خبر الاختلاط محرّم ولكن ليس على الإطلاق

الساعة 08:06 ص|20 مايو 2009

فلسطين اليوم : غزة

تختلف الجامعات الفلسطينية في موقفها من قضية الاختلاط، فمنها ما يحظره لاعتبارات شرعية واجتماعية, وجامعة أخرى، ترى في الاختلاط ضرورة لا غنى عنها وبعضها يقف وسط بين الموقفين... تنقّلنا بين الجامعات تعرّفت على آراء الطلبة تجاه الموضوع, وتطرّقت إليه من الناحية الشرعية في تقريرها التالي:-

 

مؤيد...معارض

 

الطالب حمزة أبو راس من الجامعة الإسلامية قال:"الاختلاط في الجامعات لا يمكن له أن يخدم المجتمع الفلسطيني, ولا القضية الفلسطينية، لأنه يفسد أخلاق الشباب ويتنافى مع تعاليم الإسلام الحنيف", مثمناً جهود الجامعة الإسلامية في منع ظاهرة الاختلاط والتزامها بالمحددات الشرعية.

 

ويرى أحد طلاب الجامعات المختلطة في قطاع غزة أن التعليم في الجامعة التي يرتادها "ممل ومتعب جداً، لأنني لا أستطيع حضور كافة المحاضرات بسبب الاختلاط الذي افسد أخلاق الكثير من الشبان", موضحاً أن منع الاختلاط في الجامعة الإسلامية جعلها تتصدر الجامعات الأخرى من حيث الالتزام والانضباط.

 

فيما كان لإحدى الطالبات رأي مخالف، فقد قالت سها:"هناك الكثير من الفوائد المترتبة على موضوع الاختلاط لما له من دور في تعزيز جانب المشاركة والتعاون بين الجنسين وقد يعمل على خلق فرص إبداعية لكلا الجنسين, ولا أرى من مانع للاختلاط لأن الفساد يوجد في كل مكان وغير مرتبط بهذا الجانب", داعية الجامعات التي تحظر الخلط بين الجنسين إلى إعادة النظر في الأمر وإعطاء المجال للمشاركة بينهما.

 

أما الطالب "تامر" من جامعة فلسطين، قال:"الاختلاط ظاهرة سيئة وتتيح مجالاً أكبر للفساد وإشغال الطلاب عن الدراسة والاهتمام بالجنس الآخر, مما يسبب مشاكل عدة نحن في غنى عنها", مطالباً كل الجامعات بأن تفصل بين الذكور والإناث" حتى لا تحدث المشاكل وأمور لا تحمد عقباها".

 

غير جائز ولكن...

 

الداعية الإسلامي صادق قنديل أكد أنه لا يجوز الاختلاط بين الجنسين وخصوصاً إذا كانوا من فئات الطلاب والطالبات،"لأن الاختلاط بين هاتين الفئتين ربما يلحق بالمجتمع الفلسطيني أضراراً كبيرة، فالاختلاط بين الجنسين في الشريعة الإسلامية محرم ومرفوض،ولكن ربما يظن البعض أن الاختلاط بين الجنسين محرم في الشريعة الإسلامية على الإطلاق، فأقول هنا إنه قد يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء في المؤسسات وفي المدارس وبعض الأمكان العامة وهذا لا يطلق عليه (الاختلاط المحرم)",مشيراً إلى أن التزام المرأة بالحجاب الشرعي والضوابط الإسلامية الشرعية العامة وكذلك التزام الرجل في دينه وأخلاقه وحسن المعاملة وطالما أنهما يؤديان ما عليهما من حقوق وواجبات تجاه الآخر من احترام وتقدير،"في هذه الحالة لا ينطبق عليهما قضية التحريم".

 

وأشار قنديل إلى أن الاختلاط المحرم، في أن يجلس الطالب إلى جانب الطالبة, مردفاً:" ويكون هناك اختلاط لا سيما في مرحلة المراهقة والحياة الجامعية لما له من أضرار كبيرة، ونلاحظ أن أكثر الجامعات التي تحدث فيها المشاكل والخلافات هي الجامعات التي تميل الى سياسة الاختلاط، بينما الجامعات الأخرى التي لا يوجد بها اختلاط خاصة في المجتمعات الإسلامية تسير الحياة التعليمية فيها دون أي خلل.

 

لا تسيئوا الفهم

 

وأضاف:"بعض الناس يكونون من دعاة الاختلاط، ويدعون أن الإسلام أباحه بمعنى انه أباح الاختلاط في قضية الطواف حول الكعبة بين الرجال والنساء، فإن هذا الاستدلال ليس في محله، لأن الإسلام عندما أمر بقضية الطواف فقد ربط الإنسان بمقام رفيع،فالرجل يشعر أنه يطوف حول الكعبة وكذلك المرأة تشعر بأنها في بيت الله، فلا يوجد في النفس المؤمنة التي تطوف حول بيت الله من الأمراض ومن الشوائب ومن تعلقات القلوب برجل او امرأة".

 

ونوه إلى أن الإضرار التي تنجم عن الاختلاط متعددة وخطيرة على المجتمع الفلسطيني, أهمها على المستوى الاجتماعي "لا سيما أننا نرى علاقة تنشأ بين طالب وطالبة يتم من خلالها تجاوز ما يخالف عرفنا وتقاليدنا الفلسطينية المنبثقة من شريعتنا الإسلامية, بالإضافة إلى هدم العادات والتقاليد والقيم الفلسطينية المنبثقة من المجتمع الفلسطيني", وعرج على بعض الآثار التي تتركها هذه الظاهرة على نفس الطالب أو الطالبة قائلاً:" فعندما يشعر الطلبة أنهم يعيشون في جو من الاختلاط،فإن ذلك يمحوا ما لديه من قيم ومشاعر تجاه الآخرين ويغلب على ظنه أنه في أي لحظه يستبيح هذا الموقف ويستبيح هذه العلاقة مع هذه الطالبة, ويفعل ما يشاء دون حدود وقيود".

 

وقال الداعية قنديل:" ونجد أن الإنسان الذي يقع ضحية الاختلاط ولا يهتم بقضية الدراسة معدله منخفض، ويهتم بالطالبات وينسى تعليمه،وقد يقيم علاقات مع إحداهن, ويحصل لديه نوع من الاهتزاز النفسي وعدم الثقة بالآخرين وبهذه الطالبة، وفي النهاية إذا استمر معها حياة جامعية استمرت سنة او سنتين لا يقبلها في آخر المطاف أن تكون زوجة له, لأنه يغلب على ظنه في النهاية أنها إذا استباحت لنفسها ان تنشأ علاقة معه، فإنه لا يمنعه في المستقبل إذا تزوجت من هذا الشاب ان تنشئ علاقة مع غيره, ولذلك هو لا يقبلها ان تكون شريكة له في حياته".

 

وأضاف أن بعض القائمين على الجامعات يدعون بأنهم لا يستطيعون أن يوفروا مكاناً لكل من الطلبة والطالبات, وأن يوفروا كذلك أكاديميين وفنيين, وأنهم مضطرين إلى الجمع بين الفئتين, معتبراً أن هذه المبررات غير مقنعة وليست في محلها, وأنه يجب عدم ربط الجامعات بسياسة فلسفة أشخاص، مضيفاً أن الجامعات الغربية أصبحت تفصل بين الجنسين في جامعات خاصة، لأن النتائج والدراسات أثبتت في النهاية أن الجامعات المختلطة ربما تحدث أضراراً كبيرة على المستوى القيمي والأخلاقي كما نشاهد ونسمع من خلال وسائل الإعلام.

 

الحد من الظاهرة

 

وأشار إلى أن سبل العلاج للحد من مشاكل هذه الظاهرة كمجتمع مسلم لا يريد أن يقع في هذه الظاهرة, وإذا كان قدر الله أن يسجل الطالب أو الطالبة في جامعة مختلطة, وتم قبوله في هذه الجامعة ولم يقبل في جامعة أخرى:"فنقول لهذا الشاب ولهذه الفتاة عليكما بالتحصين الإيماني والتربية الأخلاقية والالتزام بالدين الإسلامي حتى لا تقعان ضحية للاختلاط".

 

أما عن دور الأهل من هذا الجانب فنوّه إلى ضرورة المراقبة الحكيمة من قبلهم، وقال:" على الأهل أن يراقبوا الأبناء برشد وليس المراقبة التي تبحث عن كشف العورات وفقد الثقة عن هذا الشاب وهذه الفتاة، فيجب أن تكون هذه المراقبة بالدعوة والقناعة والتربية على تفاهم الواقع والتعامل مع المواقف بناء على الإسلام والالتزام بالدين والأخلاق, فإذا استخدمت هذه الوسائل يمكن لهذا الشاب وهذه الفتاة السير في حياة جامعية تخرج بسلام", لافتاً إلى دور الدعاة في هذا الجانب والذي يكمن في الترشيد والتوجيه للحد من الظاهرة وأضرارها "رغم أن الاختلاط مرتبط بسياسة الجامعات".