خبر نحن معنيون بهذا المؤتمر../ رشاد أبوشاور

الساعة 02:16 م|13 مايو 2009

 

13/05/2009  09:30 

 

والـ( نحن) هنا، تعود على الشعب الفلسطيني، وكّل فرد ينتمي له.

فهذا المؤتمر السادس الذي تروج أنباء يوميّة عن قرب انعقاده، يُفترض أن يُنقذ فتح، ويخرجها من حالة الترهل، ويجدد حيويتها، ويضّخ الدم في عروقها، ويكون نقطة انطلاق تدفع بها من جديد لتأخذ دورها في قيادة الشعب الفلسطيني، التي كانت انطلاقتها عام 65 بعمليات العاصفة جناحها العسكري، وعدا له بالحريّة، بالكفاح المسلّح، والمقاومة، والتي بالمساومة دخلت، وأدخلت القضيّة، في مأزقها الحّاد الراهن، الذي يهدد بتصفيتها بسبب ما جلبته مسيرة ( أوسلو) المشئومة.

 

لا يخّص المؤتمر السادس ( فتح) التي أخذت مجدها من الانتساب لفلسطين، ومن دم شعب فلسطين، وتضحياته، ومّما قطعته على نفسها منذ بلاغها العسكري الأوّل، ولذا فنحن نتابع، ونعرف، ونرى، ونسمع، ولا يخفى علينا شيء من النوايا المستترة، وما يُطبخ للحركة، والقضيّة الفلسطينيّة.

 

المؤتمرات في حياة الأحزاب، والحركات الثوريّة، لا بدّ أن تكون محطّات تجديد، لاستئناف المسيرة، وهذا لا يكون بغير قراءة جديّة نقديّة للمرحلة التي أفلت، ووضع العلامات الهاديّة للمرحلة المقبلة، لأن ( العفويّة) و( الارتجال)، لا تقود سوى إلى الفشل والخراب.

 

على ضوء الخطط والبرامج والتوجّه السياسي، يتّم اختيار القيادات، وتبنى المؤسسات، فهل يتّم التحضير لمؤتمر فتح السادس انطلاقا من رؤية ثقل المهمات الوطنيّة الملقاة على فتح، والتي تشكّل التحدي والامتحان الذي سيحدد الفشل و..النجاح؟!

 

لو بدأنا من داخل فتح تنظيميّا، نسأل: هل هناك أطر تنظيميّة صارمة في فتح؟ هل هناك قيادات أقاليم منتخبة ؟ هل هناك مؤسسات حقيقيّة فاعلة؟ هل هناك رقابة ؟ هل ستقف فتح عند التأثير السلبي لقيادة ( الفرد)، وتحكمه بالقرارات، وما جرّه هذا على الحركة من أمراض؟

 

هل يمكن أن تبقى فتح مهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينيّة، بحكم العادة، وعجز الآخرين، وتبعيتهم، بينما هي مترهلة، والمنظمة نفسها على شاكلتها، مّما يعني غياب القيادة، والمرجعيّة، للشعب الفلسطيني؟!

هل سيُسمع صوت قواعد فتح المغيّبة في هذا المؤتمر، وكيف؟

سياسيّا، ووطنيّا: من يتحمّل مسؤوليّة ما جرّه (أوسلو) على الشعب الفلسطيني، على الأرض في الضفة، والقدس، وغزّة؟

من يتحمّل مسؤوليّة تفشّي الفساد، والنهب، وانعدام المحاسبة؟!

هل ما زالت فتح حركة مقاومة؟ وهل ترى أن الكفاح المسلّح هو الشكل الأبرز لتحرير فلسطين، أم أنها ستقرر التخلّي عن المقاومة نهائيّا، وتكريس ( قيادة) خيارها التفاوض، ولا شيء غير التفاوض؟!

 

هل المؤتمر السادس مؤتمر تغيير ثوري ينتفض على حالة الترهل، والتفكك، والتغييب، وهيمنة الأجهزة، والتبعيّة لقيادة السلطة، أم تراه مؤتمر انتخابات، تقفز من خلاله مجموعة ( مارقين) لتستولي على الحركة، وتسرق قرارها، وترفع اسمها يافطة تمضي تحتها لتنفيذ مخططات تصفية القضية الفلسطينيّة بحجّة الواقعية، والرهان على (إدارة) أوباما، وبدعم من جهات عربيّة رسميّة تُلهي الأمّة بمعركة مع (عدو) آخر غير (إسرائيل)، هي إيران تحديدا؟!

 

ما نسمعه، ونراه، ونتابعه، بصدد مؤتمر فتح السادس لا يطمئن أبدا، فاللعب كله يدور حول ( تزبيط) أعضاء ينتخبون من يتلمظون على المناصب القياديّة، وتحديدا اللجنة المركزيّة، وبحجّة تجديد شباب الحركة.. أي تجديدها بيولوجيّا، وكأن الصراع هو صراع أجيال، لا أفكار وبرامج، وصراع أشكال.. من أكثر وسامة، وأناقة.. وكأن شعبنا ينتظر (ترافولتات)، أو أشخاصا يشبهون (حلاّقي) صالونات النساء، أو عارضي أزياء!

 

مع التذكير بأن هؤلاء الأشخاص الذين يردون إلى خواطر القرّاء، يكتسون ببدلات هي من مال الشهداء والأيتام والأرامل، ويركبون سيارات، وينزلون في فنادق ليس من عرق جبينهم، ولا من أموال تركها لها آباؤهم البسطاء ممن عاشوا في المخيمات تحت الخيام، كما عشنا مع آبائنا وأمهاتنا!

 

مؤتمر هاجس من يّعدون له ..الانتخابات، و..تكريس نهج ( أوسلو) ستكون نتائجه كارثيّة على فتح أولاً، وقد تنجّر على المنظمة، وعلى القضيّة الفلسطينيّة.

لهذا نحن مهتمون، وينبغي أن نهتم، ونتدخل، ونرفع الأصوات، حاضين على استعادة فتح لأصالتها، وريادتها، وروحها الكفاحيّة القتالية التي كان وقودها تضحيات ألوف الفلسطينيين الذين سقطوا في أتون المعارك من الأغوار إلى بيروت إلى غزّة إلى الضفّة والقدس، وفي عمق فلسطين في حيفا، ويافا، والرملة، وأراضينا المحتلة منذ عام 48...

 

نفض فتح لحالة الترهل، وتطهيرها لصفوفها، ستنعكس على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينيّة، وإنجاز الوحدة الوطنيّة، لأن فتح لا تتجدد سوى باستعادة روحها الكفاحيّة، ونهج المقاومة الذي سينهي حقبة أوسلو وما سببتها من تيه، وضياع، وخسارة، وفشل...

 

اتخاذ القرار بعقد مؤتمر فتح السادس في (الداخل) بحجّة تعذّر انعقاده في مصر، أو الأردن، هو ابتزاز، ومزاودة، وفي حال الإصرار عليه، فسيؤدي إلى شّق الحركة، ليس بين داخل و.. خارج، ولكن بين من يسرقون الحركة، ويمضون بها على نهج ( أوسلو)، وتكريس تغييب منظمة التحرير، وإبقائها كيانا شكليا مشلولاً، وبين من خيارهم الذي لا خيار لهم غيره ، هو العودة لمنطلقات فتح، وروحها الكفاحية، وخيار الوحدة مع كل من يرفض الاستمرار في الرهان على المفاوضات، والتساوق والارتهان لوعود إدارة أوباما، ورغم رفض حكومة ونتينياهو _ ليبرمان، ولو بوعد بدولة فلسطينيّة، مع الاستمرار في نهب المزيد من الأرض في الضفّة، وابتلاع القدس، والحفر المتواصل تحتها بحيث سنرى يوما غير بعيد ، كما تشير الوقائع، مدينة يهودية بأبنيتها، وحدائقها_ هل سمعتم بإنشاء سّت حدائق تحيط بالقدس؟- و..هيكلها؟!.

 

منذ أيّام وأنا أستذكر كتاب (الثامن عشر من بروميير) لكارل ماركس، الذي كتبه بعد أن استولى نابليون الثالث- ابن شقيق نابليون- على الحكم في فرنسا، ونصّب نفسه إمبراطورا، بالاعتماد على ( حثالة) باريس، أي مخلوقات قاع المدينة من مرتزقة، وبلطجيّة، وزعران...

عاب ماركس على الأمة الفرنسيّة العريقة أن تخضع للمارق نابليون الثالث، وكأنها فتاة ساذجة غريرة، يخدعها ويسرق شرفها أوّل عابر أفّاق مغامر!

 

أذكّر بأن أشخاصا بعينهم، طمعوا في وراثة (عرفات) وهو في ( المقاطعة) برام الله، وأن هؤلاء يتربصون بفتح، والمنظمة، ويتهيأون للانقضاض على القيادة، على اعتبار أنهم إن وضعوا أيديهم نهائيا على فتح، فسيضعونها على المنظمة، وهكذا يقفزون على قيادة الشعب الفلسطيني العظيم المضحي الثائر منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا!!

 

هؤلاء لهم ( رعاتهم) ، وممولوهم، وداعموهم، فهم مطلوبون لتصفية القضية الفلسطينيّة، وهم تمّ إبرازهم منذ بدأت مسيرة أوسلو المشئومة، ونصّبوا في مواقع أمنيّة، وأبرزوا، فأرهبوا، وسلبوا، واغتنوا، واشتروا ذمما، وعاثوا فسادا، ولا يزالون...

 

مؤتمر فتح السادس يهمنا، لأن انعكاساته على قضيتنا ستكون كبيرة، إيجابا أو سلبا، فهي إمّا ستسهم في إخراج الحركة الوطنيّة من مأزقها، أو ستفاقمه.. ولا عذر لمن لا يرفع صوته في فتح، أو خارجها، إن تمزّقت فتح، أو استولى على قرارها أفاقون ..لا أحد يجهلهم، ويجهل المهمة التي أعدّوا لها!