خبر لقاء بعد ست سنوات .. السماح للشيخ جمال أبو الهيجاء برؤية ابنته ساجدة

الساعة 07:45 ص|23 مايو 2009

فلسطين اليوم-غزة

أمضت الليل بطوله تجهز نفسها وترتب حاجياتها ، وتكرر ما تريد ان تقول لوالدها الذي لم تره منذ فتره طويلة، يقاطع أحلامها ويقطع تسلسل أفكارها رسائل الأم والأخت والأخ.. الكل يقول لها سلِّمي لنا عليه يا ساجدة، وهي تقول لهم لا استطيع أن أحفظ كل هذا الكلام ... فالأخت الكبرى "بنان" تهمس بأذن أختها الصغيرة أن اخبريه عن موعد عرسي الشهر القادم، واني كم كنت أتمنى أن يكون هو من يوصلني لبيت زوجي ... و"عبد السلام" يقول له اخبريه أنّي خرجت من السجن قبل 45 يوما وقد أنهيت مدتي بالكامل 7 سنوات.. وبين هذا وذاك يخرج "عاصم" ليقول اخبري أبي أن يخرج بسرعة من السجن لأني أريد أن أتزوج، وتجلس الأم بين نكات ومزاح وبكاء أولادها حائرة لا تعلم كيف توصل لها ما يختلج الصدر من شوق وحنين للزوج الذي أبعده السجن منذ (26/8/2002)، ولا زال يبعده ..

 

هكذا أصبحت حياة عائلة الشيخ جمال أبو الهيجاء بعدما علمت العائلة أن قراراً من محكمة العدل العليا استطاعت العائلة انتزاعه قضى لها برؤية الأسير جمال أبو الهيجاء (50 عاما) والمعزول منذ سبع سنوات في زنزانة انفرادية، ابنته ساجدة .

 

فعائله الشيخ جمال أبو الهيجاء من مئات العائلات الفلسطينية التي قرر الاحتلال حرمانها من رؤيه أبنائهم وذويهم الاسرى ضاربة بعرض الحائط كافة القرارات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.

 

قلق وخوف

 

ساجدة جمال ابو الهيجاء (13عاما) التي خرجت من منزلها مع ساعات الفجر الأولى لزيارة والدها المعزول في سجن جلبوع قالت بحرقة على والدها المحرومة منه لمركز أحرار: " كنت لوحدي في الباص وهذه المرة الثانية التي أرى فيها والدي منذ اعتقاله وسعيدة إنهم سمحوا لي بزيارة ابي لأن إخواني وأمي ممنوعون امنيا من زيارته".

 

الخوف والقلق هي الملامح التي كانت تسيطر على ساجدة، كما تقول، خوفا من حرمانها من الزيارة، حيث سبق ان منعها الاحتلال من رؤية والدها بالرغم من حصولها على تصريح زيارة، وتضيف " ما ان وصلنا الى بوابات السجن حتى زادت دقات قلبي واندفعت استلم التصريح وقرار المحكمة لضابط السجن الذي لم يعرني اهتماماً وبدأ يصرخ على أهالي الأسرى مطالباً إياهم بترتيب أنفسهم وبعد أكثر من أربع ساعات سمح لي برؤية والدي .

 

كان مريضاً ومكبل القدمين

 

وأردفت ساجدة بحزن عميق " وقفت خلف الشباك البلاستيكي السميك بعد أن اخترت لنفسي مكاناً مناسباً، وبدأت أرقب فتح باب الزيارة وبعد وقت وجهد، فتح الباب وظهر ابي من خلفه غير قادر على المشي بسبب تقييد قدميه فحبست الدموع بعيني.. وما ان اقترب حتى وضع يده على الزجاج في إشارة منه بطرح السلام علي قبل ان يمسك بذات اليد سماعة الهاتف، وذلك لأن أبي بيد واحدة بعد أن بترت يده بمعركة جنين ".

 

ابنة الثلاثة عشرة عاما تضيف لأحرار " هالني منظر والدي الذي بدا مصفر اللون فهو لا يرى الشمس، والزوائد اللحمية تملأ وجهه، وبالذات منطقة العينين، والتهاب حاد أصاب يده المبتورة سبب قلة العلاج، إضافة إلى الحساسية نتيجة رطوبة المكان وسوء التهوية والوضع النفسي نتيجة العزل.

 

وأمام هذه الحالة التي استطاعت أن تميزها ساجدة بكل دقة ونقلت تفاصيلها لأحرار، بكل عناية تبخر جميع الكلام في دماغ ساجدة، وباتت فقط تجيب على استفسارات الوالد الولهان على أخبار أولاده، فرِحَ حينما علم بخروج ولديه عاصم وعبد السلام من السجن، واغرورقت عيناه بالدموع حينما علم بقرب موعد زواج بنان، وعاد ليبتسم لطلب وتهديد ابنه عاصم بالزواج ان تأخر في سجنه، وقال الأمر بيد الله وحده يا ابنتي .

 

الباحث والمتخصص في شؤون الأسرى الفلسطينيين فؤاد الخفش ومدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الانسان يقول أمام هذه الحالة " ان حالة الشيخ جمال ابو الهيجاء ليست الوحيدة من بين الأسرى المحرومين من رؤية ذويهم، فهناك اكثر من الف اسير محرومون من روؤية اولادهم وابائهم وزوجاتهم من دون حجج ، الا ان حالة ابو الهيجاء تعد من اصعب الحالات، وذلك لكبر عمره ولوضعه الصحي، حيث انه مبتور اليد ويعاني من امراض عدة ذكرت في التقرير ".

 

وأضاف الخفش ان الشيخ المعزول من تاريخ اعتقاله قبل 7 سنوات يحتاج لرعاية خاصة ويعاني من ظروف اعتقالية صعبة جدا لا يستطيع اي بشر تحملها، ويتم التعامل معه بشكل ممنهج من اجل تحطيم روحه المعنوية وتدمير نفسيته.

 

وطالب الخفش كافة المؤسسات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان بضرورة تسليط الضوء على المحرومين من زيارة ذويهم والأسرى المعزولين وفضح ممارسات الاحتلال تجاه هذه الفئة التي تستحق منا الكثير.