خبر ماذا هل عرب نحن؟ -هآرتس

الساعة 08:45 ص|11 مايو 2009

بقلم: عكيفا الدار

 (المضمون: سجل الضغوط الذي يوجد تحت تصرف الرئيس الامريكي غني ومتنوع. يبدو أننا سنضطر الى تعلمه بالطريقة الصعبة  المصدر).

ليس صعبا التقدير أي جلبة كانت ستنشأ في القدس لو أن الولايات المتحدة قررت أن تخفض بشكل مؤقت الضغط على ايران في المسألة النووية أو أن يكون الرئيس براك اوباما أمر بان يجمد حاليا مفعول العقوبات ضد سوريا. الويل لحكومة تتصور رفع المقاطعة عن حكومة غزة، قبل أن تعترف حماس بحل الدولتين في حدود 1967. وكم حسن ان يؤخر الكونغرس الامريكي المساعدات الطارئة للسلطة الفلسطينية الى أن تتشكل الحكومة الجديدة في رام الله، كي نتأكد من أنها تروق لنا.

الضغط الدولي على الجيران كان دوما أداة مباركة بل وحيوية. دون ضغط من الخارج ما الذي يدعو ايران الى ان تتخلى، هكذا، تطوعا، عن قدرة نووية؟ اذا لم تضغط الولايات المتحدة على سوريا لقطع علاقاتها مع منظمات الارهاب فما الذي سيدعو دمشق الى الدخول في نزاع مع حماس وحزب الله؟ لولا الضغط الذي مارسته ادارة ريغن على م.ت.ف، ما كان المجلس الوطني الفلسطيني يعلن عن وقف الكفاح المسلح ضد اسرائيل ويتبنى قرار 242. ينبغي الافتراض بان بنيامين نتنياهو لن يحتج على ضغط ادارة اوباما على الفلسطينيين للاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي.

ولكن شرعية الضغط الدولي تنتهي حين تلمس المصالح الاسرائيلية – او لمزيد من الدقة: ما يعتبر في نظر السياسي الدوري خلف المقود كمصالحها. فماذا حصل حتى يضغط الاتحاد الاوروبي على نتنياهو كي يستأنف المفاوضات على التسوية الدائمة؟ من أين جاءتهم الوقاحة لاشتراط رفع مستوى العلاقات مع اسرائيل بتعهد حكومتها بالتمسك بحل الدولتين؟ ماذا هل نحن عرب؟ حين تتعهد اسرائيل امام الرئيس الامريكي باخلاء بؤر استيطانية وتجميد الاستيطان فانها لا تحتاج الى الضغط كي تفي بتعهدها. عندنا الكلمة هي كلمة.

ومثل الطفل المدلل، فان اسرائيل لا تسارع الى التخلي طوعا عن املاك غير منقولة تحتفظ بها وتسكنها على مدى عشرات السنين (استطلاع اجراه البروفيسور دانييل بار – طال ود. عيران هلفرين كشف النقاب عن ان 53 في المائة من الاسرائيليين يرون في الضفة "ارضا محررة"، وفقط اقلية ترى فيها ارضا محتلة). ومع ان خطر تحول اسرائيل الى دولة ثنائية القومية او الى نظام ابرتهايد يتعاظم كل سنة، ليس هناك ما يكفي في هذا الضغط كي يخرجها من المناطق. اصحاب القرار في اسرائيل سيقررون التخلي عن المناطق فقط اذا كان ثمن الوضع الراهن، بالعملة الاجنبية، اعلى بكثير من الثمن الذي يتعين عليهم ان يدفعوه بالعملة المحلية لقاء اخلاء 100 الف مستوطن وتقسيم القدس.

لقد سبق لاوباما ان اعلن في ذروة الحملة الانتخابية للرئاسة بان "صديق اسرائيل" لا يعتبر في نظره رديفا لليكودي. فمنذ ايامه الاولى في البيت الابيض اوضح انه سواء كان حل الدولتين مقبولا من حكومة الليكود ام لا – فان هذه الصيغة غير قابلة للمساومة. وعلى الرغم من ذلك، حسب طوني بلير، فان اقامة دولة فلسطينية تعتبر في نظر اوباما مصلحة قومية للولايات المتحدة. ليس اقل. المعنى، الضغط على اسرائيل لانهاء النزاع مع العرب ليس فقط لن يعرقل الضغط على ايران لوضع حد لبرنامجها النووي بل سيساعد في ذلك.

الرئيس جورج بوش حظي بلقب "صديق اسرائيل" بفضل اكتفائه بالتعابير اللفظية وبتقديم وثائق عديمة الاسنان. وقد علم الاسرائيليين بانه يمكن الاستيطان، الضحك على "خريطة الطريق" والحفاظ على الذخر الاستراتيجي الاهم – العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة، كله معا وعلى حد سواء. وقد تمكن اوباما من تغيير قواعد اللعب الامريكية في الشرق الاوسط؛ فالجميع، دون استثناء، مدعوون للاختيار بين التفاهمات والعقوبات، بين الجزر والعصي. السؤال ليس اذا كان اوباما سيمارس ضغطا على اسرائيل؛ الضغط بات هنا. كانت هناك أزمنة تعتبر فيها دعوة زعيم عربي الى واشنطن قبل رئيس وزراء اسرائيل اهانة فظيعة. ذات مرة زيارة الرئيس الامريكي الى دولة عربية مجاورة، دون الوعد بالوصول الى اسرائيل، يفسر كضغط كبير. سجل الضغوط الذي يوجد تحت تصرف الرئيس الامريكي غني ومتنوع. يبدو أننا سنضطر الى تعلمه بالطريقة الصعبة.