خبر الموعد الثاني لبيبي..هآرتس

الساعة 09:16 ص|17 مايو 2009

بقلم: الوف بن

رحلة النصر لبنيامين نتنياهو الى واشنطن، بعد فوزه في الانتخابات في 1996، ستذكر بانها الزيارة الاكثر هذيانا برئيس وزراء اسرائيلي الى امريكا. نتنياهو أخذ في حينه الى سفريته ليس فقط زوجته سارة وطفليهما، يئير وآفنر، بل وايضا مجموعة كبيرة من نشطاء الليكود، رؤساء البلديات واعضاء المركز. في الوقت الذي زار فيه نتنياهو البيت الابيض والكونغرس، قاد مستشاره السياسي شموليك كوهين رجال الحزب في باص لجولة سياحية. وقد أخذوا انطباعا اقل من المواقع والهندسة وطلبوا ان يأخذهم الى جولة مشتريات.

نتنياهو زار في حينه واشنطن ليومين فقط، ولكنه برز في كل سبيل ممكن: المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس بيل كلينتون، الخطاب امام المجلسين مجتمعين، حيث تنازل على نحو مفاجىء عن المساعدة الاقتصادية لاسرائيل، الظهور المغطى اعلاميا في "نادي الصحافة الوطني"، وجبة العشاء الكبيرة في السفارة. كان له سبب يدعوه الى الاحتفال: فقد هزم في الانتخابات شمعون بيرس، الذي كان المرشح المفضل على كلينتون وجاء ليشرح للامريكيين بان عليهم أن "يغيروا القرص".

من واشنطن انطلقت الحاشية الى نيويورك، حيث نزلت عائلة نتنياهو في الفندق الفاخر ستان هوب امام سنترال بارك. وسائل الاعلام احتفلت: الصحافيون بعثوا بمراسلين خاصين لمرافقة "العائلة الملكية"، على نحو منفصل عن تغطية المضامين السياسية للزيارة. بيبي وسارة لم يخيبا الامل حين اجريا جولة مصورة في الحديقة.

اليوم يبدأ نتنياهو زيارته الاولى الى واشنطن كرئيس وزراء عائد وخلفية المسرح مغايرة تماما. الحاشية مقلصة، سارة وبضعة مساعدين، بدون سياسيين واعضاء مركز. حتى الطفلين بقيا في البلاد. الجدول الزمني يبدو كزيارات العمل القصيرة لارئيل شارون وايهود اولمرت الى واشنطن. لا خطابات، وجبات واسعة المشاركين او مؤتمر صحفي، باستثناء الصورة القصيرة والتقليدية مع الرئيس براك اوباما في البيت البيض. ولا زيارة الى نيويورك.

هكذا يبدو نضج رئيس الوزراء. فهو رجل علاقات عامة اقل وبقدر أقل من دعم العلاقات العامة مما كان في صعوده الاول الى الحكم. ولكن رغم الاختلافات في التغليف، المضمون مشابه. في 2009، مثلما في 1996، نتنياهو يريد أن يري بان بوسعه أن يصل الى البيت الابيض وان يطرح هناك مواقفه المعروفة من عهد المعارضة والحملة، وان يخرج من هذا بسلام. هذه المرة ايضا، مثلما في المرة السابقة، سيستضيفه رئيس يرغب في أن يحث المسيرة السلمية، ونتنياهو سيطلب منه ان يبطىء. في عهد كلينتون تحدث نتنياهو عن "التبادلية" في العلاقات مع الفلسطينيين. اما الان فهو يطلب من الفلسطينيين ان يعترفوا باسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي.

كلينتون لم يحب نتنياهو ورأى فيه مبتزا وخصما سياسيا. ولكن رغم العلاقات المتوترة، قادت ادارة اوباما نتنياهو نحو توقيع اتفاقين مع ياسر عرفات: اتفاق الخليل ومذكرة واي. ثلاثة رؤساء وزراء في اسرائيل في العقد الاخير لم يحققوا مثل هذا الوابل من الاتفاقات السياسية. الدرس واضح: ليس مهما ما يقوله نتنياهو غدا للكاميرات في البيت الابيض بل ما يفعله عند عودته الى البلاد. مواقفه ومعتقداته ليست حاجزا امام قراراته، وهو قادر على أن يتنكر لما قاله من قبل، مثلما اظهر في مداولات الميزانية الاسبوع الماضي. رئيس الوزراء يفهم التعلق الاسرائيلي بامريكا والذي تعمق فقط منذ ولايته السابقة ولن يخاطر بالعلاقات في مواجهة صاخبة مع اوباما.

اوباما استبق نتنياهو بسلسلة رسائل حازمة، اعربت عن عدم الراحة من مواقف الحكومة الجديدة في اسرائيل وهو سيستقبل نتنياهو بالابتسام وسينصت الى مواقفه. ولكنه سيوضح له انه لن يتخلى عن "حل الدولتين" وانه في الموضوع الايراني سيتعين على اسرائيل أن تسير على نفس الخط مع امريكا، وليس العكس. نتنياهو سيحاول اقناعه بان ينسق الوتيرة السياسية مع قدرة استيعاب الائتلاف الحالي في اسرائيل.

لقاؤهما غدا يجب أن نراه كخطوة اولى في مسيرة طويلة، سيحاول فيها اوباما جر نتنياهو الى صفقة مع الفلسطينيين وطي مشروع الاستيطان في الضفة الغربية. نتنياهو سيحاول ان يحصل في المقابل على يد امريكية قاسية مع ايران، ويستأنف التنسيق السياسي والامني بين اسرائيل والولايات المتحدة. نجاحه سيتبين فقط في الاشهر القادمة.