خبر الدكتور شلح:« الأخطر من نكبة شعبنا أن يعترف صاحب الحق بعدوه ويتنكر لحقوقه »

الساعة 10:53 ص|12 مايو 2009

فلسطين اليوم-غزة

قال الدكتور رمضان شلح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين اليوم الثلاثاء، " إن الأخطر من نكبة الشعب الفلسطيني هو أن يعترف صاحب الحق بعدوه ويتنكر لحقوقه، و كل ماتتعرض له القدس هو ثمرة لنهج التسوية والاتفاقات والمفاوضات مع العدو الصهيوني".

 

وأكد شلح، أن ما تتعرض له القدس هو ثمرة لنهج التسوية مع إسرائيل حيث وفرت مظلة حماية لكل جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق القدس والمواطنين وما تتعرض له من مذابح جديدة اليوم.

 

جاءت تصريحات شلح في اتصال هاتفي لمؤتمر نظمه مركز فلسطين للدراسات والأبحاث، حول القدس في ذكرى النكبة الـ61، في قاعة رشاد الشوا بمدينة غزة بحضور قيادة حركة الجهاد الإسلامي، وممثلي الفصائل الوطنية والإسلامية، وحشد غفير من الحضور.

 

وأوضح شلح، أن الفاتيكان اعترفت بالكيان الإسرائيلي في1993 بعد توقيع اتفاق أوسلو، متسائلاً "ماذا ننتظر من الفاتيكان وغيره إذا اعترف صاحب الحق بعدوه، واعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بالعدو الإسرائيلي والأخطر من النكبة هو تنكر صاحب الحق لحقه، وأن نقر ونعترف أن وطننا وطنه وأرضنا أرضه وقدسنا قدسه، والاعتراف بقسمة وتجزأة القدس إلى قدس شرقية وغربية.

 

وشدد شلح، على أن الشعب الفلسطيني يتمسك بالقدس كل القدس وفلسطين كل فلسطين، وأن القدس كلها عربية إسلامية".

 

وقال شلح:" نحتفل بذكرى النكبة ونحن نخشى وقوع هجمة أمريكية صهيوينة عربية من خلال العرض الذي نشتم رائحته وهو أن يفتح العالم الإسلامي كله أبوابه في وجه الكيان الصهيوني، حيث يقول أحد الحكام العرب في صحيفة التايمز في عددها أمس "المستقبل ليس نهر الأردن ولا هضبة الجولان، المسقبل من المغرب على المحيط الأطلنطي إلى أندونيسيا على المحيط الهادي" وهي جائزة يقدمها الحاكم العربي لإسرائيل من المحيط إلى المحيط.

 

وتابع شلح قوله، "إن ماهو قادم هو خطير ولكن في نفس الوقت لن نصاب بالفزع، فكلنا ثقة بالمستقبل، فالنظام العربي وضع كل بضاعته في المراكب الأمريكية الصهيونية في المنطقة، وهو مركب هلاك، ومشروع الإمبراطورية الأمريكية الصهيونية مركب يغرق في الأزمة المالية، والعراقية، وفي لبنان 2006، وفي انتصار غزة.

 

وأضاف شلح، أن أمريكا في مأزق طرق وخيارات وسياساتها في العالم، ويجب ألا يكون لهذا رهان على أي إدارة أمريكية جديدة.

 

كلمة الدكتور رمضان شلّح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين والتي ألقاها عبر الهاتف في المؤتمر الشعبي بعنوان "القدس في ذكرى النكبة" في مركز رشاد الشوا بغزة في تاريخ 12/5/2009

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،

الأخوة والأخوات الحضور الكرام في هذا الجمع الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد التحية لكم أهلنا في قطاعنا الحبيب، قطاعنا المحاصر والصامد والصابر، ولكل جماهير شعبنا في فلسطين وفي كل مكان، ولكل جماهير أمتنا وكل أحرار العالم، أقول وأدخل مباشرة في الموضوع، حتى لا أطيل عليكم وقد طال لقاؤكم، إننا ونحن نحيي الذكرى الحادية والستين للنكبة، نقف على أبواب نكبة جديدة.. نعم، نكبة جديدة عنوانها القدس، المهددة بالضياع والتهويد بالكامل كما ضاعت وهودت غيرها من مدن فلسطين.

ولسنا بصدد سرد ما تتعرض له القدس اليوم من عدوان، فالتفاصيل والوقائع على الأرض لا تخفى عليكم، واختصاراً للوقت، أود أن أتحدث في ثلاث نقاط مرتبطة بالمناسبة والحدث.

النقطة الأولى: أن كل ما تتعرض له القدس اليوم هو ثمرة لنهج التسوية واتفاقات السلام المزعوم والكاذب مع العدو الصهيوني، فهذه الاتفاقات هي التي أوصلت فلسطين والقدس إلى هذه الحالة، ووفرت مظلة حماية لكل الجرائم التي يرتكبها العدو بحق أرضنا وشعبنا ومقدساتنا، بحق القدس وما تتعرض له من مذبحة جديدة. وسأضرب مثالاً واحداً يبين فداحة ما فعلته اتفاقات التسوية بنا وبقضيتنا، وهو موقف الفاتيكان من الكيان الصهيوني، بمناسبة زيارة البابا للمنطقة وحجه "غير المبرور" للأراضي المقدسة تحت حراب الاحتلال الصهيوني.. فالفاتيكان كما نعرف جميعاً لم يعترف بالكيان الصهيوني إلا في ديسمبر (كانون الأول) 1993، أي بعد توقيع اتفاق أوسلو المشؤوم في سبتمبر (أيلول) 1993. من هنا نقول، وليس دفاعاً عن الفاتيكان وموقفه ممثلاً بالبابا، ماذا ننتظر من الفاتيكان وغيره، ومن أي دولة في العالم أن يكون موقفها من الكيان الصهيوني، إذا كان صاحب الحق قد اعترف بعدوه؟! وأنا هنا عندما أتحدث عن صاحب الحق أقصد الموقف الرسمي لقيادة منظمة التحرير. من هنا، فنحن نقول إن ما هو أخطر من النكبة هو تنكر صاحب الحق لحقه واعترافه بباطل عدوه..

إذا كانت النكبة هي تهجيرنا من وطننا واغتصابه، فإن ما هو أخطر من النكبة بحق هو أن نقر ونعترف بأن وطننا وطنهم، وأرضنا أرضهم، بل وقدسنا قدسهم. أليس هذا هو ما يعنيه الاعتراف بهذا الكيان؟! نعم، الذي أسس لكل ما تتعرض له القدس اليوم، هو الاعتراف بقسمة وتجزئة القدس إلى شرقية وغربية، من سلّم بأن القدس الغربية يهودية، لماذا يستغرب عندما يجري تهويد القدس الشرقية؟!

لذلك، فإن الرد الحقيقي على ما تتعرض له القدس اليوم، هو التمسك بالقدس كل القدس، وفلسطين كل فلسطين.. ينبغي أن يكون موقفنا من القدس هو "لا شرقية ولا غربية، القدس كلها عربية إسلامية".

النقطة الثانية: أننا ونحن نحيي ذكرى النكبة، ونخشى وقوع نكبة جديدة تستهدف القدس، فإننا نشتم رائحة هجمة أمريكية، وصهيونية بطبيعة الحال، ولكن هجمة أمريكية عربية من عرب أمريكا أو ما يسمى بعرب الاعتدال، ليس لإنقاذ القدس، بل لاسترضاء اليهود وحكومة اليمين الصهيوني وتقديم مزيد من الإغراءات لها كي تقبل باستمرار عملية التسوية تحت شعار حل الدولتين.. والعرض الذي نشتم رائحته وتحدث به أحدهم مع صحيفة التايمز البريطانية بالأمس هو أن يفتح العالم الإسلامي كله من طنجة إلى جاكرتا أبوابه في وجه الكيان الصهيوني.. تعرفون ماذا قال أحدهم لهذه الصحيفة حرفياً بالأمس، وأنا هنا أنقل كلامه وارجعوا للصحيفة، يقول "المستقبل ـ يعني مستقبل إسرائيل ليس مستقبل القدس وليس مستقبلكم أنتم أهل غزة تموتون في الحصار ـ المستقبل ليس نهر الأردن، ولا هضبة الجولان، ولا سيناء، المستقبل هو من المغرب على المحيط الأطلنطي، إلى أندونيسيا على المحيط الهادي، هذه هي الجائزة" انتهى كلام المسؤول أو الحاكم العربي. أي أن العقل العربي الرسمي همّه اليوم هو تقديم جائزة لإسرائيل لتصبح "إسرائيل العظمى" من المحيط إلى المحيط، وليس الجائزة للقدس بإنقاذها أو تحريرها!

ولن يمر وقت طويل، وأقول لكم واحفظوا ذلك، لن يمر وقت طويل حتى نسمع عن تعديل المبادرة العربية رغم النفي الآن. لأن من صاغ هذه المبادرة انطلاقاً من واقع الهزيمة فلابد أن يعدلها حتى تجد قبولاً لدى من يملي شروطه (إسرائيل). من هنا يجب أن ننتبه لما هو قادم، فما هو قادم فعلاً خطير وكبير.

النقطة الثالثة والأخيرة: نعم، ما هو قادم خطير وكبير، لكن يجب أن لا نصاب بالهلع والفزع.. واسمحوا لي هنا أن أتحدث بكل صراحة ووضوح، وكل ثقة في المستقبل، كما تحدث أخواني من قبلي.

إن النظام العربي للأسف، وضع بضاعته كلها في المركب الأمريكي والصهيوني في المنطقة.. لكن أنا أقول لكم بكل طمأنينة أن المركب الصهيوني الأمريكي هو مركب هلاك لا نجاة.. مشروع الإمبراطورية الأمريكية في العالم مركب يغرق الآن.. وأنا أتحدث عن مشروع الإمبراطورية ولا أتحدث عن أمريكا كدولة، وأنتم تعرفون الفرق. المركب الأمريكي الصهيوني يغرق في الأزمة المالية العالمية.. يغرق في العراق، ويغرق في أفغانستان، غرق في لبنان 2006، وغرق في صمود غزة الأسطوري واندحار الجيش الصهيوني.. غرق في انتصاركم وصمودكم المعجز، ولا تخجلوا من ذلك، قولوها بأعلى صوتكم حتى يسمعها العالم، على الأقل عدوكم يفهم ماذا أنجزتم. أمريكا اليوم في مأزق كبير، وتقف في مفرق طرق ومأزق خيارات في سياساتها في العالم والمنطقة، ويجب أن لا يكون لدينا أي وهم بالرهان على الإدارة الجديدة، أو أي إدارة أمريكية فهم لا يمكن أن يتخلوا عن هذا الكيان وأمنه.

أخوتي وأخواتي في غزة المحاصرة المنكوبة كما كل فلسطين: في ذكرى النكبة اسمحوا لي أن أختم وأقول: لقد شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون القدس أرض الإسراء والمعراج.. والإيمان بحادثة الإسراء والمعراج في عقيدتنا مسألة لا تخضع للحسابات المادية ولا للمختبرات الفيزيائية، فهناك منطق الإعجاز الإلهي والقدرة الإلهية وكفى، وكما هي الإسراء والمعراج مسألة إيمانية، يجب أن ندرك أن تحرير القدس بالنسبة لنا مسألة إيمانية أولاً وأخيراً، وهذا لا يعني أن نسقط الحسابات المادية، لا.. لكن عندما نتكلم بمنطق العقيدة والإيمان يجب أن نعلم أننا لا نتحدث شعارات، بل كما قال عز وجل (فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون) وأنتم في الحصار أقول لكم يا أهلي وأخواني أهل غزة: فورب السماء والأرض إن هذا الكيان إلى زوال. الكيان اليوم في مأزق كبير ويستشعر خطر الوجود والمصير كما لم يحدث من قبل، فالقناعة بزوال الكيان هي مسألة إيمانية عقيدية عندنا، لكنها لها من المؤيدات التاريخية والواقعية والمادية والحسية الكثير من الدلائل، التي لا مجال لذكرها الآن. لذلك، ليس لدينا أي شك في أن لا مستقبل لهذا الكيان على هذه الأرض، وسيواجه نفس مصير كل الكيانات الطارئة والغريبة التي سبقته وسيزول من الوجود.

نعم، قد تطول العتمة، لكن ثقوا أهلي وأخوتي أن هذا الليل لابد له من آخر، والإعجاز الإلهي الذي نتحدث عنه له قانون (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين).. ربما أنكم في الضيق وفي الحصار تنسون أنكم أنتم هذه الفئة التي اصطفاها الله لأعقد وأصعب وأقدس دور في التاريخ، تاريخ الأمة وتاريخ العالم كله في هذه اللحظات. وإلا قولوا لنا من أين استمدت أم كامل، التي هي تاج رأسنا وتاج رأس العرب والمسلمين وكل أحرار وشرفاء العالم، من أين استمدت هذه العزيمة وهذا الصبر وهذا الصمود؟ من قوله تعالى (والله مع الصابرين) أليس الله معها؟

قد يظن البعض أننا دخلنا الآن في الدروشة، وأبو عبدالله يستعيد الآن ذكريات الخطب. لا أيها الأخوة، أنا أتحدث لكم سياسة، ولكن سياسة لا يعرفها العالم الظالم، سياسة تعلمناها في مدرسة حبيبكم محمد صلى الله عليه وسلم، منه نستمد العزم والأمل، من سيرة صاحب الإسراء والمعراج، نبينا وحبيبنا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وسأضرب مثلاً واحداً أختم به. حين رده أهل الطائف ولاحقته حجارة أبنائهم، كما يلاحقكم رصاص العدو الصهيوني في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، في ذاك الموقف المخيف والحاسم من عمر الرسالة، لم يستسلم نبينا إلى اليأس والقنوط، إنما زرع في نفسه الأمل مجدداً وهو يرنو إلى السماء متضرعاً إلى الباري عز وجل يناجيه: "اللهم، أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين. أنت رب المستضعفين. وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصَلُح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".

كان هذا هو منطق الغريب المطارد محمد صلى الله عليه وسلم.. وهو لسان حال كل غريب اليوم، كل غريب كشعب فلسطين، شعب النكبة.. لسان حالنا نحن الغرباء في الأرض، الذين نعيش الغربتين، غربة الدين وغربة الوطن..

تحية لكم أهلنا في القطاع، ورغم الجراح والألم، يجب أن يتجدد الأمل، وأن نجدد الضراعة إلى الله في كل يوم، وفي كل ساعة: "إلهي، إن لم يكن بك غضب علينا، نحن شعب فلسطين، فلا نبالي". لتبقى القدس موعدنا وميعادنا ووعد الله لنا بالنصر والفتح المبين. هذا الوعد الذي لن يتحقق بالمفاوضات والمساومات، لن يتحقق إلا بالجهاد والمقاومة.. هذا هو الطريق وهذا هو الخيار.. (فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا).

بارك الله بكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.