خبر حكومة فيّاض الثانية .. شروط التكليف والتأليف .. عريب الرنتاوي

الساعة 04:45 م|17 مايو 2009

بقلم: عريب الرنتاوي

قد يتراءى للرائي أن رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور سلام فيّاض يجد نفسه في وضع لا يحسد عليه، بعد أن انقلبت فتح عليه وانفضت من حوله القوى الرئيسة التي حملته على أكتافها وغذّته من رصيدها، ووفرت لحكومته شبكة أمان مكنتها من العيش لعامين تقريبا بعد أن كان مقررا لها أن تبقى في سدة تصريف الأعمال لشهرين فقط على أبعد تقدير، وفقا لروح القانون ونصوصه، وهذا أمر صحيح ظاهريا فقط، إلا أنه لا يعكس سوى جزء من الصورة والمشهد.صحيحّ أن فتح انقلبت على رئيس وزراء حكومة رام الله، وهددت بالانتقال إلى المعارضة إن هو صدع لأمر الرئيس وشرع في تشكيل حكومة ثانية، الجبهة الشعبية رفضت مبكرا الاشتراك في حكومة على شطر من الوطن، وهي التي لم تشارك في حكومات سابقة كان الوطن بكل مساحته، من ضمن ولايتها - نظريا على الأقل - حزب الشعب الفلسطيني رفض المشاركة في حكومة فياض الثانية، مفضلا التوافق على استرتيجية وطنية للمرحلة المقبلة، على الدخول في لعبة توزيع الكراسي وتلبيس الطواقي، المبادرة الوطنية ومعها عشرات الشخصيات المستقلة، وكثير منها قريب سياسيا على فيّاض، ترفض المشاركة وتبدي زهدا لافتا في المنصب الوزاري.حتى السيدة حنان عشراوي، الشريك الوحيد لفيّاض في قائمة الطريق الثالث والمجلس التشريعي، رفضت المشاركة في حكومته الأولى، وهي ترفض المشاركة في حكومته الثانية، وتنشط في إطار التجمع الوطني للشخصيات المستقلة الذي يراد له أن يملأ فراغا وأن يسد فجوة بين القبطين الرئيسين: فتح وحماس.وإذا أضفنا هؤلاء جميعا إلى قائمة الخصوم التقليديين لفيّاض وحكومته من حماس والجهاد والفصائل الثمانية في دمشق، وعشرات الشخيصيات والمؤسسات، فإن السؤال الذي سيطرح نفسه بإلحاح هو: من الذي تبقى لفيّاض من الفصائل والقوى الفلسطينية الرئيسة؟ وهل ثمة من يدعم إعادة تكليف فيّاض، غير الرئيس عباس والجبهة الديمقراطية وعدد من بقايا "الانشقاقات الفصائلية" كبقايا "النضال" و"التحرير" و"فدا" التي لا يتعدى نفوذها ما تبقى من أعضاء هيئاتها القيادية؟.لكن الصحيح كذلك هو أن ضعف القاعدة الشعبية والدعم الفصائلي لحكومة تصريف الإعمال، لا يعني للحظة واحدة، أنها باتت "آيلة للسقوط"، أو أن فرص إعادة انتاجها قد انعدمت أو تراجعت كثيرا، فهذه الحكومة اعتمدت منذ اليوم أول على دعم رئاسة السلطة ومن تبقى من لجنة منظمة التحرير التنفيذية، وفرضت نفسها على "الداخل الفلسطيني" بقوة "الخارج" ودعمه وإسناده، وجميع هذه الشروط التي جاءت بالحكومة أول مرة، ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، وهي مرشحة للاستمرار في المدى المنظور، مبقية معها الباب مفتوحا لاستمرار الحكومة وإعادة انتاجها وتوسيعها وتجديدها، فالذين جاؤوا بالحكومة وأمّدوها بكل أسباب الديمومة، لا تعنيهم من قريب أو بعيد أسئلة الشرعية أو الشعبية.وعندما سيعلن في القاهرة عن فشل آخر جولات الحوار الوطني، وهذا أمر مرجح على أية حال، ستزول بعض تحفظات بعض فتح على فيّاض وحكومته، وستكون إعادة التكليف والتأليف، الوسيلة الأنجع للرد على "غلو حماس وارتباطاتها الخارجية ونزوعها الانقلابي"، وسيجد أنصار نظرية "الخطر الإيراني المشترك" أن الأولوية هي لمنع وصول "الملالي وصبيانهم" إلى رام الله وبيت لحم، وأن الحكومة الحالية بأجهزتها المالية والأمنية وشبكة تحالفاتها وصداقتها الدولية، هي الطرف الأنسب والأفعل، لمقاومة نفوذ حماس واستئصاله من مختلف مناطق الضفة الغربية، وأمام مهمة "مقدسة" كهذا، ستتساقط جميع التحفظات تباعا، ولن يلتفت أحد إلى تحفظات عزام الأحمد واشتراطاته أو يلقي بالاً لمواقف بسام الصالحي شديدة الكياسة والتهذيب.