خبر اوباما صديق حقيقي..هآرتس

الساعة 09:17 ص|15 مايو 2009

بقلم: زئيف شترينهال

 من يعود للولايات المتحدة لاول مرة بعد انتصار براك اوباما الكبير لا يمكنه ان لا يلاحظ فورا الانقلاب الهادىء الحاصل هنا: جدول الاعمال القومي قد تغير، والنقاش الشعبي اصبح مغايرا والهزلية المحافظة الجديدة تبدو وانها قد زالت عن الحياة اليومية، والافق المسدود لايام بوش قد اخترق. لذلك سيحسن قادة اسرائيل صنعا من اليمين ومن اليسار لو قرأوا بتمعن سيرة براك اوباما الذاتية.

 

      وبالفعل من الصعب وصف مسارات حياة وفلسفة وعقلية متباينة اكثر من تلك لرئيس امريكي ولقادة الحكم الاسرائيلي. ان كانت هناك انماط سلوك لا يمكن لاوباما ان يرتاح لها باقل تقدير، فهي بالتحديد تلك التي تميز نهج الساسة الاسرائيليين. من شمعون بيرس مرورا بايهود باراك وبنيامين نتنياهو وايهود اولمرت حتى افيغدور ليبرمان، يميل الاسرائيليون لرؤية احادية البعد للعالم وعقيدة لا تتزعزع بصدقهم دائما وفي اي شرط وسخريتهم من الاضعف منهم وفي نفس الوقت غرقهم بسهولة بدموعهم الذاتية. الاسرائيليون مثل الاولاد المدللين يعتقدون انهم يستحقون كل شيء وفورا. ولكن من المحظور ان نقع في الخطأ هنا: اوباما ليس داعية تبشيرا ولا يحمل الاحلام، الا ان تجربة حياته باعتباره ابنا اسود لام احادية الوالدية علمته انه ليست هناك معطيات ابتدائية سيئة لا يوجد سبيل للتغلب عليها. الفرق الاكبر بينه وبين رونالد ريغان هو انه يعرف ان العالم كما هو ليس بالامر الوحيد الممكن والاجحاف الاساسي القائم به ليس ظاهرة طبيعية.

 

      اوباما ينفر من الفلسفة التي يقوم فيها نظام قائم بالدوس على الضعفاء واعتبار ذلك طبيعيا وشبه مثالي. هو يعتقد العكس: النظام القائم بربري ومن الواجب تغييره بقوة الرغبة والتمسك بمبادىء العدالة. العدالة بالنسبة له ليست طوباوية خيالية وانما شيئا عمليا جدا وقابلا للتحقيق. خريج كولومبيا وحامل درجة القانون من هارفرد لم يذهب لجني المال مثل نتنياهو واولمرت ولم يقض كل حياته في الاجهزة الحكومية والحزبية مثل بيرس. هو اختار الاكتفاء بمستوى حياة على حدود الفقر وان يكون "منظما" اجتماعيا. ليس مجرد عامل جماهيري يسعى للتخفيف من المعاناة وانما شخصا "ينظم" غبار الانسان ويحوله الى قوة اجتماعية ويجمع شتات الافراد المنبوذين المعرضين للقمع، اشخاصا حتى لا تستطيع النقابات المهنية الوصول اليهم لانهم لا يعملون. في احياء الفقر في شيكاغو تعلم اوباما ان من المممكن الحصول على الانجازات فقط من خلال تجميع القوة واستغلالها بصورة ذكية. يحدونا الامل بان يتصرف على هذا النحو في الساحة الدولية ايضا.

 

      ان لم يحدث قريبا شيء دراماتيكي ستشهد علاقات الولايات المتحدة واسرائيل انعطافة تتلائم مع الروح الجديدة الناشبة من البيت الابيض. لا يمكن لاوباما ان يدع حكومة نتنياهو – ليبرمان – باراك بان تخادعه وتناوره. جورج بوش ايضا لم يكن احمقا وادرك ان الاسرائيليين يتحايلون عليه الا ان هذا التكساسي شارك في اللعبة عن طيب خاطر: اليمين الاسرائيلي المحافظ المدمن على الرأس مالية الهوجاء كان قريبا من قلبه وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم الانسانية ونهب اراضيهم لم يقلقه او يقض النوم من مضجعه. في المقابل سيكون من الصعب على اوباما ان يبيع الفكرة القائلة بانه ليست هناك فقط امكانية وانما ايضا ليست هناك حاجة لتغيير الواقع في المناطق. من المنطقي الافتراض ان رجل القانون اللامع قد ادرك منذ زمن بان الادعاء الاسرائيلي الحقيقي يرتكز على الافتراض بان للشعبين حقوقا متكافئة ربما ولكن ليس على نفس الامور: هذا النهج المحافظ القديم الذي كان دائما محببا على قلوب كل العنصريين تمخض عن الليبرمانية وهي الان اساس الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي. ان كان هناك اليوم في الغرب سياسيون يتسبب هذا الادعاء المترافق بمطلب اسرائيل بالسيادة الوحدانية على البلاد بنفورهم العميق – فالفتى الاسود من هاواي هو واحد منهم.

 

      في حقيقة الامر، ادارة اوباما هي ادارة مؤيدة لاسرائيل اكثر من الادارة السابقة لانها تدرك حقيقتين اساسيتين: اولاان المصلحة الاسرائيلية ليست متماثلة فقط مع المصالح الاستيطانية وانما مخالفة لها وثانيا هو يطالب كل الاطراف بالاعتراف بنهائية الوضع الذي تشكل في ختام حرب الاستقلال. مغزى هذا المطلب هو ان العرب يتنازلون عن حق العودة بينما تنسحب اسرائيل من المناطق التي احتلتها في حرب الايام الستز هذا مبدأ بسيط وعادل ومتكافىء ويقوم على التبادلية. الان لم يتبق الا تفعيله من دون خوف ومن دون مواربة.