خبر هون عليك سيادة الوزير سليمان ولا تغضب ..مصطفى الصواف

الساعة 08:35 ص|18 مايو 2009

تناقلت وكالات الأنباء تصريحات على لسان وزير المخابرات المصري عمر سليمان، جاء فيها أن الاتفاق سيوقع وافقت فتح وحماس أو لم يوافقا وذلك في تموز( يوليو) القادم.

 

إن صح هذا النبأ عن سليمان، فالحقيقة التي يجب أن لا تُغضب الوزير، أن مثل هذا القول لا يحتمل إلا تفسيراً واحداً وهو أنك يا سيادة الوزير لا تصلح أن تكون راعياً للحوار، لأن من يريد أن يرعى حواراً يجب أن يكون صاحب نفس طويل، لا مستعجلاً ولا عصبياً، ويترك العنان لغضبه، وعليه أن يكون حيادياً وينظر بعين واحدة إلى كل الأطراف.

 

لن يكون هناك اتفاق مفروض على الشعب الفلسطيني، وإن لم يكن الاتفاق عن رضا وتوافق فلا أحداً يمكن أن يجبر أحد على تنفيذه حتى لو كان من يقف عليه أمريكا أو الغرب وليس العرب بضعفهم وتخاذلهم ومحاولتهم إنهاء القضية وحقوق الشعب الفلسطيني.

 

يا سيادة الوزير ليس هكذا تورد الإبل، فالمسألة أعقد مما تصور، والمطروح لا يشكل قاعدة للتوصل إلى اتفاق، والأوراق التي قدمتها للمتحاورين والتي تحدثت عنها وسائل الإعلام لن تؤدي إلى نتيجة، ما يطرح يشكل وصفة لحرب أهلية وليس لاتفاق ينهي الانقسام.

 

أما أن تعالج يا سيادة الوزير القضايا جملة واحدة وأن تكون معالجتها على قاعدة غزة والضفة ومصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه بعيداً عن المبادرة العربية أو شروط الرباعية أو الشروط الأمريكية، فلو كان المنطلق من هذا التصور لما احتجنا إلى هذه الفترة الزمنية من التحاور، وإذا استمر الحوار وفق تصوركم القديم وعلى نفس قواعد اللعبة القديمة فلن يكون هناك اتفاق، يجب أن يفهم الجميع ذلك.

 

أرجو يا سيادة الوزير أن توسع صدرك ولا تضيق ذرعاً بما يجري، ويجب أن تغير قواعد اللعبة، عندها سيكون النجاح حليف الحوار، وتكون عندها راعياً محنكاً ونيتك سليمة، ونحن لا نشك بصدق نوايا الجانب المصري في رغبته نحو إنهاء الخلاف والانقسام وعودة اللحمة، ولكن لا نريد أن يتم التوقيع على اتفاق غير ناضج وغير مرضٍ ولا يلامس الحقيقة وفيه تجنٍّ على الحقوق والمصالح، ليفشل في اليوم التالي أو الذي يليه، وأمامنا تجربة صادمة في اتفاق مكة.

 

نحن حريصون على سرعة التوصل إلى اتفاق ينهي نهاية حقيقية لجذور الخلاف، فلا تكونوا كالطبيب الذي يربط على الجرح دون أن يتم عملية التنظيف والتطهير؛ لأنه سرعان ما يلتهب ويفتح مرة أخرى ونحتاج إلى عملية ثانية وثالثة وهكذا، وهذا فيه مضيعة للوقت واستهلاك للأعصاب.

 

لقد أوذينا من هذه الحالة المرفوضة من قبل الجميع، ولكن لا نريد أن نعود إلى مربع القتل على الهوية أو الانتماء أو اللحية، ولا نريد أن نجعل من أجهزتنا الأمنية ذراعاً ثانياً للاحتلال، ولا نريد أن ننسى أننا شعب محتلة أرضه، وأن أمامنا عدواً بحاجة إلى وحدة الصف والهدف والوقوف إلى جانب الحق وتعزيز المقاومة لتحرير الأرض وعودة الحقوق.

 

لا تغضب سيادة الوزير ولا تفقد أعصابك، وتمتع بروح رياضية، قد تفشل هذه الجولة والجولة التي تليها، ولكن تأكد أن الطريق الوحيد نحو إنهاء حالة الانقسام هو الحوار المبني على قواعد متينة، ويحتاج صبراً أطول ويحتاج أيضا أن تضع يدك كالطبيب الماهر الحاذق على المرض ومكان الألم، شخص الحالة جيدا وستوفر على نفسك الوقت الكثير وستعالج الأمر بسرعة وإيجابية لا يختلف عليها اثنان.

 

الخلاف كبير كما تعلم، والقضايا شائكة، ولا تجعل من الوقت سيفاً مسلطاً على رقبة الحوار، سنبني بيوتنا من طين بشكل مؤقت طالما أن هناك منعاً عربياً لدخول الحديد والأسمنت، وسنصلي في مساجدنا تحت سعف (الجريد) و(شوادر) بلاستيكية أو نحيك أقمشة مستعملة، وسنواصل الحياة، ولكن لن نقبل التفريط بالحقوق أو أن نتحول إلى مشروع لحماية أمن الاحتلال.