خبر العدو لم يتوقف وما يجري حرب نفسية ..مصطفى الصواف

الساعة 06:33 ص|23 مايو 2009

يبدو أن العدو يمارس حرباً نفسية بشكل تزايد في الأيام الأخيرة مستغلاً أبواقاً تقوم بدور العملاء دون أن تدري، وتكون بذلك قد حقق العدو الهدف الذي يسعى إليه وهو أن يشغلنا دائماً بأنفسنا ويصبح حديثنا وشغلنا الشاغل عدواناً جديداً على قطاع غزة مما يجعلنا نعيش تحت هاجس الخوف والعدوان وبذلك يشل قدرات المواطنين في التفكير والإبداع ويخلق حالة من البلبلة داخل المجتمع.

 

 

والسؤال الذي نطرح، متى توقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة؟، ومتى توقف القصف سواء البحري منه والمدفعي وقصف الطائرات؟، أمس فقط كان هناك شهيدان في جنوب القطاع، وقبل ذلك قصفت الطائرات الصهيونية عدداً من الأهداف سواء ورش حدادة ، أو منازل أو مناطق زراعية أو غير ذلك وأصابوا عدداً من المواطنين، والصيادون يتعرضون دوماً لإطلاق النار والاعتقال في عرض البحر.

 

من هنا يجب أن نوطن أنفسنا على أمر مهم هو أن العدو الصهيوني يخطط على مدار الساعة كيف يوقع قتلى وجرحى ويواصل عدوانه ظاناً أن ذلك يمكن أن يمثل وسيلة ردع للفلسطينيين ويربك الوضع الأمني والاجتماعي داخل المجتمع ويرفع من وتيرة التوتر والقلق وحالة من الخوف.

 

والمؤسف أن الناس يجرون وراء الشائعات التي يروجها الإعلام الصهيوني ويتناقلها المواطنون وبعض وسائل الإعلام بشكل مثير للانتباه ومدعاة للاستفهام، هل التعاطي مع ما يروج له العدو من معلومات وتضخيمها واستمرار العزف على وتر أن العدو يحضر لضربة أو عدوان أو اجتياح، وسمَّ ما شئت من الكلمات والمصطلحات، أمر مفيد ويخدم مصالحنا؟، فالأمر بات محيراً، هل هذه الوسائل لا تدري أنها تكون بذلك عاملاً مساعداً للعدو في حربه النفسية التي هي جزء من عدوانه؟، كثيراً ما يتم استغلال وسائل الإعلام المحلية للترويج للحرب النفسية ونشرها داخل المجتمع مما يؤدي إلى هزيمة معنوية تكون أخطر من الهزيمة العسكرية، وكثيراً من الحروب حسمها الإعلام قبل أن تحسمها القنابل والطائرات.

 

وأنا هنا لا أقلل مما يسعى إليه العدو الصهيوني ويخطط، ولكن وطالما أننا على قناعة من أن هذا العدو لا ينفك بشكل دائم عن التهديد والوعيد من خلال وزرائه وقادته عبر وسائل الإعلام التي تفضح عن خطط وتدريبات وقرارات، تظهر قرب تنفيذ هجوم جديد ومسميات مثيرة تطلقها وسائل إعلامه منها على سبيل المثال عملية " اللحم المتطاير" وكان ما فعله الصهاينة في عدوانهم الأخير " الرصاص المصبوب" لم يكن فيه اللحم قد تطاير والتصق بالجدران، وماذا كانت النتيجة؟، فشل العدو في تحقيق أهدافه وكان الصمود الفلسطيني الشعبي قبل المقاوم عنوان تلك الحقبة من الألم والمرارة،  الأمر الذي أذهل العدو والمراقبين المحليين والدوليين.

 

الاعتداءات الصهيونية مستمرة والأمر بالنسبة لنا يجب أن يحمل دائما على محمل الجد لأن هذه هي طبيعة العدو، ولكن المطلوب هو أن لا يكون هذا الأمر عامل إرباك وإحباط وقلق، صحيح علينا أخذ الحذر، مصداقا لقول الله تعالى" حذو حذركم"، فالحذر مطلوب وما يؤدي إليه مطلوب، وما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب ونبذل الجهد ونترك الباقي على الله، طالما أخذنا بكل ما هو واجب علينا، وإلى جانب هذا كله أن نتوجه إلى الله بالدعاء الدائم والتقرب إليه سواء كان هناك عدوان أو لم يكن، إلى جانب ذلك يجب أن تكون ثقتنا بعد الله بالمقاومة التي أثبتت في العدوان الأخير نفسها وأبلت بلاء حسنا، وعلينا أن نتيح لها كل ما نملك من إمكانيات ونحافظ عليها ونحفظ سرها لأن الأعداء كثر والحاقدين كثر، ومن باتوا يعملون عملاء  أيضا كثر، ظنا منهم أن ما يقومون به من جمع معلومات وتصديرها إلى مشبوهين بالتنسيق والتعاون مع العدو تنفيس لأحقادهم وأن هذا سيضعف المقاومة في القطاع، أو قد يؤدي إلى توجيه ضربة قاسمة إلى حركة الحماس والتي باتت هي عدوهم الجديد وما عاد الاحتلال يمثل لهم عدواً.

 

كما نتوجه إلى وسائل الإعلام المختلفة مرئية أو مقروءة أو إلكترونية أن تأخذ حذرها وأن لا تقع في فخ الاستخدام من قبل العدو، وعلى القائمين عليها أن يدركوا أن ما ينشر في وسائل إعلام العدو هو كالسم المدسوس في العسل، وهنا جزء من إعلامهم موجه بشكل مباشر لخلق حالة إرباك وإثارة البلبلة عبر بث الإشاعات والتهويل فيها والنفخ الضار.

 

يجب على وسائل الإعلام أن تأخذ دورها الحقيقي، فالمعركة مع الاحتلال لم تنته ولم تتوقف وهي مستمرة، صحيح أنه من الحكمة النظر إلى كل ما ينشر في إعلام العدو ودراسته وتحليله، وإذا أشكل علينا شيء أن نرده إلى أهل الاختصاص فهذا مهم، ولكن أن نأخذ كل ما ينشر على أنه مسلمات يجب أن نسير عليها وأن نأخذها وكأنها تنشر بنوايا طيبة فهذا غير وارد، من الواجب على وسائل الإعلام أن تكون قرون استشعار على مدار الوقت، تقدم النصيحة والإرشاد وأن تساعد على زيادة الوعي وتمتين الجبهة الداخلية والتخفيف من حالة القلق والخوف وبذل الجهد الكافي لزيادة الوعي ونشر ثقافة التوكل على الله بعد الأخذ بالأسباب.

 

ويجب علينا أن نكون على قناعة تامة أن الأمور كلها بيد الله يدبرها كيف يشاء، ولكن يجب أن لا تعمل دعاية العدو السوداء وتحرض المحرضين فينا كما تعمل النار في الهشيم، ويجب علينا أن لا نعمل على نشر الإشاعة وأن نرد المعلومات إلى مصادرها والتيقن منها حتى لا نكون أدوات تخدم العدو دون أن ندري.

 

وعلى أولي الأمر أن يوضحوا الناس عبر الإعلام حقيقة الأمور كبيرها وصغيرها حتى لا يفاجأ الناس بأمر ما، وأن تكون المعلومات التي يراد أن يعرفها تساعدهم على تجاوز الإشاعات، لأن الحقائق هي التي تقضي على فيروس الإشاعة وهي الدواء الشافي، كما على الجهات المسئولة أن لا تترك المواطن في حيرة من أمره وتدفعه دفعا نحو الحصول على المعلومات من مصادر العدو وأعوانه، فهذا أخطر ما في الأمر.

 

ونختم بقول الله تعالى" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون "، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أصابكم ما كان ليخطئكم ، وما أخطأكم ما كان ليصيبكم، رفعت الأقلام وجفت الصحف"، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ويجب أن نتوكل على الله تعالى ولا نجعل من حرب العدو النفسية وسيلة لهزيمتنا معنويا، ويجب أن نعزز ثقتنا بالله تعالى فهو حسبنا ونعم الوكيل