خبر السلام غير مجزٍ -هآرتس

الساعة 08:47 ص|11 مايو 2009

بقلم: عميرة هاس

(المضمون: من اعتاد على العيش كصاحب حقوق زائدة في نظام يقوم على اساس التمييز العرقي، يرى في الغائه تهديدا على رفاهيته - المصدر).

يبدو ان حكومات اسرائيل جميعها قد عرفت منذ 1993 لماذا لا ينبغي المسارعة الى تحقيق السلام مع الفلسطينيين. فكممثلة للمجتمع الاسرائيلي وكجزء منه، فهمت الحكومات بان السلام ينطوي على مس شديد بالمصالح الوطنية:

•مس بالاقتصاد. الصناعة الامنية غير فرع هام للتصدير الاسرائيلي. السلاح، الذخيرة والتطويرات التي تستخدم كل يوم في ميدان التجارب البيتي: غزة والضفة. مسيرة اوسلو – المفاوضات التي لا ترمي الى الانتهاء – سمحت لاسرائيل بالتنكر من مكانتها كقوة احتلال (ملتزمة برفاه السكان المحتلين) والتعاطي مع المناطق الفلسطينية ككيان مستقل. بمعنى، استخدام انواع السلاح والذخيرة والقوة التي لم يكن بوسع اسرائيل أن تستخدمها ضدهم بعد العام 1967. الحفاظ على المستوطنات يفترض التطوير الدائم لوسائل الامن، المتابعة والردع (مثل الجدران، الحواجز، الرقابة الالكترونية، كاميرات الرقابة، الاجهزة الالية) – والتي هي خبز الاستهلاك الامني المتعاظم في العالم الاول: البنوك والشركات، الاحياء الراقية الى جانب ضواحي الفقر، الجيوب العرقية التي ينبغي قمع تمردها.

الابداعية الجماعية الاسرائيلية في المجال الامني تخترق من الاحتكاك الدائم لمعظم الاسرائيليين مع السكان المعرفين كمعادين. حالة القتال على نار هادئة التي ترتفع احيانا تحدث لقاءا بين عناصر اسرائيلية مختلفة: رامبو محلي مع عبقري حواسيب وذو يد من ذهب ومخترعين. في حالة السلام ستقل فرص لقائهم.

•المس بالحياة المهنية الخاصة. صيانة الاحتلال وعدم السلام تشغل مئات الاف الاسرائيليين: نحو 70 الف نسمة يعملون في الصناعة الامنية. كل سنة عشرات الالاف ينهون الخدمة العسكرية وهم حاصلون على الخبرات الخاصة او المهنة المطلوبة المضافة. وبالنسبة للالاف تصبح هذه هي المهنة الاساس: العسكرية الدائمة، سلك المخابرات، المستشارين في الخارج، المحاربين المرتزقة، تجار السلاح وبالتالي فان السلام، يعرض للخطر هذه الحياة المهنية والمستقبل المهني لشريحة اسرائيلية هامة ومعتبرة، لها تأثير كبير على الحكومات.

•المس بجودة الحياة. اتفاق السلام يفترض توزيعا متساويا لمصادر المياه في البلاد بأسرها (من النهر حتى البحر) بين اليهود والفلسطينيين وذلك دون صلة بتحلية مياه البحر وتقنيات التوفير. ومنذ الان من الصعب على الاسرائيليين ان يعتادوا على الانضباط في استخدام المياه، والذي يفترضه الجفاف. من غير الصعب التخمين لمدى الصدمة التي سيحدثها للاسرائيليين التقليص في استهلاك المياه، كثمرة للتوزيع المتساوي.

•المس بالرفاه. مثلما تثبت الثلاثون سنة الاخيرة، المستوطنات المزدهرة بالتوازي مع تقليص دولة الرفاه. فهي تعرض على الناس من الحاضرة اليهودية ما لا يسمح به راتبهم الحصول عليه في نطاق دولة اسرائيل السيادية، في حدود 4 حزيران. ارض زهيدة الثمن، منطقة واسعة من الشقق، امتيازات ودعم حكومي، مجال واسع، مشهد، بنية تحتية من الطرقات الفائقة وجهاز تعليمي مدعوم. وحتى لو كان لا ينتقل اليها مزيد من الاسرائيليين – اليهود، فانها تضيء بافقها كوسيلة للتطور الاجتماعي والاقتصادي. هذا الخيار حقيقي أكثر من الوعود الغامضة بالتحسن في زمن السلام، وهو وضع غير معروف.

كما أن السلام سيخفض، ان لم يخفِ، مفعول الذريعة الامنية للتمييز ضد مواطني اسرائيل الفلسطينيين – في توزيع الارض، في تخصيص المصادر للتنمية واجهزة التعليم والصحة، في اماكن العمل، في الحقوق المدنية (مثل الزواج والتجنس). من اعتاد على العيش كصاحب حقوق زائدة في نظام يقوم على اساس التمييز العرقي، يرى في الغائه تهديدا على رفاهيته.