خبر السلطة إذ تتبرع بسيادتها على الأقصى لطرف ثالث ؟! ..عريب الرنتاوي

الساعة 03:25 م|23 مايو 2009

عريب الرنتاوي

حالة الاهتراء التي يعيشها النظام (اللانظام) السياسي الفلسطيني، بلغت حدا مخجلا، تجلى أمس الأول، في الاشتباك الإعلامي بين اثنين من مسؤولي السلطة في رام الله، وحول أية قضية: مستقبل المسجد الأقصى والسيادة عليه، تخيّلوا ؟!.

 

وزير القدس في حكومة فيّاض تبرع بالأقصى لطرف ثالث، شرط أن يكون إسلاميا (يا للورع)، متخليا من جانب واحد عن إرث عرفات والشعب الفلسطيني الذي وضع القدس ومقدساتها وأقصاها في صدارة الأهداف الوطنية المشروعة وغير القابلة للتصرف، لتأتي أقوال حاتم عبد القادر مصداقا لتقارير "هارتس" التي تحدثت عن أمر كهذا قبل يومين كاشفة أن السلطة تخلفت عن مطلبها بالسيادة على الحرم، وأبدت استعداداتها لتنازلات عدة تجعل الاتفاق مع إسرائيل ممكنا في غضون 3 – 6 أشهر.

 

قبل أن يدلي وزير القدس بتصريحاته، كان المستشار "ما غيره" يدلي بتصريحات ينفي الرواية ويكذب إسرائيل وحكومتها وصحفها على الأخبار المدسوسة والمسمومة، لافتا أن المفاوضات لم تبدأ بعد، فكيف يتنازل الفلسطينيون عن قدس أقداسهم.

 

حين تصبح القضايا الوطنية، بما في تلك التي بحجم "الأقصى والسيادة عليه" موضع خلاف واجتهاد بين مسؤولين في السلطة ذاتها، وحين يصبح "التبرع" بالسيادة على "أولى القبلتين وثالث الحرمين الشرفين" مسألة يبت بها وزير لم "يسخن" الكرسي الذي يجلس عليه بعد، فإن المأساة الفلسطينية تستحيل إلى "مهزلة"، ويصبح القلق على المشروع الوطني الفلسطيني برمته، أو بالأحرى ما تبقى منه، مشروعا تماما، ويصبح القائمون عليه، غير مؤتمين أبدا حتى وإن حملوا حقائب وألقاب من النوع التي ذكرنا.

 

في الحقيقة أن الدهشة لم تعقد ألسنتنا أو تضرب على عقولنا، فنحن نرى تهافت النظام السياسي الفلسطيني وتهالكه يذهبان في كل اتجاه، ولطالما رأينا مسؤولين في مواقع السلطة والقرار ينتجون وثائق ويوقعون على أوراق تتخلى عن حقوق أساسية ثابتة للشعب الفلسطيني، توافق على ضم مستوطنات وتتخلى عن حق العودة وتقبل بالتنازل عن السيادة، من دون أن يعاقب هؤلاء أو أن يجبروا على التخلي عن مواقعهم الرسمية لتكون توقيعاتهم ممثلة لشخوصهم وشخصياتهم المعزولة فحسب.

 

لكن ما لم يخطر لنا على بال هو أن يبلغ "الكرم الحاتمي" ببعض الفلسطينيين لتقديم التنازلات هذا المبلغ، فينهمر في غير مكانه (مائدة المفاوضات) وسابقا لزمانه، فيأتي رخيصا ومجانيا بكل ما للكلمات من معنى.

 

 وإذا ما كان الموقف من "الأقصى" بمثل هذا الرخص والتهافت، فكيف يمكن لملايين اللاجئين الفلسطينيين أن يطمئنوا إلى مستقبل حقوقهم وقضيتهم، وهل نتوقع أن يخرج علينا "وزير للاجئين" أو "حامل لملفهم"، بتصريحات يقترح فيها توزيعهم على أفريقيا والأمريكيتين ؟...هل نتوقع أن يخرج علينا مستشار بكشف حساب عن تعويضاتهم، مخصوما منها "عمولاته وسمسرته" ؟...أين المرجعية الفلسطينية لكل ذلك، أما آن الأوان لترشيد العملية السياسية الفلسطينية، ألا يكفي عبثا بكل الثوابت والأهداف التي ناضل الشعب الفلسطيني من أجلها جيلا بعد جيل؟.

 

آن الأوان لتدخل رئاسي حاسم لإنهاء مهزلة "فوضى السياسة" والتي هي أشد ضررا من "فوضى الأمن" التي تفاخر السلطة والحكومة في رام الله بنجاحهما في استئصالها، اللهم إلا إذا كانت هذه "الفوضى" جزءا من عملية تهيئة وتحضير للرأي العام الفلسطيني لما يمكن أن تكون عليه صورة الحل النهائي الذي يجري العمل لإخراجه إلى دائرة الضوء قريبا.