خبر مخيم شعفاط...23 ألف لاجئ بانتظار العودة إلى القدس...

الساعة 09:03 ص|14 مايو 2009

مخيم شعفاط...23 ألف لاجئ بانتظار العودة إلى القدس...

       

 

القدس المحتلة: فلسطين اليوم

الرحلة إلى مخيم شعفاط في القدس المحتلة لم تكن بالأمر المستحيل، فالمخيم و الذي خلفه الجدار وراءه باتجاه الضفة متاحا لأهل الضفة ممن لا يحملون الهوية المقدسية...

 

و أن كان الأمر متاحا فهو لم يكن سهلا على الإطلاق فبسبب فالجدار أيضا و الذي أحاطه من جهاته الثلاثة فأن الوصول إليه يحتاج إلى سفر لساعات و التنقل من حاجز إلى أخر.حاله كحال باقي قرى و بلدات القدس التي خرجت خارج الجدار العازل.

 

و مخيم شعفاط ليس كمثله أي من المخيمات الفلسطينية و التي أقيمت في المعظم في عام النكبة أو بعد ذلك بعام واو اثنين، و إنما أقيم بعد النكبة ب 20 عاما كاملة، لسبب غير مفهوم لسكانه ال3500 نسمة آنذاك...

 

تهجير بعد هجرة...

 

ففي العام 1948 خرجت العائلات والتي تعود أصولها إلى 56 قرية فلسطينية واقعة في محيط القدس بالإضافة إلى مدينتي اللد والرملة، مخيم شعفاط و استقر بها الحال بعد لجوء لأكثر من أربعة أعوام في مدن الضفة الغربية والداخل الفلسطيني في حارة الشرفا في البلدة القديمة في القدس، و التي لم تكن قد وقعت بيد الاحتلال بعد، اعتقادا منهم أنها النقطة الأقرب للعودة إلى قراهم، و بقي الحال على ذلك حتى عام 1966 عندما فرضت عليهم وكالة غوث و تشغيل اللاجئين "الاونروا" وبالاتفاق مع الحكومة الأردنية في حينها الانتقال إلى ارض المخيم، بحجة ان المنطقة لا تتوفر فها الشروط الصحية الملائمة لعيش اللاجئين.

 

و بالقوة و التهديد نقلت الوكالة اللاجئين إلى شعفاط حيث لا ظروف صحية أفضل حالا من ذي قبل بل على العكس، كان الوضع أكثر سوءا كما يقول خضر الدبس، مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم:" ظروف التي كان يعيشها اللاجئين في مدينة القدس كانت أفضلا حالا والخدمات المقدمة لهم من الوكالة كانت أحسن، والوحدات السكنية التي سلمت للمواطنين بدلا عن تلك التي كانوا يسكنوها في القدس كانت أفضل بكثير".

 

و بالفعل انتقل لاجئي حارة الشرفا إلى المخيم وبدأت فصولا جديدة من المعاناة والتي كانت أكبرها أن الوحدات السكنية التي كانوا يسكنون فيها في حارة الشرفا بالقدس احتلها اليهود و سكنوا فيها بعد اقل من عام،بعد احتلال اسرائيل للشق الثاني من القدس، و بدل اسم الحارة من "الشرفا" إلى " حارة اليهود".

 

يقول أبو راجي " 72 عاما" من قرية النبي داوود القريبة من القدس "عندما انتقلنا من حارة الشرفا إلى المخيم قالوا لنا أن الخدمات التي سنتلقاها هنا أفضل حالا، و لكن تفاجئنا بمستوى الخدمات السيئة، وكانت الطامة الكبرى عندما سمعنا بعد اقل من عام أن اليهود احتلوا منازلنا و سكنوا فيها، شعرنا بالخديعة حينها".

 

عمارة في عمارة...

 

و الداخل إلى المخيم يلحظ بوضوح حجم الاكتظاظ في المباني و السكان على حد سواء، فعلى نفس المساحة التي سكن بها 3500 نسمة و هي 203 دونما يسكن حاليا 23 ألف نسمة:" الاونروا ترفض توسيع مساحة المخيم إلا بقرار و موافقة من السلطة الحاكمة، و بلدية الاحتلال والذي يقع المخيم تحت سلطتها بالكامل حسب اتفاقيات اسلوا ترفض ذلك، و تمنع في المقابل أي تدخل للسلطة الوطنية في المخيم".

هذا الاكتظاظ والذي يسمح كما يقول الحاج ابو راجي للسكان بالعيش في بيوت غيرهم " بإمكاني شرب القهوة مع جاري وكلا منا في بيته...فلا يفصلنا عن بعضنا البعض سوى شباك"، هذا الاكتظاظ جعل المواطنين التوسع بالبناء بشكل عمودي، وبلا مساحات فاصلة بين العمارات والمساكن، حتى أن البناء قفز إلى مساحات المخصصة للشوارع في المخيم.

و حتى هذا الخيار، "البناء العمودي" لم يحل المشكلة كثيرا، الامر الذي جعل الالاف من العائلات تتوسع باتجاه حي رأس خميس، وحي رأس شحادة و هو ما تعتبره سلطات الاحتلال غير مسموح قانونيا، وبناء عليه تلاحق المواطنين بقرارات الهدم لهذه المنازل:" ارض المخيم غير مهيئا للبناء العمودي، فلا يوجد تنظيم هيكلي لها، ومن هنا لجأ السكان للتوسع العمراني باتجاه راس خميس و شحادة، والتي الخاضعة البلدية الاحتلال ولا تقدم فيها ايه خدمات تذكر فيما عدى خدمة هدم المنازل و فرض الغرامات المالية العالية عليهم"، قال خضر الدبس.

 

هذا الواقع خلق العديد من المشكلات الاجتماعية والصحية لأهالي المخيم، من عنف اسري و فساد أخلاقي وزواج مبكر للإناث و انتشار المخدرات بين فئة الشباب وتدني مستوى الخدمات التعليمية، إلى جانب ارتفاع مستوى البطالة و الذي وصل بحسب الدبس إلى أكثر من 30% من سكان المخيم.

 

يدفنون في القدس...

 

و الأهم من كل ذلك، الجدار والذي يهدد السكان بالفصل الكامل عن مدينتهم التي لا زال لديهم الحق الموت بها، بعد حرمانهم حق العيش فيها.

 

يقول أبو راجي:" المدفن الرئيسي لأهالي القرية هو مدافن باب الساهرة في مدينة القدس الأمر الذي يجعلنا وهو ما يطمئننا اننا سنعود الى المدينة و لو بعد حين، إلا أن الجدار يهددنا بسلب هذا الحلم منا أيضا".

 

و بحسب الخطط الإسرائيلية فأن أهالي المخيم الحاملين للهوية المقدسية، في حال الانتهاء من بناء الجدار ستسحب منهم هذه الهويات ليكونوا كغيرهم من سكان القرى والبلدات التي عزلها الجدار، بلا هوية ولا عنوان.