خبر لن يدخل التاريخ..هآرتس

الساعة 08:56 ص|08 مايو 2009

بقلم: الوف بن

هكذا ستبدو لحظة الحقيقة في لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الولايات المتحدة براك اوباما. الصحافيون الذين انتظروا الى أن ينتهي اللقاء سيسارعون في الدخول الى الغرفة البيضاوية. "اطفئوا الهواتف"، ستطلب المرافقة بتكليف من الادارة. غازي بركائي من صوت الجيش طرد ذات مرة بغضب من الطابور عندما تلقى تقريرا من البلاد الى هاتفه الخلوي عن عملية. ومنذئذ يحذرون. في الغرفة سيجلس اوباما ونتنياهو على كرسييهما، وبعد تبادل التصريحات سيأتي دور الاسئلة.

"مستر برايم منستر" سيسأل مراسل امريكي، "هل تؤيد حل الدولتين؟ وانت مستر برزدنت، هل توافق على رأي رئيس الوزراء؟".

كل الاستعدادات، المشاورات الحثيثة و "بلورة السياسة" التي يقوم بها نتنياهو في الاسابيع الاخيرة مخصصة لهذه اللحظة. نتنياهو يريد أن يجتازها بسلام. نجاح اللقاء يحسن بالثواني الاولى من البث الحي والمباشر، حين يسأل محررو وكالات الانباء وقنوات الاخبار انفسهم "ما هو العنوان الرئيس". اذا قال اوباما ان هناك حاجة لدولة فلسطينية، ونتنياهو قال أن لا، فسيكون هناك للمحررين عمل سهل: "خلاف"، "ازمة"، "حديث صعب". ولن يهتم احد بقصص الحاشية الاسرائيلية عن الكيمياء الرائعة وعن تبادل الضحك بين رئيس الوزراء والرئيس.

محظور الاستخفاف باهمية فكرة "الدولتين". وبقدر ما تبدو وهمية وغير عملية، فان هذا هو المجال الوحيد الذي يلوح فيه خلاف حقيقي بين نتنياهو واوباما. عن ايران لا جدال: فنتنياهو بات يوافق منذ الان على الحوار الامريكي معها. كما ان مطلب "الدولة اليهودية" لنتنياهو، والذي يثير جنون الفلسطينيين، لا يثير مشكلة. نائب الرئيس جو بادين أعلن هذا الاسبوع في مؤتمر ايباك بان اسرائيل هي "دولة يهودية ديمقراطية". وعلى سؤال يتفق نتنياهو واوباما، في أنها ليست في الاولوية في هذه اللحظة.

فقط الدولة الفلسطينية تخلق التوتر. كبار رجالات الادارة، من الرئيس فما أدنى، اوضحوا تمسكهم بالفكرة في سلسلة رسائل حازمة لاسرائيل منذ صعد نتنياهو الى الحكم. وقد جسدوا ابتعادهم عن اسرائيل، بوقف التنسيق السياسي الوثيقة الذي كان منتهجا في عهد بوش. مبعوثو الادارة يخرجون ويدخلون الى دمشق، دنيس روس يعد الحوار مع ايران والامريكيون لا يشركون اسرائيل ولا يسمحون لها بان تطلع مسبقا على ما يجري من حديث. وبدلا من ذلك يطالبونها بتجميد الاستيطان وبحل البؤر الاستيطانية، أي، يهددون نتنياهو بتفكيك ائتلافه.

نتنياهو يفهم هذا. وقد اجتاز دورة التدريب حيال ادارة معادية في البيت الابيض في ولايته السابقة كرئيس للوزراء. فكيف يمكنه ان يمنع هذه المرة الازمة المتوقعة مسبقا مع اوباما؟ السبيل الاكثر بساطة، ظاهرا، سيكون الرد على الصحافيين، "نعم، حل الدولتين هو فكرة رائعة".

كم هو مغري: بجملة واحدة قصيرة، سيظهر نتنياهو كرجل سلام، يرضي المضيف ويحقق الكثير من التغطية الاعلامية. ولكنه "سيدخل التاريخ" ايضا، على حد تعبير شمعون بيرس، "كخرقة بالية"، دعوة الى البيت الابيض ادت به الى التخلي عن مبادىء معتقداته. فلنتنياهو توجد معارضة عميقة، منمقة جيدا وبعيدة السنين، للدولة الفلسطينية.

هل نتنياهو يعتزم ان يعرض ثورة ايديولوجية بالبث الحي والمباشر، وان يخاطر بتمرد في ائتلافه؟ لا توجد مؤشرات على ذلك. الزعماء الذين يعدون تغييرا كبيرا ينضجونه قبل ذلك في الرأي العام. نتنياهو لم يفعل ذلك. بيرس محق بادعائه بان رئيس الوزراء لم يتحدث صراحة ضد "الدولتين" منذ انتخابه، ولكنه لم يتحدث ايضا في صالحهما.

الصيغة التي يعرضها نتنياهو وبموجبها يمكن للفلسطينيين ان يحكموا انفسهم اذا لم يعرضوا امن اسرائيل للخطر، تترك له ما يكفي من المرونة للموافقة على دولة فلسطينية في المستقبل. يكفي تشبيه الحزم الذي قيد نتنياهو به نفسه بمطلب اعتراف الفلسطينيين باسرائيل كدولة الشعب اليهودي، بالغموض النسبي في اقواله عن "الدولتين" كي نفهم على أي من المطلبين يصر أكثر. ولكن لا يوجد ما يدعو الى أن يكون التنازل في اللقاء الاول وليس في سياق الطريق المشترك مع اوباما.

اذا لم يطرأ تغيير مفاجىء، فاننا سنرى ان نتنياهو سيجرب طريقا وسطى. هناك احتمال صغير في أن يتصرف كاسحق شمير، وان يحاول أن يشرح لاوباما لماذا فلسطين المستقلة هي فكرة سيئة ولا داعي لها. معقول أكثر ان يلمح لاوباما في المقطع المغلق، في أنه اذا ما حصل على الوقت والفرصة، وكان له شريك فلسطيني وما شابه، فسيفكر بقبول دولة فلسطينية؛ ولكن الان على اوباما ان يبدي تفهما لاضطراراته السياسية.

اذا ما نجح نتنياهو، فسيدخل اوباما في تصريحه للصحافيين، حتى قبل الاسئلة، جملة بصيغة "انا متشجع جدا مما سمعته اليوم من رئيس الوزراء عن نيته دفع السلام الى الامام. هذا يكفي كي يعطل عناوين الازمة والخلاف في الاعلام وان يقدم لقاءا طيبا. السؤال الذي تتركز عليه الاستعدادات للسفر هو كم سيكلف نتنياهو مثل هذا التصريح . ماذا ينبغي له ان يقول لاوباما ما يقنع الرئيس منحه فرصة. بادرات طيبة في الحواجز؟ تجميد هادىء في المستوطنات؟ مرونة في القناة السورية؟ وعد بعدم مهاجمة ايران على نحو مفاجىء؟ هذا ما سيشغل بال رئيس الوزراء ومساعديه في الايام العشرة القادمة.