خبر السعوديون والمسألة الفلسطينية ..د. محمد صالح المسفر

الساعة 12:20 م|12 مايو 2009

ـ القدس العربي 12/5/2009

لا أريد استدعاء تاريخ الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله وحواراته مع الرئيس الأمريكي روزفلت حول فلسطين، ورفضه المطلق لهجرة اليهود إليها، وإصراره على ترحيل اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين إلى أوطانهم التي أتوا منها، وتأكيده بان العرب والمنطقة برمتها لن تستطيع التعايش مع اليهود المهجرين إلى فلسطين، وان الإصرار على زرعهم في المنطقة ستكون له عواقب وخيمة جدا ولن يكون هناك استقرار وسلام في المنطقة، وان المصالح المشتركة ستتعرض لمخاطر لا نستطيع التنبؤ بها. هذا كان موقف الملك عبد العزيز آل سعود.

خلفاء الملك عبد العزيز من أولاده واخص بالذكر هنا الملك فهد رحمه الله والملك عبد الله الأول قدم مبادرة عرفت باسمه في قمة الدار البيضاء لحل النزاع العربي ــ الإسرائيلي عام 1982 أخذت المصالح الإسرائيلية في الاعتبار من اجل محاكاة الدول الغربية وأمريكا، ولم تقبل بها إسرائيل ولا الغربيون، وبدأت حرب تدمير العراق وتعطيل دوره العربي في هذه المسألة عام 1991، وعقد مؤتمر مدريد الشهير في ذات العام وانهار العقد العربي وقدم العرب تنازلات كان أبرزها انحراف منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة أبو عمار نحو الاستسلام للضغوط الأوروبية والمطالب الإسرائيلية، وتبعتها في ذلك عواصم عربية كان أبرزها الأردن بتوقيعه على اتفاقية وادي عربه السلامية التي يرفضها جمهور أردني عريض. لم تقف تنازلات منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة فتح عند حد بل إنها سارعت في تقديم تنازل بعد آخر بما في ذلك القبول بحصار الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات حتى وفاته مسموما، والقبول أن يكون جهاز أمنها العسكري والمخابراتي ورجالات السلطة حرسا لحماية امن إسرائيل، بل وتسهيل السبل للجيش والمخابرات الإسرائيلية بالطواف عبر المدن والقرى الفلسطينية للقبض على كل من يعادي إسرائيل والسلطة معا، والإمعان في حصار غزة.

الملك عبد الله آل سعود قدم مبادرة تبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002 ، وراحت الوفود العربية تبشر بالمبادرة السعودية العربية وتطوف عواصم الدول الكبرى تشرح فوائد تلك المبادرة، وأمعن عرب الاعتدال في التبشير بمبادرتهم فراحوا يعلنون عنها عبر وسائل الإعلام الإسرائيلي والغربي والمحصلة صفر، والمطلب الإسرائيلي مزيد من التنازلات العربية مع الاستمرار في طاحونة المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف، وسور الفصل العنصري يتمدد عبر الأراضي الفلسطينية والمستوطنات تتسع دائرتها. والأسرى الفلسطينيون بتزايد أعدادهم في السجون الإسرائيلية والحصار على غزة بلغ اعنف مراحله والسلطة العباسية راضية بل فاعلة في استمرار الحصار والقدس حدث عن مصيرها ولا حرج.

في ظل هذه الوقائع الكارثة مشروع جديد بدأ التبشير به عربيا ودوليا بعد عودة الملك عبد الله الثاني من زيارته الأولى لواشنطن في عهد الرئيس الأمريكي اوباما. تقول وسائل الإعلام : 'ان محمود عباس بحث مع الملك الهاشمي في عمان المطلب الأمريكي الجديد من دول الاعتدال وهو ' تقديم مبادرة جديدة أكثر وضوحا وأكثر تطمينا لإسرائيل'، بمعنى أخر شطب حق العودة من المبادرات السابقة، وعدم ذكر القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، والقبول بالدولة اليهودية، والتطبيع الشامل مع إسرائيل، وتوطين الفلسطينيين في ارض الشتات، ثم بعد ذلك القبول بالدولة الفلسطينية منزوعة السلاح بعد إجراء تبادل الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. أما القدس فان المبادرة الجديدة التي يعكف على صياغتها بعض عرب الاستسلام وأطراف السلطة العباسية مع الأمريكان والألمان والانكليز. وتؤكد المصادر المطلعة أن في ثنايا هذه المبادرة يأتي ذكر تدويل القدس وجعلها تحت علم الأمم المتحدة.

بعد هذا العرض الموجز لما يحاك ضد فلسطين بمشاركة بعض القادة العرب أعود إلى الدور السعودي المطلوب تبنيه، وهو يتلخص في التالي :

1 ـ انسحاب المملكة السعودية من المبادرة المعتمدة عام 2002 في قمة بيروت لان يد العابثين بدأت تمتد إليها على الرغم من ثغرات القصور في تلك المبادرة.

2 ـ الرفض المطلق للعبث بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ممتلكاتهم المغتصبة.

3 ـ الرفض المطلق لتدويل مدينة القدس أو تسليمها لإسرائيل تحت اي ذريعة كانت.

4 ـ إن القبول بتدويل مدينة القدس يسجل عليكم في المملكة سابقة لا يمكن التراجع عنها عندما يطالب عدد من الدول والمنظمات بتدويل الأماكن المقدسة في المملكة، وانتم في المملكة تعلمون علم اليقين بان هناك جهودا تبذل من اجل تدويل مكة والمدينة المنورة، وهذا ما نرفضه جملة وتفصيلا.

آخر القول : إن المساس بوحدة المملكة أو الحديث عن تقسيمها أو تدويل أجزاء منها يجب التصدي له بكل السبل، كما أن الوحدة اليمنية مشروع مقدس العبث به محرم، وفي هذا السياق يجب رفض تدويل مدينة القدس أو توحيدها تحت السيادة الإسرائيلية، وهذا الدور السعودي المطلوب.