خبر بدء حملة إسرائيلية ضد قطر .. الهدف منها لجم كاميرات ومراسلي « الجزيرة »

الساعة 05:40 م|17 مايو 2009

فلسطين اليوم : بيت لحم

برغم أن دولة قطر كانت من أوائل البلدان الخليجية التي كسرت تابو المقاطعة العربية – الإسلامية وأقامت الروابط مع إسرائيل واستقبلت جهاراً نهاراً وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني والرئيس الإسرائيلي الحالي شمعون بيرس، فإن تل أبيب لم تغفر للدوحة قيامها باستضافة القمم والاجتماعات التي هدفت لحل خلافات وأزمات المنطقة.

* ماذا تقول المعلومات:

أعد الخبير الأمريكي تسيفي ماتسيل ورقة بحثية حملت عنوان «الجزيرة وقطر: إمبراطورية الإخوان المسلمين الظلامية». وعلى خلفية هذه الورقة يمكن الإشارة إلى النقاط الآتية:

• يعتبر الخبير ماتسيل من كبار الدبلوماسيين الإسرائيليين الذين سبق أن لعبوا دوراً رئيسياً في صنع واتخاذ القرار في السياسة الخارجية الإسرائيلية المرتبط بالشأن العربي، وقد سبق وعمل سفيراً إسرائيلياً في رومانيا ومصر والسويد، ويتولى حالياً منصب الإشراف على موقع مركز أورشليم الخاص باللغة العربية.

• تم نشر الورقة البحثية بواسطة مركز أورشليم لشؤون العامة وهو من المراكز ذات التوجهات الليكودية في التعامل مع ملفات السياسة الإسرائيلية الداخلية والخارجية وبالتالي فإن خبراء هذه المراكز يلعبون دوراً رئيسياً في صنع قرارات حكومة ائتلاف الليكود – إسرائيل بيتنا الحالية.

• تقع الورقة في ستة صفحات تطرقت للموضوع من خلال مقاربة بحثية ركزت على استخدام ستة مفاهيم وإسقاطها تحليلياً ضمن ستة محاور.

وتأسيساً على ذلك نلاحظ أن الورقة البحثية تكتسب أهميتها على أساس اعتبارات أن تقاليد عملية صنع واتخاذ القرار في السياسة الخارجية الإسرائيلية تتضمن قدراً من التطابق والتماثل مع أسلوب منظمات اللوبي الإسرائيلي في الأثير على صنع قرار السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية وبكلمات أخرى يتضمن الأداء السلوكي لعملية التأثير على صنع واتخاذ القرار الخطوات التماثلية التي تنتظم ضمن سيناريو أوراق بحثية بواسطة مراكز دراسات تليها حملة إعلامية ثم تحركات برلمانية وحكومية مع ملاحظة ترافق كل النقلات التي تحدث في مشاهد هذا السيناريو بالمعلومات والتقارير الاستخبارية والمعلومات المفبركة بما يشكل المحفز الأساس للتصعيد والتعبئة المعلوماتية الكاذبة التي تدعم حملات بناء الذرائع وتضليل دوائر صنع واتخاذ القرار والرأي العام المحلي والإقليمي والدولي.

* ماذا تقول الورقة البحثية: مقاربة المنظور والدلالة؟

ربط عنوان الورقة البحثية بين قناة الجزيرة ودولة قطر ثم أضاف صفة حاولت التأكيد منذ البداية على الربط بين دولة قطر ومفهوم ظلامية إمبراطورية الإخوان المسلمين. والمفاهيم التي سعت الورقة إلى ضبطها ومقاربتها ضمن مجرى البحث:

• الوجود المكثف في دولة قطر للعناصر المرتبطة بالإخوان المسلمين والذي يرجع تاريخه إلى بدايات النصف الثاني من القرن العشرين بافتراض أن الموجه الأولى من هذه العناصر جاءت قطر خلال عام 1954 بعد حملة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ضد الإخوان المسلمين في مصر ثم جاءت الموجة الثانية من سوريا بعد أحداث عام 1982 ثم جاءت الموجة الثالثة مؤخراً من المملكة العربية السعودية بعد أحداث 11 أيلول 2001.

• في عام 1995 نجح الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر في الصعود إلى السلطة وكان أحد أهم أهدافه إنشاء قناة الجزيرة في العام 1996 التي تتمتع حالياً بمشاهدة 60 مليون شخص.

• سعت القناة في البداية لشن الحملات ضد إسرائيل ثم كثفت حملاتها ضد الولايات المتحدة الأمريكية خلال حرب أفغانستان وحرب العراق إضافة إلى تركيزها المستمر في التأكيد على دعم الانتفاضة الفلسطينية ويوجد ارتباط وثيق بين بن لادن وقناة الجزيرة بدليل أن القناة كانت دائماً خيار بن لادن المفضل لبث شرائطه تسجيلاته الصوتية.

• خلال مرحلة غزو العراق اتهم الأمريكيون قناة الجزيرة بأنها تقف إلى جانب الرئيس العراقي صدام حسين وبعد احتلال العراق ظلت القناة تستخدم أسلوب التغطية الإعلامية الإيجابية لصالح المسلحين في العراق، وخلال حرب صيف العام 2006 في جنوب لبنان وقفت القناة إلى جانب حزب الله، كما وقفت إلى جانب حركة حماس في حرب غزة الأخيرة.

• قدر مصدر مصري بأن حوالي 50% من طاقم الجزيرة ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وأكد المصدر أن قطر تستضيف القواعد العسكرية الأمريكية جنباً إلى جنب مع استضافتها عناصر الإخوان المسلمين وقد مكنها ذلك من تفادي غضب واشنطن وتفادي غضب البلدان العربية والحركات الأصولية الإسلامية، وحالياً أصبحت قناة الجزيرة بمثابة إحدى الوسائل الرئيسية لطموحات أمير قطر الذي يحاول توظيفها في ممارسة التأثير والنفوذ في الشرق الأوسط.

• بسبب وقوف جماعة الإخوان المسلمين إلى جانب إيران إضافة إلى قيام هذه الجماعة بشن الحملات ضد الحكومات العربية المعارضة إيران، فإن قناة الجزيرة أصبحت بالضرورة تمثل إحدى الأدوات الرئيسية الداعمة لإيران.

بعد تحديد المفاهيم الرئيسية سعت الورقة إلى ضبط هذه المفاهيم ضمن السياقات الآتية:

• قيام قطر بتقديم الملاذ لعناصر الإخوان المسلمين إضافة إلى قدوم هذه العناصر من مصر عام 1954 وسوريا عام 1982 والسعودية بعد 11 أيلول 2001، وظلت قطر تستقبل المزيد من عناصر الحركات الأصولية وبالذات من الفلسطينيين والأردنيين والعراقيين واليمنيين.

• نفوذ العناصر الإسلامية في قطر: بسبب التواجد المكثف لعناصر الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية الأصولية في قطر فقد تشكلت على خلفية ذلك كتلة أصولية ضمت المزيد من القطريين الذين تأثروا بهذه العناصر وبمرور الوقت نجحت هذه الكتلة في التأثير على العديد من مفاصل والهياكل المؤسسية المعنية بعملية صنع واتخاذ القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي القطري.

• انقلاب القصر القطري: خلال فترة تواجد عناصر جماعة الأخوان المسلمين في قطر فقد سعوا إلى بناء الروابط والتحالفات داخل الأسرة المالكة القطرية وكان الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني احد أبرز الذين تأثروا بخطاب جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات الإسلامية. وبالفعل عندما صعد الشيخ حمد إلى السلطة عام 1995 وجدت عناصر جماعة الإخوان المسلمين والعناصر الإسلامية القطرية الباب مفتوحاً أمام العمل بحرية أكبر في الساحة القطرية، وكان من أبرز ما قامت به هذه العناصر الإسلامية إنشاء قناة الجزيرة وتوظيفها في شن العمليات النفسية ضد إسرائيل وأمريكا والدول العربية الحليفة لأمريكا وعلى وجه الخصوص تلك التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل.

• المظلة العسكرية الأمريكية: تستضيف قطر حالياً عدداً كبيراً من المنشآت العسكرية الأمريكية إضافة إلى المنشآت العسكرية التي أقامتها واشنطن في قطر فقد حولت واشنطن العديد من منشآتها العسكرية التي سبق أن أقامتها في السعودية وبالنتيجة فقد أتاح التمركز العسكري الأمريكي في قطر للسلطات القطرية وضيوفها الإسلاميين البقاء بمنأى عن دائرة الاستهداف الأمريكي.

• قناة الجزيرة أداة التفوق النوعي الإعلامي القطري: بسبب التطورات المتسارعة في تكنولوجيا الاتصالات والأجهزة الفضائية والرقمية فقد نجحت قناة الجزيرة في جعل قطر تحصل على تفوق نوعي إعلامي غير مسبوق على النحو الذي رفع من وزن وأهمية قطر في الساحة الإقليمية والدولية.

• التسويق السياسي – الإعلامي المعادي للغرب: نجحت قطر في استخدام قناة الجزيرة لشن واحدة من أكبر حملات التسويق السياسي – الإعلامي ضد إسرائيل والولايات المتحدة والغرب وبسبب إدراك واشنطن لحجم الضرر الكبير الذي أصابها بواسطة القناة القطرية فقد سعت إلى شن حملة تسويق سياسي – إعلامي مضاد بواسطة قناة "الحرّة" التي أنشأتها واشنطن للوصول إلى توازن في الردع الإعلامي مع قناة الجزيرة القطرية.

• أين يوجد صوت الإخوان المسلمين؟ حيث تستخدم الجماعة قناة الجزيرة ضمن استراتيجية تقوم على مبدأين، الأول يتمثل في تفادي استخدام القناة ضد السلطات القطرية، والثاني تركيز فعالية القناة لاستهداف واشنطن وتل أبيب والغرب والبلدان العربية الحليفة لمحور واشنطن – تل أبيب.

• الحرب الإعلامية الشاملة ضد إسرائيل: ظلت قناة الجزيرة تركز في شن حربها الإعلامية الشاملة ضد إسرائيل على المحاور الآتية:

- دعم حركة حماس التي تحارب إسرائيل وفي الوقت نفسه التقليل من شأن السلطة الفلسطينية وحركة فتح اللتان تتفاوضان مع إسرائيل.

- دعم حزب الله اللبناني الحليف لسوريا والمعادي للغرب وفي الوقت نفسه التقليل من شأن القوى اللبنانية الأخرى الحليفة للغرب والمعارضة لسوريا وحزب الله.

- التقليل من مصداقية واشنطن وإسرائيل.

- التقليل من مصداقية حكومات المعتدلين العرب.

- دعم الأطراف الأوروبية التي تنتقد إسرائيل وفي الوقت نفسه التقليل من شأن الأطراف الأوروبية المساندة لإسرائيل.

• قناة الجزيرة وتهديد الاستقرار الإقليمي: استطاعت قناة الجزيرة الإفلات من كل المحاولات التي سعت لتحجيمها وتقويم أدائها وحالياً لم تعد قناة الجزيرة تعمل ضمن سياق الإعلام القطري وإنما أصبح الإعلام القطري كله يعمل ضمن سياق قناة الجزيرة وإذا استمر الحال على ما هو عليه فمن المتوقع أن يأخذ الإعلام العربي مسار العمل ضمن سياق قناة الجزيرة وذلك على النحو الذي سوف لن يؤدي إلا إلى عدم الاستقرار الإقليمي.

نلاحظ أن الورقة البحثية الإسرائيلية قد ركزت على استخدام قناة الجزيرة كورقة أساسية في عملية بناء الذرائع لجهة إدانة النظام القطري ولكن ما لم تسع الورقة للإشارة إليه هو جهود النظام المصري الدبلوماسية الوقائية التي هدفت إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي. وبالتالي فإن الهدف غير المعلن الذي سعت الورقة الإسرائيلية لتحقيقه يتمثل في الآتي:

• استبدال جهود قطر الهادفة إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي بصورة تسعى إلى تنميط قطر باعتبارها تهدد الاستقرار الإقليمي.

• العمل على تقليل شأن الدبلوماسية الوقائية القطرية وذلك بما يجعل من قطر التي استضافت مؤتمرات الصلح والتوافق بين الأطراف العربية إلى مجرد دولة تقوم باستغلال العناصر الإسلامية المتطرفة.

• التقليل من شأن مساعي قطر السابقة التي أعطت فيها الإسرائيليين الفرص للتعامل والتواصل مع  الأطراف العربية ولكن وبعد أن تأكد الجميع من مدى سوء نوايا وسوء سلوك الإسرائيليين السياسي في الساحة الإقليمية فقد سعت قطر إلى قطع هذه الروابط وإنهاء الفرصة، ونلاحظ أن الورقة لم تقل أن قطر استقبلت وزيرة الخارجية الإسرائيلي والرئيس الإسرائيلي ومكتب الاتصال الإسرائيلي وإنما ركزت على التأكيد على أن قطر تستضيف العناصر الإسلامية المتطرفة وقناة الجزيرة التي تستخدمها هذه العناصر في شن الحملات النفسية – الإعلامية ضد إسرائيل وأمريكا والغرب وحلفائهم المعتدلين العرب.

من المتوقع أن تظهر لاحقاً بعض الأوراق البحثية المماثلة والتي تسعى إلى تحقيق الأهداف نفسها وسوف لن يكون صدور هذه الأوراق بواسطة مراكز الدراسات الإسرائيلية وإنما بواسطة مراكز الدراسات الأمريكية المرتبطة باللوبي الإسرائيلي وهو أمر سوف تغطيه بعض الحملات والتي قد يلجأ فيها اللوبي الإسرائيلي إلى محاولة تحريك الكونغرس الأمريكي من أجل الضغط على الحكومة القطرية لكي تفرض القيود على قناة الجزيرة خاصة وأن جرائم نتينياهو – ليبرمان القادمة من الصعب القيام بها في ظل وجود وانتشار كاميرات ومراسلي الجزيرة.