خبر درس تعلمته في اوشفتس -يديعوت

الساعة 09:15 ص|21 مايو 2009

بقلم: غوردون براون

رئيس وزراء بريطانيا

لا توجد كلمات يمكنها أن تصف الظلام والخراب اللذين كانا من نصيب اوشفتس. قرأت الكثير عن الكارثة، شاهدت افلام سينمائية ووثائقية عديدة، وحظيت بشرف الحديث مع ناجين من الكارثة ومربين. فكرت أني جاهز لزيارة اوشفتس اما الان فاني اعرف اني لم اكن جاهزا ولم يكن بوسعي أن اكون كذلك.

وجه الشبه يساعدنا على ان نستعد للتجربة النفسية من خلال خلق رابط بين ما نوشك على أن نشهده وبين شيء ما شهدناه في الماضي. ولكني لم اقف ابدا امام جبل من الشعر البشري في الماضي. لم يسبق لي أن لمست جدران حجرات الغاز التي حزت بها ايدي البشر في ظل الرعب واليأس. لم أرَ ابدا تلة نعال لالاف الاطفال ممن ساروا نحو موتهم الاليم. لم انظر ابدا الى حقيبة طفلة ابنة ثلاث سنوات – يتيمة سارت الى موتها دون ام أو أب يواسيانها.

ما رأيته في اوشفتس كان لائحة اتهام فظيعة ليس فقط ضد الشر المطلق لمنفذي الفظاعة بل وايضا ضد العمى الاخلاقي لكل اولئك الذين اشاحوا بناظرهم. والان لدي فهم جديد عن عبء الذاكرة وبموجبها المسافة عن الكارثة في هذا الزمن وفي المدى الجغرافي لا تقلل بل تعظم التزامنا بان نتذكر وان نقاوم.

ولكني تعلمت ايضا درسا أعمق من ذلك بكثير. حتى عندما سار الشعب اليهودي في وادي ظل الموت كان مصمما على أن يبقى نورا للاغيار. الناس في اوشفتس واصلوا الصلاة، الحفاظ على التقاليد واداء الفرائض. الناس تقاسموا القليل من كسرة خبزهم – تقاسموا اللاشيء حتى النهاية، بقدر ما يمكن للمرء أن يقتسم اللاشيء.

قصة اوشفتس هي قصة بطولة مثلما هي قصة وحشية، عن اناس قادرين حتى الان على أن يجدوا القدرة في أن يكونوا انسانيين حتى في اماكن غير انسانية. اذكر حاخاما، لم يكن في المعسكر نفسه، وسئل لماذا فعل الكثير جدا من اجل التعليم في موضوع الكارثة، فيما ان هو ليس ناجيا منها. فاجاب بانه ناجٍ، واننا جميعنا ناجون، ليس فقط كل اليهود، بل كل الانسانية، لاننا وجدنا الامل في التحرك الى ما وراء ساعتنا الاكثر ظلامية. وهذا ما قصده ايلي فيزل حين قال: "لاني اتذكر، فاني يائس؛ ولكن لاني اتذكر فمن واجبي أن ارد اليأس".

وعليه، فواجب علينا أن نتذكر في يوم الذكرى العالمي للكارثة الذي يحل في 27 كانون الاول وفي يوم الذكرى للكارثة والبطولة الذي يحتفل فيه في اسرائيل كل سنة. ولكن قبل كل شيء علينا أن نخدم ذكرى اولئك الذين لم ينجوا من خلال تعليم ابنائنا بانهم منحوا في طفولتهم ارادة حرة، هي القدرة على الاختيار والتي تنطوي ليس فقط على امكانية القيام بعمل فظيع بل وقادرة ايضا على العيش وفقا لقيم العدالة. هذا ما حاول النازيون تحطيمه. هكذا بحيث أنه بالنسبة للدرس الحقيقي من اوشفتس هو بسيط ويهودي بشكل عميق: نحن نحترم الموت في اننا نحتفل بالحياة ونهزم الكراهية في اننا نختار الامل.