لماذا جميل العموري، وبالداخل المحتل عام ٤٨؟... بقلم/ محمد فارس جرادات

الساعة 02:18 م|06 يناير 2023

فلسطين اليوم

هتف المحتشدون من أهلنا عرب الداخل؛ لجميل العموري مؤسس كتيبة جنين، وهم يحملون كريم يونس على اكتافهم،

لماذا جميل العموري، وبالداخل المحتل عام ٤٨؟

لماذا

هذا التخصيص

بهذا التوقيت

وهذا المكان؟!

ألا يلفت ذلك نظر كل ذي بصير؟

فكتيبة جنين في جوهر الدور الذي تؤديه،

رغم الخسائر البشرية الجسيمة،

حوالي ٢٧ شههيد من جنين خلال عام ٢٠٢٢

مقابل ١٤ قتيل اسرائيلي لعمليات من جنين خلال نفس العام،

والحديث هنا عن (جنين خلال ٢٠٢٢) حصرا،

نظرا لان البحث يدور عن كتيبة جنين ومؤسسها جميل العموري،

وهي خسائر جسيمة، نعم، لكن تم تضخيمها في عين كل متابع، نظرا للشعور الداخلي الذي يسكن كل فلسطيني تجاه الدور والحمل الثقيل الذي أنيط بهذه الكتيبة، إيجابا وسلبا، فافترض كل منا أنه مطلوب من هذه الكتيبة حمل عبء القضية برمتها، حتى عند من يبالغ في نقدها او حتى رجمها، وكل له سببه النفسي،

وحاول كل واحد منا إفراغ الأثر النفسي لآلاف الضحايا التي أريقت بمقابل محدود جدا من خسائر المحتل، على هذه التجربة العفوية البسيطة،

مثلا تجاوز عدد ضحايانا من أهلنا في غزة خلال ٦ حروب الألفي شههيد، مقابل أقل من مائة قتيل إسرائيلي،

وخلال الانتففاضة الاولى استشههد حوالي ١٣٠٠ فلسطيني مقابل ٦٠ قتيل اسرائيلي،

حتى الانتتفاضة الثانية، والتي شكلت استثناءً في توازن الردع، وكاد التوازن يتحقق عام ٢٠٠٢، لكن حسبة الانتتفاضة الثانية منذ بدايتها حتى نهايتها، ارتقى فيها ٤٥٠٠ شههيد مقابل ١١٠٠ قتيل إسرائيلي، بما يعيد النتيجة لذات المقياس وذات الفارق الكبير،

وكذلك حروب لبنان مع الكيان العبري سواء في عهد منظمة التحرير الفلسطينية او عهد ححزب الله، فالبون شاسع جدا بين قتلى الكيان وشههداء الشعبين الفلسطيني واللبناني،

وهذا بمجمله ليس بخسا للانسان العربي، ولا تبريرا للفشل الذي يصاحبنا كأمة ومققاومة في حماية أهلنا والنكاية بعدونا، ولا تجاهلا لفريضة التطور الذي ينبغي الصعود في سلمه في ضوء التجارب السابقة،

ولكنه النظر هنا لجانب مشرق جعل تجربة جميل العموري على بساطتها وعفويتها، تخترق كل الأبعاد النفسية، وهي التي تلقفتها منطقة جغرافية صغيرة، وحمل عبئها الاساسي فصيل فلسطيني هو الثالث في ترتيب أحجام الفصائل الفلسطينية، رغم دور باقي الفصائل وخاصة ما انبثق عن تشكيلات حركة فتح، وطبيعتها المرنة في التداخل السلس مع الجههاد والعبء الذي أُلقي عليه، وهو ما حصل أيضا مع مخيم جنين في ملحمة ٢٠٠٢ التاريخية.

هتاف عرب الداخل لجميل العموري تخصيصا، يعني ان تجربته انساحت في النسيج المجتمعي وتجاوزت محاولات طمس الهوية الفلسطينية لشعبنا في الداخل، من جهة،

ومن جهة أخرى أهمية هذه التجربة النضالية في تحريك الوعي الفلسطيني نحو قضاياه المختلفة، بما يتجاوز جوانب العجز او الفشل فيها، لما هو جوهرها في خدمة القضية، وإفشال مشاريع المحتل التي لعب عليها عقودا في كيّ الوعي الفلسطيني، وخاصة خلق الاحباط واليأس بما يضفي شرعية حقيقية للمحتل مع الزمن، ولكنها مظلومية فلسطين وقدرتها على التشكل مجددا عبر تجارب مخلصة تستحق منا التقدير.