان يقوم بالاخلاء في ظل نتنياهو الذي يؤيد في واقع الامر توسيع المستوطنات!

مجلس يهودا والسامرة الاستيطاني والمستوطنون قلة صارخة جباروتية وهي تقوم بتحديد جدول اعمالنا لنا منذ اربعين عاما. هم يفرضون مواقفهم السياسية على الاغلبية بالقوة وهذه الاغلبية تنحني لهم وتخضع. اغلبية الاسرائيليين تؤيد حل الدولتين كما تدعي ولكن الاقلية من بينهم تنكح في تحويل هذ الحل الى امر مستحيل.

الان هم يخططون للخروج في كفاح ضد عزم الحكومة اخلاء البؤر الاستيطانية. هم ينوون سد المفترقات واقامة بؤرتين استيطانيتين مقابل كل بؤرة يتم اخلاءها والخروج في حملة شخصية ضد رئيس الوزراء والضغط على افيغدور ليبرمان وشاس لمكافحة "حكومة الاقتلاع"

ولكن الحقيقة هي انهم ليسوا بحاجة لبذ ل كل هذه الجهود فاخلاء البؤر الاستيطانية هو في الواقع مسرحية واحدة كبيرة – من اجل عيون الامريكيين. من الممكن دائما اخلاء "معوز استير" مرارا وتكرارا.