خبر كل شيء في الاتفاق الدائم..هآرتس

الساعة 08:55 ص|08 مايو 2009

بقلم: شاؤول ارئيلي

عضو ادارة مجلس السلام والامن ومن مبادري تفاهمات جنيف

لا ينبغي السماح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التصرف باستخفاف بمكانة اسرائيل كدولة يهودية وكدولة الشعب اليهودي. فنتنياهو يضعها مرة اخرى للاعتراف والشرعية الدولية، اللذين سبق أن منحا لها، في محاولة للامتناع عن المفاوضات. الاعتراف منصوص عليه تاريخا وقانونيا. وكذا الفلسطينيون قبلوا به في الماضي وسيعودون لقبوله – فقط في اطار اتفاق دائم كامل. الطرفان لا يمكنهما ان يدعيا في مواقفهما باسم الشرعية الدولية ويتجاهلا قسما من قرارات الامم المتحدة.

مؤسستا الاسرة الدولية، عصبة الامم والامم المتحدة اللتان قررتا اقامة دولة اسرائيل، رأتا وتريان فيها ليس فقط "الدولة اليهودية"، بل وايضا دولة الشعب اليهودي. ففي صك الانتداب في العام 1922 تقرر "اقامة وطن قومي يهودي للفلسطينيين وتشجيع هجرة الجماهير اليهودية الى هذه البلاد كي يتمكنوا من ان يصمموا هناك مصيرهم ويبنوا فيها وطنهم". أي، الدولة اليهودية في ارض اسرائيل وجدت كوسيلة ناجعة لضمان ان يتمكن الشعب اليهودي من اقامة ثقافته المميزة والسيطرة على مصيره.

تشجيع الهجرة جاء لضمان ان يتمتع اليهود باغلبية، التي هي الشرط الضروري في النظام الديمقراطي لتحديد طبيعة الدولة وطابعها. بل ان الامم المتحدة تبنت توصيات الجمعية العمومية في شكل "قرار التقسيم" (181) في 29 تشرين الثاني 1947 حيث كتب: "تصريح بلفور والانتداب على حد سواء تضمنا تعهدات دولية للشعب اليهودي بعمومه. كان واضحا ان هذه التعهدات لن تكون محصورة فقط بالسكان اليهود في فلسطين". أي تعهدات فيها ما ينص على "قانون العودة" (1950) الذي يمنح كل يهودي الحق في الهجرة الى اسرائيل ويأتي بترسيخ طابع دولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي.

الحق التاريخي والشرعية الدولية يوجدان إذن بالتأكيد في قرارات رسمية، ويمكن ان يضاف اليهما اعلان الاستقلال الفلسطيني في تشرين الثاني 1988، والذي كان أول اعتراف فلسطيني بالدولة اليهودية حين تطرق لقرار 181 واشار الى أن "... هذا قسم فلسطين الى دولتين، يهودية وعربية".

وعليه، فليس بوسع رئيس الوزراء أن يضمن مستقبل اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية من خلال شروط مسبقة بل فقط بالتوافق على المسائل بأسرها.

اولا، ينبغي أن نرى بالحدود وسيلة اولى في سموها في تحديد الارض التي يمكن فيها ضمان تحقيق الهدف، وليس الهدف نفسه الذي جاء "بفضل البطولة". حتى 1967 اثبتت الحركة الصهيونية بان بوسعها ان تحقق كل اهدافها الاساس في نطاق الخط الاخضر بل وان تكتفي بذلك. لو أنها نالت الاعتراف واتفاقات السلام مع جيرانها. وعليه فان الانفصال عن الفلسطينيين في المناطق واقامة دولة فلسطينية هو حاجة صهيونية. المنطقة لعمل ذلك هي في محيط الخط الاخضر، وليس في "خريطة المصالح الحيوية" التي ثبتها نتنياهو في 1988، والتي تترك فقط 40 في المائة من الضفة لـ "الكيان الفلسطيني".

ثانيا، الهدف في نيل القدس الاعتراف الدولي كعاصمة اسرائيل سيتحقق، فقط اذا ما نزع رئيس الوزراء من فكرة القدس الموحدة 28 حيا وقرية عربية ضمت اليها في الـ 1967 وسمح لـ 270 الف فلسطيني في ان يستبدلوا حق الاقامة الاسرائيلي بالجنسية الفلسطينية.

ثالثا، ليس في الاعتراف الفلسطيني المتكرر بالدولة اليهودية ما يزيل مسألة اللاجئين عن طاولة المفاوضات. تجربة المفاوضات في العقد الماضي تبين أن الوسيلة لتسويتها برضى اسرائيل واهدافها هي اتفاق شامل، يسوي كل مسائل اللباب. مبادرة السلام العربية تمنح فرصة للوصول الى اتفاق على حل المشكلة دون حق العودة.

الوسيلة لضمان أمن اسرائيل لا توجد فقط في جناحي اف 15، بل اضافة الى تجريد سيناء، هضبة الجولان والدولة الفلسطينية من السلاح كما يعتزم الامريكيون، في الفرصة للتسويات والتحالفات الاقليمية التي توجد هي ايضا في مبادرة السلام العربية.

المطالب اللفظية تستنفد الزمن للمفاوضات وتمنحه لتصميم الواقع الذي من شأنه أن يمس بوجود دولة يهودية وديمقراطية. الاتفاقات الدائمة هي الوسيلة التي اثبتت نفسها مرتين، بهدف ضمان اسرائيل سواء كدولة يهودية ام كعضو في أسرة الشعوب.