خبر بين طهران وميجرون-هآرتس

الساعة 08:31 ص|26 مايو 2009

بقلم: الوف بن

 (المضمون: الحرب مع ايران ليست محتمة. ولكن رئيس الوزراء قام امس بخطوة اخرى في اعداد الجمهور لامكانية أن تنشب - المصدر).

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرى في ازالة الخطر النووي من ايران – الكارثة الثانية – كمهمة حياته. قبل أن يصعد الى الحكم كان هناك من سمع منه بان مثل هذه العملية كفيلة بان تكلف الاف القتلى. ولكن ثمنها سيكون مبررا اذا اخذنا بالحسبان خطورة التهديد. أحاديثه امس في كتلة الليكود اصبحت نهائيا عقيدة ارئيل شارون والتي بموجبها ايران ليست مشكلة خاصة لاسرائيل بل لكل العالم، ومحظور على اسرائيل أن تقف في جبهة الصراع ضد طهران. من الان فصاعدا اسرائيل على الرأس.

زعماء ايران واسرائيل سجلوا امس نقطة تصعيد اخرى في المواجهة نحو النووي الايراني. فقد صرح محمود احمدي نجاد بان "البحث في الموضوع النووي انتهى" بمعنى ان ايران لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم. اما نتنياهو فقال: "اذا لم نكن نقُد نحن الدفاع ضد الخطر ("الايراني")، ونربط الولايات المتحدة ودول العالم به فان احدا لن يفعل ذلك" (حسب الصيغة الرسمية والمخففة لتصريحاته، والتي وزعت كتوضيح لصيغة اكثر فظاظة خرجت عن جلسة الكتلة). في الحالتين، في طهران وفي القدس، يمكن تبرير تصريحات الزعيمين بالاعتبارات الداخلية لديهما. احمدي نجاد يقف امام انتخابات للرئاسة. ونتنياهو يريد أن يهدىء روع الانتقاد في حزبه ضد اخلاء البؤر في الضفة الغربية، ويحاول اقناع رفاقه في الكتلة على أن يركزوا على الامر الايراني وليس على الامر التافه على التلال. ولكن حتى لو كان الدافع الفوري لتصريحاتهما هو السياسة الداخليةِ، فلا يمكن تجاهل آثارها الاستراتيجية.

نتنياهو عاد امس وقال انه توصل الى اتفاق مع الرئيس الامريكي براك اوباما على الهدف: "منع قدرة نووية عسكرية عن ايران". وفي خلاف بارز مع الجدال اللفظي بين نتنياهو والادارة الامريكية في الموضوع الفلسطيني، فمنذ عودة رئيس الوزراء من واشنطن، لم ينفِ الامريكيون اقواله عن التفاهم الذي تحقق في الموضوع الايراني.

شخصية امريكية رفيعة المستوى مقربة من الادارة، وتعرف جيدا طبيعة تفكير الرئيس، قدرت في الايام الاخيرة بان الحوار الذي يقترحه اوباما على الايرانيين لن يحقق شيئا. وان امريكا لن تهاجم ايران – الا اذا حصل شيء شاذ وغير متوقع (كالمسؤولية الايرانية على قتل امريكيين كثيرين). واذا ما تحقق توقع، فان حكومة نتنياهو كفيلة بان تقف امام القرار اذا كانت ستهاجم المنشآت النووية الايرانية.

ثلاثة مبررات تطرح بشكل عام لرفض الخيار العسكري الاسرائيلي: تعقيد العملية، فيتو امريكي ومعارضة في  الحكومة. وبشكل عام يفترضون بان اسرائيل ستحاول تكرار القصف المفاجىء على المفاعل العراقي في 1981 ويشرحون بان ايران ابعد من العراق ومنشآتها النووية موزعة ومنوعة. ولهذا فان العملية غير ممكنة. ولكن هذا مجرد سيناريو واحد وليس بالضرورة الاكثر معقولية. يمكن أن نتخيل تطورات اخرى: حرب في الشمال تنجر ايران اليها، او ضربة لهدف عزيز على النظام الايراني، تثير علي خمينئي واحمدي نجاد وتدفعهما للعمل ضد "النظام الصهيوني". اذا هاجمت ايران اسرائيل اولا، ستضيع المفاجأة، ولكن العملية الاسرائيلية بتدمير المنشآت النووية ستعتبر دفاعا عن النفس. هكذا سيحصل ايضا اذا قامت ايران باعمال مهددة، مثلما فعلت مصر في 1967 واستفزت اسرائيل لتقوم بضربة مضادة مسبقة.

الحجة الثانية، المعارضة الامريكية منوطة بالملابسات. من الصعب التصديق بان اوباما سيأمر باسقاط طائرات اسرائيلية في طريقها الى نتناز، اذا ما فشلت كل المساعي الاخرى لوقف اجهزة الطرد المركزي الايرانية. واضح ايضا أن الادارة ملزمة بان تظهر استياءا من عملية اسرائيلية كي تحافظ على مسافة منها. ولا يمكن الاستنتاج من اقوال رئيس الـ سي.اي.ايه ليئور مانتا الذي حذر من عملية عسكرية غير منسقة، كيف سيتصرف اوباما في لحظة الحقيقة. اوباما قال لمجلة "نيوزويك" انه لن يقرر للاسرائيليين احتياجاتهم الامنية. نتنياهو احب جدا هذا التصريح.

الحجة الثالثة، كبح الجماح السياسي الداخلي، مدحوضة تماما: في مداولات الحكومة على شن الحرب، الوزراء والضباط يتنافسون فيما بينهم على الوطنية وليس على الحكمة والتروي. في لحظة الحسم، لم يتجرأ احد على ان يقدم لمحضر الجلسات موقفا مترددا والمخاطرة بالتسريب الذي يعرضه كجبان بائس ويصفي له حياته السياسية. من لا يصدق، فليقرأ تقرير فينوغراد عن حرب لبنان الثانية. كل "الابطال" الذين انتقدوا الحرب في نظرة الى الوراء، صوتوا في الزمن الحقيقي مع شنها ومع العملية البرية التي لم يؤمنوا بها. هكذا سيحصل ايضا في حكومة نتنياهو، اذا ما جلب الى الحكومة قرارا للمصادقة على عملية ضد ايران، ويقول الجيش الاسرائيلي ان لديه القدرة التنفيذية عليها. الحرب مع ايران ليست محتمة. ولكن رئيس الوزراء قام امس بخطوة اخرى في اعداد الجمهور لامكانية أن تنشب.