خبر كرة الثلج تبدأ بالفتات هي الاخرى..هآرتس

الساعة 08:53 ص|08 مايو 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

في ايار 1961 جرى في فندق ولدورف استوريا في نيويورك لقاء أول بين الرئيس جون كندي ودافيد بن غوريون. السؤال الاول الذي طرحه كندي على بن غوريون كان: هل أنتم تطورون سلاحا نوويا؟ ولم يأتِ السؤال مفاجئا. فعلى مدى اسابيع بحثوا في البلاد في مسألة كيف الرد على سؤال مشابه. وحسب المتفق عليه، اجاب بن غوريون بان الحديث يدور عن مشروع لاغراض الطاقة وما شابه. بعد سنة او سنتين من ذلك عثر على تعبير "لن نكون اول من يدخل السلاح النووي الى المنطقة" وما شابه.

أمريكا عرفت الحقيقة. وفهمت بان اسرائيل المهددة بحاجة الى سلاح ردعي ضد العالم العربي الذي هدد بابادتها. ولكن بين ايام الغموض وايام التهديدات العلنية حول قدرة وخطط اسرائيل على ضرب ايران مر زمن طويل ونحن نتحدث اكثر مما ينبغي.

عندما ينشر نبأ عن تصفية قافلة سلاح ايرانية في السودان، تكشف مصادر مجهولة النقاب عن ان الحديث يدور عن ذات المسافة مثل المسافة من هنا الى ايران؛ والمصدر المجهول يكشف النقاب عن ان طائرات اف 15 نفذت مناورة كبيرة فوق جبل طارق، بمشاركة طائرات التزويد بالوقود على مسافة 4 الاف كم من اسرائيل. مشكوك فيه أن تكون تهديدات مموهة كهذه تعجب اوباما الذي تعهد علنا بحل التهديد الايراني من خلال الحوار.

ينبغي الاخذ بالحسبان بان عملية جوية، مهما كانت ناجحة، في ايران، ستجعل جبهتها الداخلية هدفا لنار الصواريخ الثقيلة التي ستضرب المدن الكبرى ايضا. وسيكون وضعنا اسوأ اذا لم تنجح حملتنا كما هو مخطط لها. الحق مع اوباما، الذي يلمح بان مثل هذه الحملة كبيرة علينا. ناهيك عن ان كل نتيجة، فشل، نصف نجاح او نجاح كامل، لن تحل المشكلة الاهم لاوباما وهي انهاء النزاع بيننا وبين الفلسطينيين.

مراسلون اسرائيليون في واشنطن تعرفوا هناك على ان الادارة درجت على الحديث بلغة واحدة. يمكنك ان تتحدث مع الرئيس، مع الشيوخ ومع كبار الموظفين – وهم يكررون ذات المضمون الذي تقرر في سياسة الرئيس اوباما. عندنا يوجد 37 وزيرا ونائب وزير، وستسمعون الف رواية عن موضوع واحد.

عندما تدعو نائبة وزيرة الخارجية روز غوتملر اسرائيل للانضمام الى الميثاق ضد نشر السلاح النووي، ينبغي ان يكون واضحا بان ليست هذه زلة لسان من موظفة. أولا، لان هذه هي المرة الاولى التي تتحدث فيها الادارة علنا عن القدرة النووية لاسرائيل. ثانيا، لان ذات السيدة رفضت الرد على السؤال اذا كانت الادارة ستبادر الى خطوات جديدة للضغط على اسرائيل التخلي عن السلاح النووي الذي "حسب مصادر اجنبية" تحتفظ به.

وفي تصريحات اوباما في خطاه الاولى في الحكم انكشفت رؤياه عن عالم بدون سلاح نووي. ايضاحه بانه ينبغي معالجة المشكلة بالحوار وليس بالقوة هو تعليمات اولى لاسرائيل بالتخلي عن فكرة مهاجمة ايران. رئيس فريق البيت الابيض رام عمانويل أعلن بان قدرة الولايات المتحدة على الوقوف في وجه ايران منوطة بقدرة تحقيق تقدم اسرائيلي في الجبهة الفلسطينية. "هذه لحظة الحقيقة لاسرائيل: دولتين للشعبين هو الحل الوحيد للشرق الاوسط". ومستشار الامن القومي جيمس جونز أعلن "لن ندفع اسرائيل الى تحت عجلات الباص، ولكننا سنبدي تجاهها معاملة اكثر حزما من ادارة بوش".

لا ادري ماذا قال بيرس لاوباما وماذا قال اوباما لبيرس في اللقاء الثنائي واي تفسير سيمنحه بيرس لاقوال الرئيس حين يبلغ بيبي عنها. وحسب ما قاله رؤساء الادارة الجديدة علنا في مؤتمر ايباك، ليس لليبرمان سببا يدعوه الى الانطلاق في الرقص. نائب الرئيس جو بايدن اعلن بانه رغم الالتزام الامريكي بامن اسرائيل وبنزع التهديد الايراني، على اسرائيل أن تعمل لحل الدولتين للشعبين. عليها ان توقف بناء مستوطنات جديدة وتهدم بؤر استيطانية قائمة وتمنح الفلسطينيين حرية حركة وقدرة وصول لتحقيق الفرص الاقتصادية. رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري تحدث بذات النبرة: "المستوطنات تعزز حماس".

اوباما يعمل بسرعة وبشكل مباشر في الكثير من المواضيع في آن واحد معا. وكما يبدو فانه لن يمارس ضغطا على اسرائيل للانضمام الى ميثاق منع نشر السلاح النووي، ولكن لا يمكن التوقع منه أن يكون عضوا في الليكود. فنتنياهو سيكون مطالبا بان يتعهد بوقف البناء في المستوطنات وان يزيح بؤر استيطانية غير قانونية كي يخلق الظروف للمفاوضات استنادا الى مبدأ الدولتين للشعبين.

آمل أن تكون التقارير بان نتنياهو سيعرض على الفلسطينيين حكما ذاتيا هي مزاح. ففكرة الحكم الذاتي ماتت قبل موت مخترعها، مناحيم بيغن. العطف لاسرائيل قائم في ادارة اوباما، ولكنه ليس أعمى. العهد الذي كان بوسعنا فيه ان نشد الحبل وان نسوف الوقت بلغ منتهاه. وحتى لو كان الجميع لطفاء هناك لدى اوباما، ينبغي لنا أن نعرف بان كرة الثلج هي الاخرى تبدأ بالفتات الصغيرة.