خبر المستوطنات اولا -هآرتس

الساعة 08:51 ص|20 مايو 2009

بقلم: الوف بن

 (المضمون: معضلة نتنياهو هي كيفية ايجاد صيغة ترضي الامريكيين في موضوع تجميد الاستيطان ولا تجعله ينتحر سياسيا - المصدر).

"لا يزال أمامنا عمل آخر"، أجمل مصدر امريكي انطباعاته عن لقاء نتنياهو واوباما في البيت البيض. وحسب اقواله، ففي موضوع ايران كان هناك تطابق في الاراء بين رئيس الوزراء والرئيس، اما في الموضوع الفلسطيني "فلم ننجح في موضوع حل الدولتين، ولم نتوصل الى تفاهم حول المستوطنات". "هم يريدون ان نجمد المستوطنات، ببساطة جدا"، يضيف موظف اسرائيلي ونظيره يشرح: "نحن نتوقع خطوة اسرائيلية في المستوطنات في الاسابيع القريبة كي نتمكن من دفع التطبيع الى الامام حيال الدول العربية".

منذ الازل والادارات الامريكية التي رغبت في ان تظهر ابتعادا عن اسرائيل كانت تطرح المستوطنات على جدول الاعمال. والادارات اللينة بينها اكتفت بالضريبة الكلامية المعروفة "المستوطنات هي عقبة امام السلام". اما الاكثر تشددا فطلبت اسرائيل بوقف البناء كي لا تتقرر حقائق تحبط اقامة دولة فلسطينية مستقبلية في الضفة.

ونجحت اسرائيل دوما في تجاوز الضغوط الامريكية ووسعت المستوطنات تحت غطاء "النمو الطبيعي". وتوصل ارئيل شارون الى تفاهم مع ادارة بوش سمح لاسرائيل بان تبني بوتيرة سريعة في الكتل الكبرى وبالاساس حول القدس – في ظل الابطاء، وعمليا التجميد غير الرسمي، للبناء في المستوطنات "المنعزلة" خلف جدار الفصل. حكومة اولمرت واصلت ذات السياسة. كما أن ادارة بوش غضت النظر عن التسويف الاسرائيلي في اخلاء البؤر الاستيطانية، كجائزة على فك الارتباط واخلاء المستوطنات من غزة وشمالي الضفة.

ادارة اوباما تريد أن تظهر بانها ليست "محكومة" من اسرائيل كسابقتها، وعليه فلا غرو ان المستوطنات تعود الى مركز المنصة. من ناحية نتنياهو هذه مشكلة، كونه في ائتلافه توجد اغلبية من النواب اليمينيين. وحتى الحكومات الاكثر يسارية لم تعلن عن تجميد المستوطنات، ولا حتى شارون الذي أخلى المستوطنين من غزة. كيف يمكن ان نتوقع بان حكومة نتنياهو بالذات تتطوع لارضاء الامريكيين؟ مجلس "يشع" للمستوطنين انطلق لتوه في حملة ضد نتنياهو مطالبا بان يزيل تجميد البناء. وبالمقابل، فان اصدقاء اسرائيل في الكتلة الديمقراطية في الكونغرس يظهرون ابتعادا عن المستوطنات، ويوضحون بانهم لن يمنحوا نتنياهو الاسناد اذا ما اصر على مواصلة تطويرها.

في محيط نتنياهو يشرحون، بانه يوجد بين الامريكيين والاسرائيليين فوارق فهم بالنسبة للمستوطنات. بالنسبة لاوباما هذه مشكلة سياسية. عليه أن يري بانه ضغط على اسرائيل وانتزع منها تنازلات، وهكذا سيبدو جيدا في نظر العالم العربي واوروبا (ولدى مؤيديه في الداخل ايضا). وبالنسبة لنتنياهو، هذه مشكلة عملية. اذا ما وعد بتجميد البناء تماما، فان كل اغلاق لشرفة في ارئيل سيعرضه ككاذب. وفضلا عن ذلك، ينبغي الحرص على احتياجات المستوطنات القائمة.

ما العمل؟ في المحادثات اللاحقة بعد الزيارة، سيحاولون ايجاد صيغة تفي بوعد اسرائيل بتجميد المستوطنات دون أن ينتحر نتنياهو سياسيا. وهو لا بد سيحاول تسويف الوقت وان يقترح حلولا وسط كالبناء الى الاعلى، او التمييز بين مناطق مسموح البناء فيها ومناطق التجميد.

وستثقل المستوطنات على نتنياهو أكثر بكثير من مسألة "حل الدولتين" والتي مستعد الامريكيون حولها ابداء تفهم لاضطراراته السياسية. وقال المبعوث جورج ميتشيل في حديث مغلق انه لا ينبغي مطالبة نتنياهو الان بالاعتراف بالدولتين. اهم من ذلك دفع بناء المؤسسات وقوات الامن الفلسطينية، والتسهيل على الاقتصاد الفلسطيني في رفع سدادات الطرق. ويقبل ميتشيل هنا نهج نتنياهو، بل ويتفق معه بان خطوات التطبيع مع العالم العربي ستلين الرأي العام من اسرائيل. في تقاسم العمل الداخلي في الادارة، ميتشيل ومستشار الامن القومي، الجنرال جيم جونز يتخذان صورة "الشرطيين الشريرين". كلاهما اديا في الماضي مهمات لاسرائيل والفلسطينيين وخاب املهما من التسويف والمصاعب في الجانب الاسرائيلي. وبالمقابل، فان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون غير معروفة الموقف هي "الشرطية الطيبة". الاسرائيليون الذين حضروا وليمة العشاء لها مع نتنياهو، ليلة اول امس، احبوا ما قالته لهم: "الامل ليس خطة". لمن يرى مبادرات الحوار من اوباما مع الايرانيين والعرب كتعبير عن ايديولوجيا ليبرالية ساذجة، واقعية كلينتون بدت كالماء الزلال. هذا لن يعفي نتنياهو من الحاجة لايجاد صيغة لتجميد المستوطنات