خبر نتنياهو واللقاء «الغامض» مع ملك الأردن ..حلمي موسى

الساعة 06:28 ص|15 مايو 2009

 

قبل ثلاثة أيام من موعد لقائه بالرئيس الأميركي باراك أوباما، عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، اجتماعا مع الملك الأردني عبد الله الثاني في القصر الملكي في عمان، بحسب المصادر الإسرائيلية. ويكمل هذا الاجتماع دورة اللقاءات التي خطط نتنياهو لعقدها مع زعماء عرب قبيل لقائه بأوباما. وبدا أن المقطع الناقص في هذه الدورة هو لقاء نتنياهو بالرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يبدو أنه وضع اشتراطات لمثل هذا اللقاء.

وكان نتنياهو قد اجتمع الاثنين الماضي في شرم الشيخ بالرئيس المصري حسني مبارك. غير أن اجتماعه بالملك الأردني في عمان، وخلافا لاجتماع شرم الشيخ، تم سرا وبشكل مفاجئ. وقد تضاربت الأنباء في البداية حول ما إذا كان اللقاء قد عقد في عمان أم في العقبة مما يؤكد الغموض الذي أحيطت به الزيارة. كما أبعد الأردنيون اللقاء عن أنظار وسائل الإعلام ولم تنشر الحكومة الأردنية سوى صورة واحدة عن اللقاء.

ولا ريب أن نتنياهو يأمل في أن تسهل هذه اللقاءات مهمته في التوصل إلى تفاهم مع أوباما يحول دون تصعيد الخلاف بين الدولتين حول مبدأ الحل الإقليمي. وتشير الصحف الإسرائيلية إلى أن نتنياهو قرر أن يحمل معه إلى العاصمة الأميركية خطة سياسية جديدة سوف تبحث وتقر في الحكومة خلال اليومين المقبلين قبيل سفره إلى واشنطن. وكان نتنياهو قد كشف الخطوط العامة لخطته بحديثه عن مكوناتها الثلاثة: السياسية الاقتصادية والأمنية.

ورغم الإيحاءات التي أشاعها المقربون من نتنياهو حول أن زيارتيه إلى مصر والأردن قبل الولايات المتحدة تظهر حسن نيته تجاه «جيران إسرائيل»، فإن آخرين يعتقدون أنه يجمع بهذه الزيارات نقاط قوة في خلافه مع الإدارة الأميركية. ويرى هؤلاء أنه يحاول الإفادة من قلق المصريين والأردنيين من حماس والدور الإيراني والتأكيد بأنه يدير حوارات ومفاوضات مع الجانب العربي. وفي كل الأحوال فإن هذه الزيارات تقع في دائرة الصيغة المثالية التي بلورها نتنياهو لكسب الوقت.

وأشارت الأنباء الإسرائيلية إلى أن معظم اللقاء بين عبد الله ونتنياهو كان على انفراد ومن دون مساعدين. ولكن الصورة التي وزعتها الحكومة الأردنية تشير إلى أنه في جانب من اللقاء حضر رئيس الديوان الملكي ناصر اللوزي ووزير الخارجية ناصر جودة.

وأعلن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن «رئيس الحكومة ينظر بأهمية بالغة إلى لقاءاته مع الرئيس المصري والملك الأردني». وأشار إلى أن نتنياهو والملك عبد الله اتفقا على مواصلة الحديث بينهما بعد عودة نتنياهو من العاصمة الأميركية. وقال نتنياهو لعبد الله أن «هناك حاجة لإشراك دول المنطقة وأقسام أخرى من العالم العربي في عملية السلام وتوسيع دائرة السلام».

وأوضح المعلقون الإسرائيليون أن الأردن تعامل بنوع من الإهانة العلنية مع زيارة نتنياهو سواء بالغموض الذي أحيطت به، أو بالبيان الرسمي حول ما تم فيها. لكنهم أشاروا إلى أن اللقاء الفعلي كان أفضل من الانطباعات الناشئة. وفي وقت لاحق تحدث نتنياهو لوسائل الإعلام وقال أن اللقاء كان جيدا وأن هناك أساسا لعملية السلام في المنطقة حيث هناك مصالح مشتركة. وقال أنه في أحاديثه مع قادة مصر والأردن بحث سبل إحياء العملية السلمية.

وكانت وكالة الأنباء الأردنية قد أشارت إلى أن الملك عبد الله الثاني أكد خلال لقائه مع نتنياهو أن حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وفق المرجعيات المعتمدة، خصوصا مبادرة السلام العربية، هو شرط تحقيق السلام في المنطقة. وأضافت أنه شدد على أن إسرائيل لن تحصل على الأمن والاستقرار إذا لم يحصل الفلسطينيون على حقهم في الدولة والعيش بسلام وأمن. وطالب الملك بأن تعلن الحكومة الإسرائيلية فورا التزامها بحل الدولتين وقبول مبادرة السلام العربية واتخاذ الخطوات اللازمة للتقدم نحو الحل.

وذكرت الوكالة أن الملك طالب خلال المباحثات بوقف كل عمليات الاستيطان والخطوات التي تستهدف تغيير الحقائق على الأرض ورفع الحواجز وإنهاء الحصار والدخول فورا في مفاوضات جادة مع السلطة الوطنية الفلسطينية للوصول إلى حل الدولتين في أسرع وقت ممكن. كما أنه شدد على ضرورة وقف إسرائيل كل الإجراءات والحفريات والخطوات الأحادية في القدس والتي تهدد الأماكن المقدسة وتستهدف تغيير هويتها وتفريغها من أهلها العرب المسلمين والمسيحيين.

وأشارت الوكالة إلى أن الملك الأردني حذر رئيس الحكومة الإسرائيلية من أن المنطقة تواجه مرحلة حرجة تستوجب عدم التلكؤ في العمل من أجل إنهاء الصراع على أساس انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة ووفق مبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الشرعية الدولية. وخلص الملك الأردني إلى أن مبادرة السلام العربية توفر فرصة تاريخية لتحقيق السلام الشامل الذي يضمن الحقوق العربية ويوفر الأمن والقبول لإسرائيل، محذرا من أن تفويت الفرصة السانحة لإنهاء الصراع سيهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها.

وبدا جليا أن البيان الأردني تجاهل ما قاله رئيس الحكومة الإسرائيلية أثناء اللقاء. ورأت مصادر إسرائيلية أن ذلك يعود لاعتبارات أردنية داخلية. وشددت هذه المصادر على أن كل ما أبداه نتنياهو في اللقاء مع الملك هو اهتمامه بتقدم العملية السلمية وأهمية محاربة المتطرفين والقلق من تعاظم حماس والمخاوف من إيران.

وأعلن نتنياهو في ختام الاجتماع أنه ينوي تطوير العملية السياسية مع الفلسطينيين وقال «سوف أعمل لتغيير الواقع على الأرض ولدي خطة بهذا الشأن. وسوف أعمل في ثلاثة مسارات متوازية: أمنية واقتصادية وسياسية، ولن يكون أحدها على حساب الآخر. فالتطوير الاقتصادي لن يأتي على حساب العملية السياسية».

وقال إن القلق الإسرائيلي العربي المشترك من طموحات إيران النووية « ظاهرة جديدة» تتيح الفرصة «لتعاون غير مسبوق» بين إسرائيل والدول الإسلامية، وهي رسالة من المحتمل أن يكررها نتنياهو في الولايات المتحدة.

أما الملك عبد الله فأعلن أن المنطقة تعيش حاليا مرحلة حرجة تستدعي نشاطا مكثفا لإنهاء النزاع, على قاعدة الأرض مقابل السلام. واعتبر أن المبادرة العربية توفر فرصة تاريخية لتحقيق السلام الشامل الذي يعيد الحقوق العربية ويمنح الأمن والشرعية لإسرائيل. وحذر من «أننا إذا ضيعنا هذه الفرصة فسوف نقع تحت خطر المساس بأمن واستقرار المنطقة».

تجدر الإشارة إلى أن الملك الأردني سيجتمع أيضا يوم الأحد المقبل مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الذي يحاول تسويق حكومة نتنياهو لدى الأنظمة العربية وفي العالم. وتأتي زيارة بيريز للأردن في إطار «منتدى دافوس» الذي يعقد في الأردن سنويا على شاطئ البحر الميت.