خبر « الطرافة » الدعوية.. أسلوب يُلين قلوب بعض المدعوين وينفّر آخرين!

الساعة 08:04 ص|22 مايو 2009

فلسطين اليوم : غزة

يحاول العديد من الدعاة المعاصرين ابتكار أساليب جديدة وقريبة من قلوب الناس لإيصال رسالتهم، ومن هذه الأساليب التي لجأ إليها بعضهم ونجحوا فيها، ودخلوا إلى القلوب عبرها وهي الفكاهة الدعوية، التي تحظى بإقبالٍ واسعٍ من قبل الفئات الشابة، ومن أمثال الدعاة الذين ذاع صيتهم في  ذلك الشيخ عبد الحميد كشك، وغيره.

وظيفة منتدَية

الداعية الإسلامي صادق قنديل قال:"الدعوة إلى الله تبارك وتعالى من الوظائف المهمة التي انتدب الله الإنسان المسلم ليقوم بها، ولكي يحقق الهدف المرجو منها هناك فنون وأساليب دعوية عدة منها ما هو موجود وأخرى يتم ابتكارها، سيما ما ظهر منها في العصر الحديث"، وتابع:"ومن ضمنها استخدام أسلوب الفكاهة في الدعوة، "وهو مباح ولا حرج فيه كما عُلم من تجارب العلماء الذين لهم باع طويل في الدعوة إلى الله وهم على دراية وفقه في ذلك"، محذراً من الإكثار في استخدامه في غير مقامه.

وبين أن الداعية المبتدئ الذي لا يملك التجربة الدعوية الطويلة لا بد له أن يتوخى الحذر عند استخدامه لهذا الأسلوب، "فلا يجوز أن يستخدمه إن كان السياق في ذات الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو في إيصال معنى من معاني القرآن الكريم وعليه ألا يفرط فيه، حتى لا  يستخف العوام به، وبالتالي يستهزئون في المادة الدعوية".

ونوه إلى ما قد يقع به الدعاة نتيجة الفكاهة في دروسهم من الكذب الخيالي أو النكت التي لم تحدث على أرض الواقع أو التي تتعارض مع العقيدة الإسلامية الصحيحة، مشيراً إلى أن ذلك يعطي  الناس حكماً بجواز تناقل مثل هذه النكت ويسوغ لثقافة الكذب ويتسبب في إحداث خلل في عقيدة المستمعين.

ومضى يقول: " إذا أراد الداعية استخدام أسلوب الضحك والنكت في دعوته فلابد أن يكون لذلك فائدة ودلالة، لا لمجرد أن يضحك الناس فقط "، لافتاً إلى أن استخدامه لمجرد الضحك لا يجوز شرعاً.

ليست قالباً واحداً

ولفت قنديل إلى أن وصف بعض العلماء لأسلوب الفكاهة في الدعوة بـ"الدواء" إن زاد عن حده فسد، وأن نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، يستخدم هذا الأسلوب ولكنه لم يكن يكثر منه.

 

الداعية د.وائل الزرد يرى بأن الدعوة إلى الله ليست قالباً واحداً، ومن غير المحبذ أن يستخدم الدعاة ذات الأسلوب في دعوتهم، وعليهم أن ينوعوا في أساليبهم ومن ذلك استمالة قلوب الناس المدعوين بالفكاهة والضحك والمزاح الصادق.

وأشار إلى أن الله تعالى قال في كتابه الكريم عن سيدنا نوح عليه السلام معدداً الوسائل التي استخدمها في دعوته " قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً ".

وقال:" نلاحظ أن نوحاً عليه السلام، استخدم كل الأساليب التي من شأنها أن تقرب قومه إلى الله عز وجل، لذا على الداعية أن ينوع في أساليبه الدعوية، وأن يبتكر أساليب جديدة يحاول من خلالها إيصال رسالته إلى الناس".

وبين د. الزرد أن استخدام أسلوب الدُعابة يترك آثاراً إيجابية في قلوب الناس، أبرزها أنهم يدركون بأن الدعاة ليسوا من أصحاب الوجوه العابسة والذين يحبون البكاء فقط، إنما تتخلل السعادة حياتهم والرفاهية والضحك، موضحاً أهمية أن يتميز الخطاب الدعوي بنوع من الرقة والمداعبة حتى يصل إلى قلوب الناس بسهولة ويُسر، وما يساعد الداعية على ذلك أن يكون خطابه لينًا وفيه شيءٌ من الترويح والترفيه عن المدعوين.

ممازحة عجوز

وأكد د.الزرد على ضرورة أن ينوع الداعية في أساليبه أثناء الخطبة الواحدة حتى يصل إلى قلوب وعقول كافة الناس الذين يستمعون إليه، فمنهم من يفضل أسلوب الدعابة والضحك وآخرون يفضلون العلمي أو القصصي.

وتحدّث عن استخدامه زمن الرسول الكريم، بقوله:"استخدم رسول الله بعض الدعابات الجميلة الصادقة في دعوته ومنها قوله لامرأة عجوز طلبت منه الدعاء لها بدخول الجنة فقال لها بما  "إن الجنة لا تدخلها عجوز" فولّت تبكي، فقال:" أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله لقوله تعالى "إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكاراً، عرباً أتراباً"، وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم استخدموا أسلوب الدعابة في دعوتهم أكثر من الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولعل الحديث الذي يضم بعضاً من المَرَح يجعل المتلقِّي لا يشعر بالترقب والقلق، ويصبح الذهن جاهزًا لقبول ما يقوله الداعي، لذلك لا بد أن يمس الخطاب عقل وعاطفة وفطرة وغريزة المدعو، ويقول الإمام علي- كرم الله وجهه:" إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة ".