"فاروق ".. زف للحور العين قبل يومين من موعد زفافه!

الساعة 09:01 م|03 نوفمبر 2022

فلسطين اليوم

لم يعلم الشهيد فاروق سلامة ابن مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، بعملية الاغتيال المترصدة التي نفذتها قوة خاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، ضده أثناء تحضيره لإتمام زفافه المقرر يوم السبت المقبل، حيث حولت العُرس من فرح إلى ترح وبكاء وصراخ عمّ عائلته وأصدقائه والمخيم.  

الشهيد سلامة البالغ من العمر (28 عاما) الذي أدرج سلطات الاحتلال اسمه في وقت سابق على قائمة الاغتيالات بدعوى تنفيذه عمليات فدائية، أطفأت عملية اغتياله التي تمت بالتعاون مع جهاز "الشباك" وتسببت أيضًا باندلاع اشتباكات ووقوع إصابات في أزقات المخيم، فرحه الدخول بالقفص الذهبي بعد أن أتم تجهيز كافة مستلزماته. 

وفي بيان لوزارة الصحة الفلسطينية، أعلنت استشهاد سلامة بعد أن وصل بحالة حرجة للغاية إلى مستشفى جنين الحكومي، وقد أصيب برصاص الاحتلال الحي في البطن والصدر والرأس.

كما وأعلنت استشهاد شاب آخر وهو محمد خلوف (15 عامًا)، وإصابة 4 فلسطينيين أيضا بجروح طفيفة بالرصاص الحي، بينهم طفل يبلغ من العمر 8 أعوام.

وكان خبر استشهاده كالصاعقة على أفراد عائلته وكل من يعرفه، حيث توجهت والدته الخمسينية هنية، إلى المستشفى، للتأكد من النبأ الذي كانت تتوقعه، وتقول في الممرات بعد التحميد: "وين العريس، كويتلك البدلة ياما".

وبعد أن أخذ الأشقاء والأقارب بمواساة والدة الشهيد تخفيفًا عليها من صدمة المشهد والتي كانت تحضر في بيتها مع شقيقاتها وبناتها لفرحة القفص الذهبي، قالت وهي تبكي: "جهزت حلو العرس ياما". ودعت رفقاء دربه بالمضي على طريق فاروق في التصدي لجرائم للعدو.

ويعد الشهيد العريس سلامة، أحد قادة كتيبة جنين لـسرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، الذي تلاحق قوات الاحتلال مقاوميها، وتقتحم مناطق جنين الذي يبلغ عدد ساكنيه ما يزيد عن 27 ألف مواطن من أجل إيقاع قتلى بين صفوفه مجاهديها واعتقالهم، وصولاً إلى تفكيكها.

إلا أن القوات المقتحمة والمعززة بالآليات والجيبات العسكرية المصفحة، دائمًا ما تصطدم بالمقاومين الموزعين في الأزقة كافة، وتندلع اشتباكات في معظمها يعلن الاحتلال وعبر وسائل إعلامه العبرية عن وقوع قتلى وإصابات بين صفوف جنوده.

وخلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شهدت مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلتين (3665) انتهاكاً للاحتلال ومستوطنيه، استشهد خلالها (30) مواطنًا وأصيب (720) آخرين.

وبحسب تقرير دوري صادر عن مركز المعلومات الفلسطيني "معطى"، فإن أبرز تلك الانتهاكات اغتيال (3) مقاومين من أفراد مجموعات عرين الأسود، أثناء اقتحام وحدات خاصة في جيش الاحتلال مدينة نابلس ليلا، إضافة إلى (27) مواطنا، منهم (5) أطفال، استشهدوا برصاص قوات الاحتلال والمستوطنين.

وذكر أن الاحتلال اعتقل خلال هذه الفترة (517) فلسطينيا خلال اقتحامات ومداهمات بالضفة والقدس، وعبر الحواجز المنتشرة.

الشهيد الأسير والمطارد سلامة، ومحمد خلوف ابن بلدة برقين، نعتهما فصائل المقاومة الفلسطينية كافة، في بيانات منفصلة، وأكدت، أن المقاومة هي الطريق الخلاص والأوحد في تحرير أرض فلسطين.

وعلى إثر ذلك، أعلنت كتيبة جنين، حالة الاستنفار في صفوف مقاتليها، وقالت إن "العدو لن ينعم لا بالأمن ولا بالأمان، وسيدفع ثمن جرائمه".

وبعد تنفيذ عملية الاغتيال، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال : إن "سلامة كان يتعاون مع مجموعة "عرين الأسود" وتم اعتقال 5 مطلوبين آخرين يعملون معه". وفق زعمه.

وأضاف المتحدث، في بيان له، أن عملية اغتيال سلامة نفذت بالتعاون مع الشاباك، بعد معلومات دقيقة حول نواياه تنفيذ عملية كبيرة ضد قوات الجيش.

ووجه لسلامة تهمة المشاركة في عملية قتل الضابط نعوم راز منذ أشهر في جنين، ونشر صورة للأسلحة التي كانت بحوزته.

تشييع فاروق سلامة

مساء اليوم،  شيّعت جماهير غفيرة جثماني الشهيدين سلامة، وخلوف، حيث انطلق موكب التشييع الشهيد سلامة من مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي، نحو شوارع جنين، وسط هتافات داعية للثأر والعمليات وتصعيد المقاومة.

وتعهد متحدثون باسم المقاومة، خلال تأبين الشهيد، بإكمال المشوار في مقاومة الاحتلال والرد العاجل والسريع، مشدّدين على أن هذه الجريمة "لن تمر مرور الكرام".

وكان جيش الاحتلال قد أطلق خلال الفترة الماضية، حملات أمنية وعسكرية واسمها "كاسر الأمواج" و "جز العشب" في إشارة إلى منع تمدد البقعة الجغرافية والاجتماعية لمجموعات وكتائب المقاومة لتشمل مناطق أوسع في الضفة والقدس.

أهداف العملية العسكرية

من جهته، قال المحلل السياسي عدنان الصباح لـ"وكالة فلسطين الإخبارية": إن "تركيز جيش الاحتلال في عملياته العسكرية في شمال الضفة والقدس، تأتي في إطار الخطط الاستعمارية التهويدية الهادفة إلى تقسيم أوصال الضفة إلى خمس كاتونات معزولة عن بعضها البعض".

ويضيف المحلل أن الاحتلال يهدف إلى تنفيذه المشاريع والمخططات التهويدية المعروفة باسم خطة ألون ونجوم الخمس التي أعلن عنها رئيس وزراء الاحتلال الأسبق يائير شارون.

ويوضح أن هذه الخطط الإسرائيلية  تستند على تقطيع مناطق الضفة التي تبلغ مساحتها الإجمالية 5,860 كم² إلى مناطق تفصلها البؤر الاستيطانية والطرق الالتفافية والحواجز العسكرية بالإضافة إلى فصلها عن قطاع غزة.

كما أن بنودها تهدف إلى وصل المستوطنات في الداخل المحتل فيما بينها بشبكة طرق متواصلة، وحواجز، حسبما يشير الصباح.

ويعتقد أن فشل هذه المشاريع مرهون على وحدة صف الشعب الفلسطيني ومقاومته لها والتصدي لاعتداءات وانتهاكات جيش الاحتلال، والصمود بالأرض.

وصاغ رئيس وزراء الاحتلال إيغال آلون، خطته التي عرفت بـ"خطة آلون، بعد فترة وجيزة من حرب 1967 في يونيو 1967، وتهدف إلى تقسيم الضفة الغربية بين "إسرائيل" والمملكة الأردنية الهاشمية، إقامة دولة درزية في هضبة الجولان الواقعة تحت الاحتلال، وإعادة غالبية شبه جزيرة سيناء إلى السيطرة العربية.

وتهدف أيضًا إلى ضم معظم غور الأردن من النهر إلى المنحدرات الشرقية لحافة تلال الضفة و"القدس الشرقية"، وكتلة "عتصيون" إلى "إسرائيل". كما أن هدف خطة شارون تطابق مع خطة آلون مع إضافة بنود أخرى.

ويتابع صباح: إن " المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تريد من هذه المواجهة، أن تكون قصيرة الأجل بحيث لا يتورط الجيش في معركة عسكرية واسعة مع المقاومة".

كما وأضاف أن "الضفة التي بدأت في تشكيل كتائب ومجموعات مسلحة تضم مئات المقاومين، ستشهد مزيدًا من المواجهات والعمليات الفدائية ضد الجيش ومستوطنيه، وكذلك في مدينة القدس".

ويرجح صباح، ظاهرة العمل المسلح وتشكيل كتائب ومجموعات، إلى الممارسات الإسرائيلية وخصوصًا التوسع الاستيطان، وجرائم القتل والدمار الممنهجة ضد المدنيين العزل.

كلمات دلالية