خبر فروانة: استمرار إبعاد مبعدي كنيسة المهد جريمة تتحمل مسؤوليتها إسرائيل

الساعة 06:32 ص|09 مايو 2009

فلسطين اليوم- غزة

اعتبر عبد الناصر فروانة الأسير السابق، والباحث المختص بشؤون الأسرى، أن قضية الإبعاد والنفي القسري، هي جرائم حرب لا تتعلق بقوات الاحتلال فقط، أو بممارسات استثنائية ونادرة كل بضعة سنوات، وإنما هي سياسة ممنهجة متبعة منذ بدايات الاحتلال، وتحظى بمصادقة ومباركة أعلى الجهات الإسرائيلية.

 

وأضاف في تقرير له اليوم، بمناسبة الذكرى السابعة لإبعاد (39) مناضلاً احتموا في كنيسة المهد، والتي تصادف يوم غدٍ العاشر من مايو / أيار، أن النظام العنصري الإسرائيلي بكل مركباته المختلفة (التنفيذية والتشريعية والقضائية) يتحمل مسؤولية ذلك، وشريك في جرائم الحرب والانتهاكات الفظة التي تقترفها قوات الاحتلال، كأداة تنفيذ بعد حصولها على الضوء الأخضر لتنفيذ تلك الجرائم.

 

وأشار فروانة إلى أن إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على استمرار إبعاد هؤلاء المناضلين إلى قطاع غزة وأوروبا، وعدم السماح لهم بالعودة إلى مكان سكناهم بعد سبع سنوات من النفي القسري، يشكل جريمة ضد الإنسانية وعقاباً فردياً وجماعياً لهم ولذويهم، ويعكس استهتارها بحقوق المدنيين الفلسطينيين.

 

وقال فروانة إن سياسة إبعاد المواطنين والمواطنات والتهجير والترحيل الجماعي والفردي وإبعاد الأسرى والأسيرات ونفيهم قسراً إلى أماكن بعيدة عن مكان سكناهم تحت ذرائع وحجج مختلفة، هي سياسة قديمة اتبعتها ولا زالت سلطات الاحتلال منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية وأبعدت بموجبها الاف المواطنين من مختلف التنظيمات الفلسطينية، كوسيلة من وسائل العقاب لهم ولأقاربهم وذويهم، وهي تعتبر من أقسى العقوبات غير المشروعة وغير القانونية، ولم تقتصر على حقبة معينة، لكنها سارت بشكل متعرج، وتصاعدت خلال انتفاضة 1987 بشكل فردي وجماعي، ولكنها تراجعت بشكل كبير بعد قيام السلطة الوطنية في مايو / آيار 1994، لكنها سرعان ما عادت وارتفعت بشكل ملحوظ بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول/ سبتمبر 2000 ، لا سيما سياسة الإبعاد من الضفة إلى غزة والتي تصاعدت بشكل مضطرد.

 

وأضاف فروانة بأن سلطات الاحتلال وكعقاب جماعي أعلنت في تموز/ يوليو 2002، اعتزامها إبعاد أقارب الأشخاص الذين يعرف أو يشتبه في أنهم قاموا بتنظيم هجمات ضد إسرائيليين أو اشتركوا في تنفيذها واتخذت قراراً في ذلك ترجمته لاحقاً.

 

 وتابع، وفي 1 آب/ أغسطس من العام نفسه وقَّع قائد قوات الإحتلال في الضفة الغربية تعديلاً للأمر العسكري رقم 378 ( للعام 1970 والمتعلق بالأنظمة الأمنية ) يجيز إبعاد الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، وبذلك أصبح قطاع غزة منفى لسكان الضفة أو سجناً كبيراً وجديداً لهم.

 

وأضاف: وفي أواخر الشهر ذاته وبعد أقل من شهر على هذا التعديل، أبعدت قوات الاحتلال المواطن أديب ثوابتة من بيت فجار، قضاء الخليل، إلى قطاع غزة، بعد انقضاء فترة سجنه الإداري في معتقل النقب الصحراوي.

 

وفي كانون أول/ ديسمبر من نفس العام، أبعد المواطن كفاح وشقيقته انتصار العجوري من مكان إقامتهما في مخيم عسكر للاجئين بنابلس إلى قطاع غزة أيضاً، عقاباً لهما على ما قام به شقيقهما الشهيد علي عجوري الذي اغتالته قوات الاحتلال بتاريخ 5-8-2002، وتوفيت والدتهما أثناء وجودهما في غزة وقد بُذلت جهود مضنية من أجل السماح لهما بالسفر إلى نابلس وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة والعودة إلى غزة، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت ذلك، وبعد عامين وهي مدة الإبعاد التي حددتها المحكمة العليا الإسرائيلية آنذاك سُمح لهما بالعودة إلى نابلس .

 

 وبيّن فروانة أن حالات الإبعاد قد توالت فيما بعد ذلك بشكل فردي وجماعي من الضفة الغربية إلى قطاع غزة وبشكل ملحوظ، وفي حالات كثيرة تم إبعادهم بعد انتهاء فترة اعتقالهم الإداري أو انقضاء فترة محكومياتهم،  وبعضهم عاد إلى أهله ومكان إقامته بعد انقضاء فترة إبعاده، فيما لا يزال العشرات من المبعدين في قطاع غزة وخارج فلسطين بانتظار السماح لهم بالعودة إلى أماكن سكنهم الأصلية وبيوتهم وأسرهم، بينهم  مبعدو كنيسة المهد الذين لم يَعُد أي منهم إلى بيت لحم لغاية اليوم.

 

وأوضح فروانة أن الإبعاد القسري ووفقاً للتفسير الدولي يعني نقل الشخص رغما عنه داخل أو عبر الحدود الوطنية، ويشكل بذلك ممارسة قسرية غير قانونية للأشخاص المحميين، ويمثل انتهاكاً خطيراً وخرقا فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة، لاسيما المادة 147 منها التي تعتبر الإبعاد جريمة حرب ( يحظر النقل الجبري أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه).

 

 واستطرد، وكذلك المادة 49 من ذات الاتفاقية التي تنص على أن (عمليات الإبعاد الفردية أو الجماعية، بالإضافة إلى عمليات تسفير الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي الدولة التي تحتلها أو إلى أراضي أي بلد آخر، سواء محتلاً أم لا، تعتبر محظورة بصرف النظر عن دوافعها ).

 

وأشار فروانة إلى أن قانون روما الأساسي ' للمحكمة الجنائية الدولية ' اعتبر الإبعاد أيضاً جريمة حرب، وعرف الإبعاد القسري بأنه تهجير قسري للأشخاص المعنيين عن طريق الطرد، أو غيره من أفعال الإكراه، واعتبر إبعاد جزء من سكان الأراضي المحتلة أو جميعهم، سواء داخل أراضيهم أو خارجها، على أيدي قوة الاحتلال، بأنه جريمة حرب.

 

وأضاف أن المادة السابعة (د) من قانون روما أيضاً نصت على أن ( الإبعاد القسري للسكان يشكل كذلك جريمة ضد الإنسانية في حالة تنفيذه على نطاق واسع أو بطريقة منظمة كجزء من سياسة حكومية ).

 

وبالإضافة إلى ذلك كانت المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واضحة في نصها (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً).

 

وقال فروانة إن الإبعاد هو ممارسة محظورة وغير قانونية وفقاً للقانون الدولي، ولا يجوز اللجوء لممارسته، وتعتبر ممارسته أياً كانت الظروف والدوافع جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب تستوجب الملاحقة والمحاكمة الدولية.

 

وأوضح فروانة أن الجزء الأكبر من مبعدي كنيسة المهد محاصرين بقطاع غزة، وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية في غاية السوء وهم جزء من النسيج الاجتماعي الفلسطيني ومن الواقع المرير الذي يحياه سكان القطاع، وأسوأ مراحلهم كانت خلال الحرب على غزة حيث القلق المتبادل والخوف من المجهول وعدم الاستقرار في انتظار ما هو قادم، ولا يستطيعون التنقل والحركة، كما لم يسمح لهم بزيارة ذويهم والالتقاء بهم، رغم قُصر المسافة ما بين غزة وبيت لحم، مشيراً إلى أن مجموعة منهم فقدوا آبائهم أو أمهاتهم أمثال موسى شعيبات، حاتم حمود، علي علقم، عيسى أبو عاهور، سليمان نواورة، جمال أبو جلغيف، وأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعت هؤلاء من زيارة أهلهم في بيت لحم، من أجل إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثامين آبائهم أو أمهاتهم، وتقبيلهم قبلة الوداع الأخير قبل مواراتهم الثرى، لافتا إلى أن المبعد ياسين الهريمي قد فقد ابنه وزوجته في غزة .

 

وأشار فروانة إلى أن ظروف مبعدي كنيسة المهد في الشتات ليست أحسن حالاً، بل هي الأخرى سيئة جداً وغير مستقرة، وهم مشتتين في سبع دول من الإتحاد الأوروبي، حيث يعيش ثلاثة منهم  هم: إبراهيم سالم عبيات (48 عاماً) ومحمد سعيد سالم (30 عاماً) وخالد أبو نجمة (42 عاماً) في ايطاليا، وفي مارس / آذار الماضي طلبت أجهزة الأمن الإيطالية من ثلاثتهم إخلاء منازلهم في إيطاليا ومغادرة البلاد، فيما جهاد جعارة ( 38 عاماً ) ورامي الكامل ( 29 عاماً ) يعيشان في ايرلندا، و كان الأول قد تعرض في آب / أغسطس من العام الماضي لمحاولة اغتيال في ايرلندا، وفي البرتغال يوجد مبعد وحيد هو عنان خميس ويعاني من وحدة قاتلة، أما في اسبانيا فان المبعدين إليها كانا إبراهيم عبيات وعزيز عبيات وأحمد حمامرة، وثلاثتهم يواجهون عزلة تامة في المكان الذي يعيشون فيه، إذ يبعد ما لا يقل عن 400 كيلومتر عن العاصمة مدريد، كما يوجد في قبرص المبعد عبد الله داوود، وفي بلجيكا خليل عبد الله، وفي اليونان كل من محمد مهنا وممدوح الوردان.

 

وطالب فروانة، الإتحاد الأوروبي والدول الأوروبية التي استقبلت هؤلاء المبعدين والمنفيين عن وطنهم ومكان إقامتهم، بتوفير الحماية لهم حفاظاً على حياتهم وسلامتهم في كل الأحوال، والعمل من أجل إنهاء معاناتهم وضمان عودتهم .