خبر ما حكم المال الذي يأتي باسم الشهيد ؟ وكيف تجري آلية توزيعه؟

الساعة 08:15 ص|22 مايو 2009

فلسطين اليوم : غزة

أكد الدكتور يونس الأسطل، أستاذ الشريعة في الجامعة الإسلامية، أن الأموال التي تدفع لذوي الشهيد دون شرط تأخذ حكم التركة، فتوزع ميراثاً سواء كان ذلك دفعة مقطوعة أو مالاً دورياً كالذي يدفع كل شهر أو فصل، مشيراً إلى وجود تفصيلات في المحاكم الشرعية وقانون الخدمة المدنية والعسكرية يحسن مراعاتها عند التوزيع منعاً للخصومة وضماناً للعدالة.

وذكر من تلك التفضيلات أن المحاكم الشرعية تجعل أموال اليتامى تحت رقابتها بحيث إذا كانت الأم أو الولي أو الوصي مسرفاً في النفقة فلا يتمكن من إضاعة مال الأيتام إذ إن المحكمة تقدر حاجتهم الشهرية من النفقة والتعليم والصحة وغيرها، وإذا احتاج القائمون على الأيتام زيادة عن ذلك قدموا به طلباً للمحكمة وهي تنظر في منحهم أو منعهم.

وأضاف: "الأموال التي تجيء باسم الشهيد ذاته تدخل في التركة فهي غير مشروطة ومصيرها مثلها، فتقسم ميراثاً " مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ"، وإذا كانت له وصية فلا يتجاوز تغطيتها ثلث التركة، والباقي يوزع بمثابة الميراث"، مرجعاً أسباب نشوب الخلافات بين ذوي الشهيد إلى ضعف الوازع الديني، وعبودية المال، وحسد الأهل للزوجة والمضايقة عليها لتترك بيتها في بعض الأحيان، وتلحق بأهلها، وكذلك بسبب بعض العادات السيئة التي ترى أن النساء لا حق لهن في المال "إلا الفتات الذي تسمح به نفوس البخلاء".

وبيّن أن معظم الخلافات بين زوجة الشهيد ووالديه وإخوته بخصوص الأموال لا تصل إلى المحاكم الشرعية غالباً بحكم أن الأولياء لا يودعون تلك الأموال لديها، واستدرك:" ما استطاعت المحاكم أن تجعله تحت يدها فإنها تحسن التصرف فيه غالباً وهو ما يؤدي إلى انتهاء الخصومة بين ورثة الشهيد وأوليائه".

من الكبائر

وأوضح أن أي مظلمة في توزيع تركة الشهيد أو المتوفى يعد من الكبائر لما فيها من أكل أموال الناس بالباطل، وتابع: "حين ذاك إما أن ترد إلى أصحابها وإلا أخذوا من حسنات الظلمة بمقدارها يوم القيامة فإن لم يكن لهم حسنات أخذ من سيئات المظلومين فطرحت عليهم"، فضلاً عما يورثه هذا الظلم من العداوة والبغضاء ممن ظلموا ولم يستطيعوا تحصيل حقوقهم بالإضافة إلى ما يمكن أن يؤديه ذلك من الخصومة والاقتتال.

ويرى د. الأسطل أن الحد من هذه الخلافات يتم من خلال تعرّف الواهبين على أحوال ذوي الشهيد قبل الوهب إليهم، وقال:" إن وجدوا صلاحاً وتقى فالأفضل ألا يشترطوا عند هبتهم للمال لأن أحكام الميراث قد كفلت لكل ذي حق حقه، وأما إذا كانوا غير أتقياء، فالأفضل اشتراط آلية التوزيع قطعاً لدابر الخصومة، ويحسن أن يكون الشرط على نظام الميراث ما لم يكن الورثة أغنياء، فعندئذ يفضل حصرها في زوجة الشهيد وأولاده ووالديه في حال الحاجة".

ولفت إلى أنه لا فرق بين تركة الشهيد أو المتوفى من حيث التوزيع، وأن الفرق في أن الكفالات التي تأتي الشهيد تهدف إلى تطييب خاطر أوليائه وحثهم على مزيد من التضحية وإظهار مدى اهتمام المجتمع لأولئك المضحين في سبيل الله ثم في سبيل أوطانهم، وطمأنة الجميع بأن من ابتلي أهله باستشهاده فلن يضيع من بعده حتى يشجعوا على التصدي للعدوان.

وفي رده على سؤال حول ما إذا أقدم بعض ذوي الشهداء على اجتزاء مبلغ من التركة قبل إظهاره، أوضح أن هذا نوع من الاختلاس الموقع في الإثم الموجب لعقوبة تأديبية قد تصل إلى حد قطع اليد اليمنى من المعصم إذا تحققت فيه أركان السرقة، والحرمان من الحقوق المدنية والسجن وغيره، كعقوبة تعزيرية لعدم وجود الخلافة الإسلامية التي تطبق الشريعة الإسلامية.

تشويه صورة الفلسطينيين

وتحدث عضو المجلس التشريعي عن تأثير استمرار الخلافات الأسرية التي تنشأ بسبب أموال الشهيد، لافتاً إلى أنها تزري الصورة الناصعة للشعب الفلسطيني في نظر العالم الإسلامي وأحرار العالم، "إذ إنهم ينظرون إلينا كأشرف شعب على وجه الأرض من حيث قدرتنا على الصمود أمام أعتى آلة عسكرية في الشرق الأوسط وبوسائل متواضعة، ومع ذلك فإن إرادتنا لن تنكسر وعزمنا لم يلن وصبرنا لا حدود له".

وتابع: "لقد أجبرنا الاحتلال على التخلي عن أهدافه الكبيرة كاستئصالنا من الوجود أو استفزازنا في الأرض، أو تركيعنا لشروطه وسياساته، مكتفين بالأذى الذي يلحقه بنا في الأموال والأنفس والثمرات، فهذه الخلافات تلوث لسمعة الفلسطينيين وتسويد لصورته الناصعة في نظر أمتنا العربية والإسلامية والإنسانية".

ولأهمية هذا الموضوع بيّن د. الأسطل أن رابطة علماء فلسطين تداعت لتدارس هذه المشكلة وإصدار فتوى ترفع كتوصية إلى الحكومة لإلزام الجميع بها، قطعاً لدابر الظلم والخصام "كما أن كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية تحضر ليوم دراسي قريب تتناول فيه كل الأحكام المتعلقة بالشهيد وأمواله وأسرته" كما أشار.