خبر نتنياهو إذ يتحدث باسمنا أيضا (؟!) ..كتب: عريب الرنتاوي

الساعة 08:27 ص|08 مايو 2009

نتنياهو إذ يتحدث باسمنا أيضا (؟!) ..

كتب: عريب الرنتاوي

ينهض الخطاب السياسي لحكومة نتنياهو على فرضية جوهرية واحدة: إيران هي الخطر الرئيس على إسرائيل والعرب والعالم ، ومواجهتها وصولا لإحباط برنامجها النووي ، هي المهمة المركزية الأولى لائتلاف دولي افتراضي ، يتعين من وجهة نظر حكومة اليمين المتطرف ، أن يضم جميع المتضررين من برنامج إيران النووي والصاروخي.

 

مدفوعة بالرغبة الجارفة لتفكيك هذا "الخطر" ، تجد إسرائيل نفسها في سباق مع الزمن.. فهي تريد أن تفرض شروطا مسبقة على "الحوار الأمريكي الإيراني" ، وهي تسعى في تقييده برزنامة زمنية ضيقة للغاية ، فيما "طاقم إيران" في رئاسة الحكومة الإسرائيلية يعمل ليل نهار على اجتراح منظومة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية ، كفيلة بخنق إيران ، لا بمنعها من إنتاج "القنبلة القذرة" فحسب ، ويضم هذا الطاقم بحسب المصادر الإسرائيلية ، عدداً من كبار الوزراء والخبراء ، بينهم باراك ، ليبرمان ، يعلون ورئيس الموساد مئير دغان ، الذي يقال أن التمديد له سنة إضافية مؤخرا ، تم بفعل نجاحاته في تنفيذ عدد من الاغتيالات والعمليات في لبنان وسوريا وداخل العمق الإيراني ، كما لم يستبعد المراقبون أن يكون التمديد مرتبط بالتحضيرات اللوجستية لتنفيذ عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

 

في مسعاها الحثيث هذا ، تجد حكومة تل أبيب نفسها مدعومة بجملة من المعطيات ، أهمها اثنان: الأول: أن اللوبي اليهودي الذي ينشق على نفسه حيال عدد من القضايا ، ما زال موحدا حول الموقف العدائي لإيران ، ومؤتمر الإيباك المنعقد في واشنطن هذه الأيام ، جعل من إيران قضيته الأولى ، وهذا اللوبي يسعى في استصدار قانون عن الكونغرس يمكن الرئيس من فرض حظر على مستوردات إيران من مشتقات النفط ، وتحديدا البنزين الذي تشكل مستورداته ، ما يقرب من نصف احتياجات إيران من هذه المادة الاستراتيجية.

 

والثاني: تجد هذه الحكومة كل الدعم من الرأي العام الإسرائيلي ، الذي جنح كثيرا نحو اليمين ، إذ يؤيد ثلثا المجتمع الإسرائيلي 66( بالمائة) ، قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران إن أخفقت الدبلوماسية في انتزاع المخلب النووي من اليد الإيرانية ، في حين يرفض هذه الضربة 15 بالمائة فقط.

 

أخشى ما تخشاه إسرائيل ، وهي تغذ الخطى على دروب المواجهة مع إيران ، مسألتان اثنتان: الأولى ، أن تجد نفسها مضطرة لدفع ثمن بناء تحالف دولي ضد إيران من احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية ، وفي هذا السياق ، ثمة معلومات مؤكدة تقول أن واشنطن في عهد أوباما أخذت تتبنى نظرية "الرزمة الكاملة" ، وهنا ينقل على رئيس طاقم البيت الأبيض رام إيمانويل ، قوله أمام المساهمين الثلاثمئة الكبار لـ"إيباك": "إن قدرتنا على الوقوف في وجه إيران منوطة بقدرتنا على تحقيق تقدم على الجبهة الفلسطينية" ، وهذا بالطبع ما لا ترغب إسرائيل في سماعه ، وتسعى في تلافيه ، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.

 

والثانية: أن تعمل الولايات المتحدة بوحي مما يعتقد أنه شعار جديد ناظم للاستراتيجية الأمريكية الجديدة حيال إيران: "وجود القنبلة أفضل من تفجيرها" ، وهو الشعار الذي يعكس بنظر المراقبين ، إقدام واشنطن على سحب "الخيار العسكري" عن الطاولة ، بخلاف ما يتردد أحيانا في العلن ، على ألسنة بعض رموز الإدارة.

 

في مواجهة هذه المخاوف ، تنهض الاستراتيجية الإسرائيلية التي روّج لها نتنياهو بالأمس من على منبر "الإيباك" ، وينثر وزير خارجيته بعض عناصرها في العواصم الأوروبية التي يزورها ، على فرضية أن مواجهة "الخطر الإيراني" بات قاسما مشتركا بين العرب والإسرائيليين ، أو كما جاء على لسان نتنياهو حرفيا في كلمته أمام الإيباك: "للمرة الاولى في حياتي ، يستشعر العرب واليهود خطرا مشتركا. هناك تحديا كبيرا يوجهنا جميعا ، ولكن هذا التحدي يمثل ايضا فرصا عظيمة".

 

وإذا كان أوباما يريد أن يجمع العرب والإسرائيلين من بوابة عملية السلام ، توطئه لمواجهة "الخطر الإيراني" ، إلا أن نتنياهو يعتقد أن للعرب مصلحة لا تقل عن مصلحة إسرائيل في مواجهة إيران ، وأن لا حاجة لمنحهم "جوائر ترضية" نظير دخولهم على خط المواجهة معها ، بما في ذلك المواجهة العسكرية ، وهو يستشهد على ذلك ، بفائض المواقف والتصريحات التي تصدر في عواصم عربية عدة ، وتذهب جميعها إلى تصوير إيران ، وليس إسرئيل ، كمهدد أول ورئيس للأمن القومي العربي.

 

المؤسف حقا ، أن كثيرا من عواصمنا توغل في الصمت كلما أوغل نتنياهو في الكلام عن "القواسم المشتركة بين العرب واليهود" ، بل أن بعضها يوفر عن قصد أو من دونه ، المزيد من الذخائر لحملته العدائية لطهران ، مع أن الحد الأدنى من كرامتنا الوطنية واستقلالية قرارنا السياسي ، خصوصا في مرحلة ما بعد غزة ، وما بعد الانتخابات الإسرائيلية ، يملي علينا التصدي بحزم لمحاولات نتنياهو وأركان حكومته ، النطق باسمنا ، والتحدث عن هواجسنا ، واستخدام توقيعاتنا لترويج سياساته المُصادرة لحقوقنا الوطنية والمُهددة لأمننا القومي ولسلام المنطقة واستقرارها.