خبر اسألوا الابن- هآرتس

الساعة 10:45 ص|10 مايو 2009

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: ادعاءات اسرائيل وقادتها العسكريين لن تجدي نفعا وحقيقة الجريمة التي ارتكبت في غزة ستخرج للنور شئنا ام ابينا، فاين الحقيقة؟ - المصدر).

هذا السلوك معروف لكل محقق شرطي:- المشبوه ينفي كل شيء في البداية وبعد ذلك يهاجم المحققين ومن ثم يعترف بجزء صغير من التهمة مدعيا ان الجميع يقومون بما قام به – الا ان ينكسر وينهار معترف بكل ما عنده.

الجيش الاسرائيلي عاد من "الرصاص المصهور" ونفي في البداية كل شيء طبعا. اسرائيل صفقت له على الانتصار المزعوم ولم يكترث احد بالثمن الفظيع الذي دفعه الفلسطينيون. وبعد أن تبدد دخان الفوسفور الابيض قليلا بدأ الدم يصرخ. مراسلون اجانب ومنظمات حقوق الانسان بدأوا يحققون ويرسلون تقاريرهم. الامم المتحدة صرحت بان الجيش الاسرائيلي قد هاجم منشآتها بصورة مقصودة ومنظمات حقوق الانسان امنستي الدولية وهيومان راتس ووتش الامريكية اتهمت الجيش الاسرائيلي باستخدام غير قانوني لقنابل الفوسفور . الصليب الاحمر الدولي اعد تقارير حول منع تقديم العلاج الطبي للمصابين والتعرض للطواقم الطبية وخريجو الكلية العسكرية التحضيرية تحدثوا عن قتل المدنيين. عميره هاس بدورها كتبت في هآرتس من غزة حول قتل حملة الرايات البيضاء واستخدام قذائف الفلاشت وحصد عائلات باكملها.

الارض بدأت تشتعل تحت اقدام اسرائيل وهي بدأت بمهاجمة المبعوثين الذين يرسلون التقارير! ابواب الدولة اغلقت في وجه لجنة تحقيق من الامم المتحدة برئاسة القاضي اليهودي الجنوب افريقي ريتشارد غولدستون – وكأنها زمبابوي او كوريا الشمالية او لديها الكثير مما تخفيه عن الانظار. رئيس الدولة وبخ امين الامم المتحدة بقسوة وارسله لزيارة اوشفيتس الى ان اضطر هذا الاخير للتنصل كمن اصابه مس من تقرير الامم المتحدة الشديد حول التعرض المقصود لمنشآتها.

كل من تجرأ على التحقيق وارسال التقارير اتهم باللاسامية. منذ ان نسي ذلك التقرير الذي نشرته مؤسسة المحامين الامريكيين في بداية التسعينيات حول التعذيب في الشاباك – ونعت معدوه "باللاساميين" فورا – لم يتغير اي شيء :- ينفون ويكتبون ويكذبون ويهاجمون ويشبهون بالآخرين – وضميرنا يبقى نائما هادئما. ايضا عندما اعترف الجيش الاسرائيلي بقتل 300 مدني تسعون منهم من الاطفال وخمسون من النساء و 160 اخرين لم تعرف هويتهم بعد وفقا لمصادر الجيش الاسرائيلي (معطيات متسامحة بصورة استثنائية) بقينا كما كنا في نظر انفسنا: الجيش الاكثر اخلاقية في العالم. لسنا في المرتبة الثالثة او الثانية في العالم بل الاولى. يديعوت احرونوت كما تعلمون اعطت خاتمها على ذلك في ملحقها الدعاوي الخاص الذي صدر بعنوان "الاكثر اخلاقية في العالم".

هيا بنا نفترض ان منظمة العفو الدولية تكذب وان منظمة هيومان راتس ووتش الامريكية تبتدع الامور وتختلقها وتضخم الاشياء وان الامم المتحدة معادية لاسرائيل وان الصحافة مليئة بالكراهية – اوليست معطيات الجيش الاسرائيلي كافية حتى تهزنا من الداخل؟ 300 مدني قتيل تسعون منهم من الاطفال – الا يكفي ذلك لتهييج خواطرنا وكشف كذب الدعاية وشعار "الاكثر اخلاقية" في العالم؟ كم هو عدد الابرياء الذين يتوجب ان يقتلوا حتى يحدث ذلك عندنا؟

الجيش الاسرائيلي اجرى 5 "تحقيقات" وتم خلالها التحقيق طبعا مع الجنود وحدهم، عبر عن أسفه عن مأساة عائلية واحدة فصفق له المراسلون العسكريون. قادة الكتائب ارسلوا من قبل الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي لتمتمة تصريحات حول اخلاقيات القتال النبيلة التي يتمتعون بها طبعا حيث كانت وجوههم مخفية عن نظر المشاهدين كما جرت عادة المشبوهين بينما لم تثقل عليهم الصحافة بأسئلتها. لم يفكر احد بان من الواجب التحقيق بهذه الحرب بصورة جدية لانه في هذه الحرب خلافا لسابقتها لم يقتل ما يكفي من الجنود لاجراء مثل هذا التحقيق.

ولكن الحقيقة التي تنطلق من الجدار المهدوم المليء بالثقوب وتتعالى الى عنان السماء: يعرف الجنود الذين كانوا في غزة ويعرف رفاقهم بالضبط كما يعرفون من خدمتهم في المناطق ان امرا فظيعا قد حدث هناك. اسألوا ابناءكم فهم يعرفون الحقيقة. هي موجودة عندهم في البيت. اسألوا رفاق ابناءكم ايضاف وابناء رفاقهم فهم يعرفون. جزء كبير منهم قد تعرض لغسل الدماغ وهم صامتون في الوقت الحاضر فاسرائيل تصد امواج التقارير والتحقيقات وتدس رأسها في رمل الدعاية والادعاء باننا الضحية، ولكن الحقيقة ستنتصر في اخر المطاف. حتى اخر التعليلات "هكذا يتصرف الجميع" لن تجدي نفعا ، تماما كما هي لا تجدي السائق الذي يضبط وهو يسوق بسرعة مفرطة. الامريكيون يتسببون بقتل اكثر منا؟ الفرنسيون ذبحوا اكثر منا؟ هذا قد يكون جيدا للرسائل التلقائية التي تطلقها وزارة الخارجية. اما نحن فنستحق اكثر من ذلك ونستحق معرفة الحقيقة الكاملة وما الذي فعله جنودنا باسمنا بالضبط هناك، باسم كل واحد منا في باحات غزة الحبيسة التي نزفت دما طوال 22 يوما من الحرب العدمية.