خبر البابا هنا: عن اليهود في عالم الأغيار .. إسرائيل اليوم

الساعة 11:22 ص|12 مايو 2009

بقلم: يوسي بيلين

بعد ان عزم الرئيس اوباما على انهاء محاربة الاسلام، استقر كما يبدو رأي بعض جهات في اسرائيل على اعلان محاربة النصرانية. فأعدائنا المباشرون صغار جدا ومملون جدا، والحديث ها هنا عن تحد عالمي واسع النطاق يلائم طريقة رؤيتنا لانفسنا. فلماذا لا نلقي بعض العوائق في طريق البابا قبل وصوله القدس؟ من يحتاجه ها هنا اصلا؟ ولماذا يثير الكاثوليك مطالب وقحة الى هذا الحد؟

قبل ان يجرفنا الخطاب الاسرائيلي جدا هذا، الذي يصعب عليه ان يفهم لماذا يوجد اخرون في العالم سوانا، يحسن ان نتذكر عددا من الحقائق. الصهيونية هي فكرة سياسية اساسها الطلب الى العالم منح اليهود سيادة على ارض مركزة واحدة يستحب ان تكون ارض اسرائيل.

تحققت هذه الفكرة بعد ثلاث سنين من حدوث العمل الفظيع الذي اراد هرتسيل ان ينقذ شعبه منه. لقد تحققت على نحو سياسي نادر، لان الامم المتحدة قررت اقامتها وبعد ذلك فقط حققتها حرب استقلالنا.

بعد اقامة الدولة لم تحظ اسرائيل بالاعتراف الذي توقعته، ورأت ذلك برهانا على نفاق العالم، الذي قتل اليهود او لم يحاول منع قتلهم في اوروبا وامتنع بعد ذلك عن الاعتراف باخوتهم الناجين. فعل بن غوريون وشاريت وابناء جيلهما المستحيل ليعترف العالم بنا. اتذكر عندما كنت في المدرسة الابتدائية في الفصل الاول، واستقبلت كسائر الاولاد رئيس الحكومة باعلام اسرائيل في شارع النبي في تل ابيب، وكنت على يقين ان بورما اهم دولة في العالم لانها تفضلت فقط بالاعتراف بنا.

على الايام منحنا الديكتاتور الروماني شاوشسكو بساطا احمر لان رومانيا كانت الدولة الشيوعية الوحيدة التي لم تقطع علاقتها بنا بعد حرب الايام الستة.

وفي ضيقتنا، وافقنا مرة على "اعتراف فعلي" ومرة على "اعتراف نظري"، واحيانا على اعتراف سري لم يعلم به احد. حلمنا بالصين والهند وفكرنا في خبايا قلوبنا ان هذا لن يحدث البتة.

وقد انهارت الكتلة الشيوعية وحدث اول تغيير؛ وبعد ذلك أتى مؤتمر مدريد وحدث ثاني تغيير؛ وبعد ذلك اتى اتفاق اوسلو الذي افضى من الفور الى اعتراف الاردن والفاتيكان والى علاقات دبلوماسية بهما.

يمكن بسهولة هدم جميع هذه الانجازات الصهيونية. يمكن ان نعيب على العالم وان نقول ان مسيرة السلام كلها هدر للمال العام على الفنادق، واننا نستطيع التخلي عن البابا وعن الفاتيكان، وعن مليار من المسيحيين في العالم الثالث وغيره. والسؤال هو أليس من يقول ذلك لا يكتفي بالثرثرة تحت الدش، بل هو مستعد ايضا لجعل ذلك سياسة ودفع ثمنها المجنون؟

في الثلاثين من كانون الاول 1993 وقعت في القدس مع الكاردينال كلاوديو تشيلي الاتفاق الجوهري بين الدولتين، وانشاء العلاقات الدبلوماسية بينهما. لم أكن لاتخلى عن هذه اللحظة التي احرزت بجهد كبير. من يستعد للتخلي عنها يجب ان يبين ما هو البديل منها.