خبر أيمن خالد يكتب : القضية الفلسطينية تدخل عصر الطوائف

الساعة 07:09 ص|13 مايو 2009

أغرب ما تواجهه الساحة الفلسطينية اليوم، هو تحول الأحزاب والفصائل الفلسطينية إلى ما يشبه الطوائف، وهي حالة فريدة من نوعها، مع دخولها إلى الساحة الفلسطينية، يكون ناقوس الخطر قد دق، وفتح الباب على مصراعيه أمام ما هو قادم في الأفق.

 

لم يعد هناك ما نسميه نوعاً من العشائرية، أو حتى الفصائلية المقيتة، فقد تجاوزنا الأمر خلال السنوات القليلة الماضية، ليصبح الفصيل في حراكه الداخلي والخارجي، يشبه إلى حد بعيد، الحركة والسكون داخل الطائفة الواحدة، ومعلوم أن الطوائف، لا تستند في فلسفتها اليومية إلى منطق العقل والفلسفة والعلوم وكل أدوات المعرفة، لأن ذلك محظور بالمطلق، فهي فقط تستند على الموروث المقدس، الذي لا ينبغي مجرد التفكير فيه أو تجاوزه. من هنا، ما تكتسبه الفصائل الفلسطينية اليوم من حراكها، أنها تُدخل القضية الفلسطينية هذا الجو المغلق، فلا يسمح مطلقا أن تجري حركة النقد الطبيعية داخل الفصيل أو خارجه، ولا يحق لأي إنسان أن يمس أي فصيل بأي ملاحظة سياسية، ولا يسمح قادة الفصائل أن يستمعوا لبعضهم البعض، فالجميع مقدس فوق الجميع فوق الآراء فوق كل احتمالات البشر.

 

أيضا يصبح القادة هم ملهمون للآخرين، وتصبح لغتهم هي اللغة المعتمدة، وكلامهم فوق كل كلام، ولن  يكون هذا داخل الفصيل الواحد، بل على الشعب الفلسطيني أن يستوعب هذه المعادلة، فالمسألة برمتها هي حالة من التعاطي الطائفي مع الحزب أو الفصيل، فلا تصبح هذه الفصائل تملك ما تعطيه، ويصبح هاجسها الأكبر، هو هاجس الطوائف الصغيرة في الكون عبر التاريخ، وهو الخطر القادم من الخارج، فتنكفئ على نفسها، وتنغلق، ولا تصبح تفكر بالمطلق بالقضية التي نعيشها والمأساة التي تنتقل معنا من حال إلى حال.

 

عموما، نحن استفدنا من الأحزاب العربية في تجربتها السياسية، لأن الأحزاب العربية سبقتنا إلى لغة الطوائف هذه، فبعض هذه الأحزاب لا يزال يندب على روح مؤسسه، ولم يتمكن من انجاز أي شيء بعد رحيل مؤسسه غير انه حافظ على اسمه، وهذه الصورة لا تختلف بين الأحزاب القومية والماركسية، فلا احد لديه برنامج عمل للمرحلة، لكن الجميع يحافظ على ذكريات الماضي المقدسة برموزه غير العاديين.

 

الخطر ليس من تقديس هذه الأحزاب لرموزها، ولكنه من باب واحد، وهو أن هواجس السياسة وهموم الكرسي، عمليا تعمل على الإسراع بحالة تعيشها اغلب الفصائل، وهي حالة الشيخوخة السياسية المبكرة، وبالتالي نصبح في واقعنا أمام تماثيل مقدسة، سنسير وراءها وسط حالة من (الصم البكم)، لأن الفصيل أصبح طائفة لا يسير فيه إلا ما انطبق على منهج الطوائف.

 

نحن لم نعد نفكر بروح القبيلة، فالقبيلة كانت دائما تبحث عن تحالفات لكي تكبر وتدافع عن نفسها، وأما نحن فأصبحنا نعيش عصر الطوائف، لأن الطائفة لا تستطيع أن تعيش إلا بمفردها، كما أن الطائفة في اغلب الأحيان، ليس لديها برنامج عمل لبقية الطوائف، فالكل تحكمه لغة الاستئثار.

 

هل نحن أمام عصر الطوائف السياسية، وهل فصائلنا تحولت إلى طوائف.