خبر « الطفل الداعية ».. بين الحاجة ومحظورات الممارسة

الساعة 12:29 م|15 مايو 2009

فلسطين اليوم : غزة

عقب انتهاء المصلين من أداء صلاة العشاء في أحد المساجد شق صفوفهم طفل لم يتجاوز من العمر اثني عشر عاما،ً وأخرج ورقة من جيبه وشرع بإلقاء درس كان قد سمعه من أحد كبار العلماء، وأثناء ذلك ذكر حديثاً موضوعاً لم ينتبه أحد من المصلين إليه، وأخذوا يتداولونه فيما بينهم، ومنهم من أخذه كحكم شرعي على مضمونه..وهو ما لوحظ في بعض المساجد والدروس، حيث اعتلاء بعض الأطفال للمنابر بهدف تأهيلهم للعمل الدعوي، وكذلك ظهورهم عبر الفضائيات الإسلامية بإفراد مساحة لهم في البرامج الدينية عن طريق إظهارهم كمذيعين يحاورون حفظة القرآن الكريم.

 

هل تأهيل الأطفال وإقحامهم في العمل الدعوي ضرورة؟، وما المخاطر الناتجة عن هذا الأمر؟، وما الضوابط التي يجب مراعاتها؟ "فلسطين" أجابت عن هذه التساؤلات في تقريرها:

 

شروط وضوابط

 

د. نسيم ياسين عميد كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية، قرن قيام الطفل بواجب الدعوة إلى الله بضوابط وشروط لا بد أن تتوافر فيه، وتتمثل في أن يكون متمكناً وتربى تربية إسلامية وأن يدرك ما يقوله، ويمارس الدعوة بشكل خاص، لا على المنابر أو في حلقات العلم الكبيرة.

 

وقال د. ياسين في حديث:" الدعوة مفروضة على العقلاء والبالغين، فالداعية يجب أن يكون قدوة حسنة للمدعوين، فإن وجدنا شابا أو طفلا نابغا تربى تربية إسلامية وله تأثير على الناس فيمكنه القيام بالوعظ وإرشاد الناس".

 

وبين أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يمارسون الدعوة وهم صغار، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يدعو عبد الله بن عباس وهو شاب يافع لمجالس الكبار، وكان أفقه من كثير من كبار الصحابة في الجانب الدعوي والفقهي والعلمي، وكذلك عمرو بن سلمة رضي الله عنه كان يحفظ القرآن وهو في السادسة من عمره ويؤم قومه.

 

ميّزات

 

وأضاف د.ياسين:"لممارسة الطفل للدعوة عدة ميزات منها أنه يؤثر على الناس بشكل أكبر ويمكنه أن يشجع من هو أكبر منه على الالتزام بذات النهج، كما يجبره على الالتزام بما يدعو الناس إليه".

 

ولكن ممارسة الطفل للدعوة لا تخلو من الجوانب السلبية والتي ذكرها د. ياسين بقوله:"تتمثل السلبيات في غرور الطفل بنفسه وريائه للناس وعدم قدرته على تنفيذ ما يدعو الناس إليه وهذا ما سيؤثر على القدوة الحسنة "، منوهاً إلى أن الطفل لا يستطيع أن يتقن اللغة العربية بشكل كبير وهذا ما يوقعه في كثير من الأخطاء.

 

وأشار إلى أن الطفل الداعية ليس لديه مخزون فقهي وثقافي كبير وتنقصه التجربة والخبرة الواسعة التي يجب أن تتوافر لدى الداعية، وعدم معرفته الحديث الصحيح من الموضوع وبذلك يمكن أن ينشر روايات موضوعة بين الناس، كما لا يمكن للطفل أن يتلمس واقع المجتمع وبالتالي لا يستطيع أن يتحدث عن مشاكلهم.

 

الأصل

 

د.رمضان الزيان رئيس هيئة الافتاء الشرعية بجامعة الأقصى، أوضح أن ممارسة الطفل للدعوة إلى الله وُجدَ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، مستدلاً بما قاله عمرو بن سلمة في صحيح البخاري: قال النبي صلى الله عليه وسلم صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلوا صلاة كذا في حين كذا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقى من الركبان فيقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنوات".

 

وأكد أن إمامة الصلاة يجوز أن يقوم بها الطفل إن كان الأكثر حفظا لكتاب الله، وقال: "فالأصل في قيام الطفل بالدعوة إلى الله امتلاكه للعلوم الشرعية الذي سيتحدث بها"، مشيراً إلى ضرورة تأهيل الطفل قبل ممارسته للدعوة.

 

وبين أن لممارسة الطفل للدعوة سلبيات كثيرة منها عدم تطبيق ما يقوله ويدعو الناس إليه، وعدم تمكنه من الأحكام الفقهية وعدم فهمه لما يقول، وكذلك صعوبة إدراكه للقضايا المستجدة، والاستنباط، والاجتهاد.

 

وشدد على أن الطفل الداعية يجب أن يتابع من قبل العلماء، وأن يدربوه حتى يبلغ فيتغلب على كل المشاكل التي تواجهه، لافتاً إلى أن الناس يتعظوا بشكل كبير من الأطفال ويتأثرون بهم نظراً لصغر سنهم.