خبر خربة زكريا ..شاهدة على فلسطينية المكان وسط مجمع من المستعمرات

الساعة 08:03 ص|23 مايو 2009

خربة زكريا ..شاهدة على فلسطينية المكان وسط مجمع من المستعمرات

 

فلسطين اليوم: بيت لحم

الزائر لقرية "بيت سكاريا" غربي مدينة بيت، أو "خربة الشيخ زكريا" كما يحلو لأهالي البلدة تسميتها نسبة إلى مقام "النبي زكريا" الموجود في القرية، لا يحتاج لعناء كبير ليتعرف على كل من فيها، فعدد سكانها لا يتجاوز ال500 مواطن، ينحدرون من عائلة واحدة وهي حمولة "عودة"...

 

و بيت سكاريا ليست كأي قرية أخرى فالأهالي يطلقون عليها اسم الخربة، في إشارة إلى حجم الخراب في القرية نتيجة لحصارها و الاعتداءات المستمرة عليها من قبل الاحتلال و مستعمريه الذين باتت بناياتهم العالية تخنق القرية و تقلل من مساحتها.

 

يقول الحاج عبد الرحمن إبراهيم عطا الله عودة ( 72 عاما) :"هذه الأرض كانت لنا بالكامل كنا نعيش على زراعتها و حصد محاصيلها و بيعها، و في سنوات السبعينات بدأ المستعمرون يستولون عليها بالتدريج حتى لم يبق لنا منها سوى المساحة التي نسكن عليها والقليل من الدونمات التي نزرعها حتى الآن".

 

و قد أقيم على أراضي القرية مجمع مستعمرات غوش قطيف والتي تتشكل من مستعمرات "الون شيفوت، اكفار عتصيون، مجدال عوز، نافي دانيا، جبعوت، بيت عين، روش تسوريم، بيار عيلليت"...و تبدو القرية الآن كنقطة في بحر مستعمرات تخنقها من كل الاتجاهات...

 

والد عبد الرحمن الحاج "إبراهيم" مؤسس القرية و المولود في العام 1902 يروي تفاصيل تغير المكان و صراعهم الدائر منذ 30 عاما على البقاء:" كانت الأراضي "على مد البصر" وكنا من هذه المنطقة العالية نشاهد قبة الصخرة في القدس و مدينة بيت لحم و لا يفصلنا شيء عن محيطنا، فقد استوطن جدنا الأكبر "جاد الله" في زمن الدولة التركية " في هذا المكان".

 

و يتابع:" طوال هذه السنوات زرعنا الأرض و سكنا هنا، و لكن الوضع تغير بالكامل بعد حرب 1967 واحتلال الصهاينة للضفة الغربية، حيث بدأت مجموعات صغيرة من المستعمرين بالتناثر حولنا بشكل عشوائي و في منتصف السبعينيات بدأت هذه المجموعات بالبناء ومصادرة الأراضي والتوسع عليها".

 

و قد مارست سلطات الاحتلال شتى أنواع الترهيب على سكان القرية الذين يعتبرون صمودهم في القرية رأس مالهم الوحيد:" أصبحنا نعيش في معارك مستمرة معهم، حاصرونا من كل الاتجاهات وسرقوا أرضنا ولم يبقوا لنا من أصل 800 دونم سوى 50 دونماً، قطعوا عنا الكهرباء والماء وبعد صراع طويل في المحاكم استطعنا أن نرجعها للقرية، و حين بنينا مسجدا للقرية قاموا بهدم المئذنة ومنعوا الأذان بحجة انه يزعجهم، حرقوا لنا المزروعات و جرفوا الأراضي وأطلقوا الجنازير و الكلاب على بيوتنا، ومع ذلك نحن صامدون حتى نموت على أرضنا".يقول الحاج إبراهيم.

 

إلى جانب الترهيب حاولت سلطات الاحتلال مرارا مقايضة الحاج إبراهيم و عائلته بالمال و الأرض البديلة، يروي الحاج إبراهيم كيف ساومه الصهيوني موشي ديان ذات يوم على إخلاء القرية مقابل ارض تزيد مساحتها على 300 دونم وفيلا يسكنها و رفض العرض وآثر التمسك بأرضه رغم كل شيء " فهذه الأرض التي عاش فيها و سيموت فيها مثلما حصل مع اثنين من أبنائه اللذين توفيا قبل عدة سنوات، و دفنا في الأرض لتصبح مقبرة للعائلة" على حد قوله.            

 

و تمنع سلطات الاحتلال المواطنين من البناء، وما يوجد في القرية من بناء يعود إلى ما قبل 1967 فيما عدى ذلك يعيش أهالي الخربة في بيوت سقفت بألواح " الزينكو" خوفا من قرارات الهدم التي تصدرها سلطات الاحتلال باستمرار ضد أي بناء جديد كما حدث مع بناء المدرسة و عشرة منازل بنيت في البلدة حديثا.

 

و المدرسة التي بنيت حديثا مكونة من غرفتين "صفين" يدرس فيهما حتى الصف السابع الأساسي و فيما بعد ينتقل الطلاب إلى مدرسة بيت فجار القريبة.

 

و يعيش أهالي خربة الشيخ زكريا على زراعة ما تبقى لهم من أراض بكروم العنب و أشجار الكرز التي تشتهر المنطقة بها و المزروعات الصيفية، يقول الحاج عبد الرحمن:" كل الأراضي التي حولنا كانت مليئة بأشجار الكرز و كروم العنب و حين بدؤوا ببناء المستعمرات "يقطعون الدوالي و العنب على أمه" حتى اختفت بالكامل ولم يبق سوى ما نزرعه نحن هنا".