خبر حواتمة لـ « فلسطين اليوم »: لا أمل بحوار 16 و17 مايو بين فتح وحماس من وراء ظهر الحوار الشامل

الساعة 10:02 ص|07 مايو 2009

فلسطين اليوم-خاص

يعيش الشارع الفلسطيني في حيرة شديدة هذه الأيام، فبعد أن يرتفع سقف التوقعات بإمكانية نجاح حوار القاهرة، لا تلبث هذه التوقعات أن تنخفض أو تتلاشي، نتيجة للتأجيل المتكرر للحوار. ولعل أكثر من يتعطش لسماع "أخبار سعيدة" عن نتائج الحوار، هم من يعيشون في العراء ومن فقد عائلته وبيته ومصدر رزقه. وكما عودتكم "شبكة فلسطين اليوم الإخبارية" في متابعة أدق تطورات الوضع الفلسطيني، كان لنا هذا الحوار الشامل مع الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين "نايف حواتمة":                                

 

 

 

 

 

 

 

 

* خمسة جولات متتالية من الحوار الفلسطيني، والحصيلة تأجيل يتبعه تأجيل، وماذا بعد؟

-خمسة جولات متتالية من الحوار الفلسطيني، والقضية الفلسطينية تعيش في مرحلة تاريخية من أخطر وأدق مراحلها. الآن لا مجال للمناورة أو التراجع أو الفشل بعد تشكيل حكومة "إسرائيلية" متطرفة بزعامة نتنياهو، وتمضي في حلولها وخططها الأحادية لفرض واقع انفرادي سيجد تبريره دولياً بالانقسام الفلسطيني، وأقصد هنا الولايات المتحدة وبما توفره من دعم للكيان الصهيوني، وتحت حجة وذريعة أن الفلسطينيين هم الذين أضاعوا الفرصة بصراعاتهم الداخلية، وهو صراع على نفوذ ومكسب سياسي داخلي، ومنصب حكومي، لكنه صراع على حساب القضية الفلسطينية كلها.

إذن لا بد من الحوار، لأن المستجدات والمعطيات القائمة ملحة، ويفرضها التحدي باستدعاء مصادر قوة الشعب الفلسطيني الموحدة، لمواجهة مجموع الأدوات والمخططات التي تواجه القضية، وتوظيف العامل الفلسطيني الموحد في الصراع، بدلاً من استخدامه تصادمياً داخلياً. فالرد على الاحتلال يكون بإنهائه، والرد على الانقسام والانقلابات والاحتكارات يكون بالديمقراطية والتمثيل النسبي الكامل. والرد على "أزمة" الشرعية يكون بالعودة للشعب لتجديد الشرعية وتأكيدها. وهذا كله؛ هو مواجهة حالة الانقسام بالتوحد السياسي المؤسساتي والميداني بديلاً عن حالة التنازع الداخلي.

لقد جربت فتح وحماس الانفراد والاحتكار، ثم جربنا الاحتكار الثنائي وكانت النتيجة كارثية على الشعب والقضية وأربع سنوات في الصراعات الداخلية حيث الفشل والضياع. والسؤال الآن هو: هل الوحدة الوطنية والتمثيل النسبي الكامل يمكن تحقيقه ؟ أقول بكل تأكيد نعم، لأنه خيار الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وتلاوينه، لأنه خيار إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهو ما يواجه خيارات الضعف الداخلي كلها، خيارات القتال الداخلي وتجزئة القضية الفلسطينية لحسابات ومصالح حزبية فصائلية تنظيمية أنانية ضيقة.

* بصراحتكم المعهودة إلى متى سيستمر هذا الحوار، علماً أن هناك حالة إحباط عامة لدى جماهير شعبنا ؟

لا يمكن لجولات الحوار أن تبقى مفتوحة إلى ما شاء الله، أولاً لأن الحوار ينبغي أن يكون برؤية سياسية شاملة لكل مكونات الصراع، ولكل الأبعاد الإقليمية والدولية المتحكمة بتطورات القضية الفلسطينية. وثانياً: أن يستوعب الحوار كل المتغيرات الجديدة التي لحقت ببيئة القضية الفلسطينية، وتزايد الضغوطات وما يطرأ على موازين القوى في المنطقة وخياراتها. وثالثاً والأهم وهو أن هذا الحوار يأتي بعد حرب دموية بعد محرقة قطاع غزة، حيث حاولت "إسرائيل" وبوحشية وهمجية فرض واقع سياسي جديد للقضية الفلسطينية، لذلك فالرد ينبغي أن يكون بالحوار الفلسطيني الشامل، ووقف حوار المحاصصة الثنائية القائمة على الاحتكار والإقصاء، وإعادة دمقرطة بناء النظام السياسي الفلسطيني في مرحلة التحرر الوطني الراهنة بما يتجاوب مع التغيرات والتحولات كلها التي طرأت؛ الحوار من منطق الشراكة والتعددية السياسية بالتمثيل النسبي الكامل.

وأود التأكيد على مبدأ الحوار، فهو ليس جديداً على الحالة الوطنية الفلسطينية، وليس طارئاً في ظل أزمة ينتهي معها، فالحوار هو آلية متلازمة لكل مراحل النضال، لأنه يشكل المصدر الأساسي لقوة الشعب الفلسطيني الكاملة والكامنة، وهو ما نستدعيه دوماً بالأزمات التي نواجهها، بيد أن الدعوة لنجاحه الآن تفرضها وقائع ومستجدات لمواجهة ظروف الاحتلال والضغوطات الدولية والإقليمية. فالحوار دوماً هو أهم أدوات إدارة الأزمات، وينبغي أن يتحول إلى مبدأ وآلية عمل في كل قضايا ولكل ما يواجهنا، وفي سياق نتائجه ينبغي له أن لا يتوقف عند المستوى الفصائلي في حدود انعقاده، بل أن يتسع ويمتد ليشمل مؤسسات المجتمع المدني والأكاديمي والنقابي المهني ... الخ، نحو نشر المبدأ، نشر لغة الحوار والتفاهم وإدارة الخلافات والتأسيس لحلول بطريقة سلمية ديمقراطية، تؤمن وحدة مكونات المجتمع بالعودة إلى الشعب والانتخابات التشريعية والرئاسية، ومؤسسات منظمة التحرير، بدءاً بالمجلس الوطني الجديد ومؤسسات المجتمع في النقابات والاتحادات والجامعات، وفق التمثيل النسبي الكامل، هكذا فعلت كل حركات التحرر الوطني الظافرة، والدول الحرّة المزدهرة، بنوايا سليمة وصادقة، نابعة من إدراك حجم الأزمة التي تواجه القضية الفلسطينية ومواجهة الاحتلال، وهو الفرصة المتاحة الوحيدة، الفرصة الذهبية التي ينبغي عدم إضاعتها.

* في إطار قراءتكم للمعطيات الموجودة برأيكم هل سيكون هناك اتفاق "نهائي" ـ كما يقال ـ في أواسط مايو/ أيار 2009، حيث تتزامن هذه الجولة مع ذكرى النكبة؟

بدايةً تؤكد الوقائع ومعها التطورات السياسية المتصاعدة والمتلاحقة فلسطينياً، أنه لا بديل إطلاقاً إلا بإنهاء الانقسام السياسي، وإعادة بناء كامل النظام السياسي الفلسطيني الذي يوفر إطاراً سياسياً ديمقراطياً للتوافق والتعايش والمشاركة السياسية عبر التمثيل النسبي الكامل، وهو ما يناغم ويوفق ما بين خيار المقاومة وخيار التفاوض، الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إنهاء الانقسام السياسي.

إن الخطوة الأولى في هذه المهمة؛ تكمن بتشكيل حكومة توافقية تقود لعملية انتخابية، مهمتها ترسيخ الشرعية السياسية ديمقراطياً عبر الانتخابات، تدفع جميع المكونات الفلسطينية المجتمعية لتحمل مسؤولياتها وواجباتها الوطنية على المستوى الفلسطيني كله، وأية صفقات احتكارية ثنائية بين فتح وحماس هي معزولة، وستعزز وتعمق حالة الانقسام آجلاً أم عاجلاً، وبما تحمل من أخطار داهمة على القضية الفلسطينية ذاتها، وعلى الشعب الفلسطيني ذاته، وأخطار على النضالات والتضحيات الفلسطينية، بما فيها ما نشاهده من ضياع الوقت لحالة إعمار قطاع غزة وعذابات المواطنين.

بكلمة مباشرة: لا أمل بحوار 16، 17 مايو/ أيار بين فتح وحماس من وراء ظهر الحوار الشامل، كما أن المحاور الإقليمية المتصارعة غير ناضجة للإقلاع عن سياسة زرع وتعميق الانقسام في خدمة "مصالحها الخاصة" إلى أن مشاكلها مع السياسة الأمريكية والإسرائيلية بالحوار والتفاوض الثنائي المباشر والمغلق مع واشنطن وتل أبيب.

 

* كيف يمكن تجنب أن لا يتمخض الحوار الثنائي بين فتح وحماس عن اتفاق على غرار اتفاق مكة بحيث يفجر الوضع مجدداً ؟ رغم أن الحوار كان جماعياً في البداية إلا أنه تحوّل إلى حوار ثنائي لماذا برأيك؟

-لندقق جيداً في الخيارين الثنائيين؛ لنقول أي صفقات احتكارية ثنائية ستفضي إلى واقع سياسي متجذر في الانقسام، يصعب معه الحوار لاحقاً، أو إتباع خطوات "وثيقة الوفاق الوطني وإعلان القاهرة" و "بيان 26 شباط/ فبراير الصادر عن الحوار الشامل في القاهرة"، وأؤكد هنا أن الخلاف والصراع قد أوضح جلياً أنه ليس بين برنامجين سياسيين، فهذا ليس هو الخلاف الحقيقي، هذا ما يقوله واقع الحال بوضوح. كما أقول هذا استناداً إلى خبرة وقوانين حركات التحرر الوطني التي تؤكد أن الخلاف السياسي في البرامج والرؤى يؤجل لصالح البرنامج الوطني الجامع، برنامج القواسم المشتركة، وطالما هناك احتلالاً ينبغي دحره وإزالته والتحرر من أغلاله وقيوده وأعبائه وتبعاته السياسية والاقتصادية والسيادية.

كذلك من الطبيعي أن ترى بعد التحرير خلافات وتناقضات حول مفهوم الدولة وشرعيتها وارتباطاتها وتحالفاتها الإقليمية والدولية. أمامنا في التاريخ العديد من النماذج التي تشكل قانونية لحركات التحرر، وهكذا الخلاصة المنطقية الدقيقة للانقسام أو للاحتكار الثنائي الذي وصفناه، هي تأجيل مرحلة إزالة ودحر الاحتلال، لأن الصراع سيتواصل بينهما باعتبار المرحلة صراعاً فئوياً حزبياً فصائلياً حول البناء السياسي، ولكن تحت الاحتلال، الموضوع الذي يجري تأجيله لصالح النفوذ الاحتكاري الفصائلي الحزبي وعلى حساب الشعب وقضيته الوطنية، في تماهيه بأن قطاع غزة قد دخل مرحلة ما بعد الاستقلال (!).

نحن أمام استحواذ مزدوج مركب معقد ومتشابك، ينبغي تفكيكه بقانونية حركات التحرر، أما الجدل الفرعي الذي يثار هو للتعمية على الواقع، والقائل: "يوجد تناقض بين خيار المقاومة وخيار التفاوض"؛ مرةً أخرى تثبت الوقائع بأنه للتعمية على القضية الجوهرية، لأن خيار المقاومة كما نفهمها هي خيار شعبي متعدد الأوجه، وهي أحد أهم عناصر القوة في يد المفاوض الفلسطيني، وهنا عليك التمييز بين موقفنا المشروط بوقف المفاوضات الفاشلة وحتى يتوقف الاستيطان، وبين ما نعرض من قانونيات وبديهيات، فالأهداف السياسية للمقاومة والتفاوض هي واحدة تتمثل في خروج ودحر الاحتلال، مقروناً بالتمسك بالثوابت الوطنية وفي مقدمها قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. دروس كل الثورات وحركات التحرر الوطني تؤكد "لا سياسة تفاوضية ناجحة بدون مقاومة راشدة، ولا مقاومة راشدة بدون سياسة وطنية موحّدة".

إن معضلة أوسلو تتمثل في "اختزال" وهمي للاحتلال، فضلاً عن عدم استيعاب مُوقعيه لتوظيف المقاومة الانتفاضة حين حاولوا استثمارها قبل نضوج أهدافها ثم إنهاءها، والنتيجة سلطة تحت الاحتلال تنفرد باحتكار السلطة بلون محدد، وبما أفضت لها هذه التجربة من كوارث ومآسي للقضية والشعب، أما النتيجة السياسية الراهنة للمشهد برمته تتمثل في الفشل ببناء النموذج السياسي الفلسطيني، جوهر ضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني، والتي أفضت إلى انقسام في البناء السياسي، وإلى سلطتين حركيتين وتنظيميتين سلطويتين، بدلاً من بناء الخيار الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وهكذا؛ فمعضلة الضعف هي داخلية تماماً، الأزمة بكل عناصرها وأبعادها ومحتواها، وقد لعبت بها العوامل الخارجية أيما ألاعيب. لننظر وندقق الآن؛ أكثر من عامين على سيطرة حماس على قطاع غزة، لم يعد الخلاف حول "مقاومة أم مفاوضات" بل "تجزئة" الخيار الوطني الفلسطيني بما فيه (ملف، قلْ خيار) دحر الاحتلال وإنهائه وصولاً إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

من نافل القول فلسطينياً أن أكرر بأن الانقسام وضعف البناء السياسي الفلسطيني هو المعيق الأول لتحقيق الأهداف، فسياسياً لدينا المرجعية الهائلة من القرارات الدولية المؤيدة والداعمة للحق الفلسطيني، والمطلوب الخروج من الانقسام ومن الاحتكار الثنائي الذين يفضيان إلى كوارث، نحو إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بكامله، ودون ذلك فإن الأزمة ستجتر ذاتها مجدداً في تجاربها الفاشلة ثنائياً، وستجتر المآسي التي عشناها، والماثلة صورها المأساوية في الأذهان.

السلطة في مفاوضات مباشرة توقفت مع حكومة نتنياهو، كذلك سلطة حماس في مفاوضات غير مباشرة تتواصل حول قضايا "جزئية أمنية وتهدئة"، وشعب قطاع غزة يئن من الدمار والبطالة، الدم النازف معجوناً بالجوع والدموع.

* ما المانع في أن تكون جولات الحوار متواصلة بحيث يتم التوصل إلى اتفاق نهائي ؟ وما دلالات تأجيل الحوار على فترات متباعدة ؟

-سبق وأن طالبنا بصيغة الدوحة، التي توافق عليها اللبنانيون، بعد أن توافق عليها النظام العربي الفاعل في المسألة اللبنانية.

من الممكن أن تكون متواصلة جلسات الحوار إذا كان الجميع على سوية واحدة من المهمات والرؤية الوطنية، والابتعاد عن النظرة الفئوية الضيقة لصالح الهم والحال الوطني الكامل. البعض يريد أن يستشير مرجعياته المختلفة، ومدى الموقف يرتبط بالتحالفات وتشابكاتها المعقدة، وهذا يُبعد الحوار المتناول عن تغليب البحث على ما يجمع المواقف وثوابت المسألة الوطنية الفلسطينية.

ونحن مع هذا المطلب، بالجلوس المتواصل على طاولة المفاوضات حتى إنجاز أهداف الحوار. أما دلالات تأجيل الحوار إلى فترات متباعدة، فهو أولاً: وجود مصالح سلطوية فئوية احتكارية طاغية، وثانياً: محاور العواصم الإقليمية تقدم مصالحها وتغذي الانقسام بالمال وكل أشكال إدمانه؛ إلى أن تستجيب الإدارة الأمريكية لحوار وحلول ثنائية مع هذه العواصم أولاً، ولذا لم يتم إيجاد مقاربة لبرنامج القواسم المشتركة أو العودة للشعب والانتخابات الجديدة، علماً أن الديمقراطية الحقة والحقيقية، ولهذه المرحلة التحررية الكفاحية الفلسطينية هي بالتمثيل النسبي الكامل.

* تشير المعلومات إلى أن حركة فتح قد وافقت على أن تتم الانتخابات وفق التمثيل المختلط، علماً بأنكم كنتم تطالبون مع فتح وفصائل أخرى بالتمثيل النسبي الكامل، هل أخذت فتح رأيكم في هذه القضية؟

-التمثيل النسبي الكامل هو نتاج قرارات أربع دورات للمجلس المركزي، وقرارات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حول التمثيل النسبي الكامل. لقد ناضلنا طويلاً للوصول إلى هذه القرارات. لم تأخذ فتح رأينا ونحن نصرّ على التمثيل النسبي.

لم يأخذ وفد فتح بحواره الثنائي مع حماس رأينا أو الالتزام بالموقف الموحّد؛ الذي تقرر بين فصائل منظمة التحرير في اللجنة التنفيذية. لدى عناصر من فتح نزعة لإعادة تجربة المحاصصة مع حماس التي أنتجت الحرب الأهلية والدمار وفصل غزة عن القدس والضفة، حان الوقت لاحترام القرارات المشتركة للجنة التنفيذية وموقف فصائل منظمة التحرير، إن الصفقات الثنائية من وراء ظهر كل الفصائل والشخصيات الوطنية تكرّس الانقسام وفتح هي الخاسر أولاً، لأنها تدمر تحالفاتها، وتكرر ذلك: من الحوار الشامل في آذار/ مارس 2005 بالقاهرة حتى يوم الناس هذا.

* البعض يرى أن بعض الفصائل محسوبة على فتح والآخر على حماس، وأن مشاركة باقي الفصائل في الحوار لا معنى لها، حيث أن الاتفاقات النهائية تتم بين الحركتين، هل معنى ذلك أن الحوار ثنائي ووجود باقي الفصائل شكلي ؟

ما وقع على امتداد السنوات التي مرت تقول؛ بأن الجبهة الديمقراطية والقوى الوطنية الديمقراطية بجانبها، وبالتأثير على مناخات الجماهير وشعبنا بالداخل والخارج، وبالتأثير على مائدة الحوار الوطني الشامل. نحن هذه القوى الديمقراطية هي التي قدمت الحلول للأزمات الداخلية الفلسطينية ـ الفلسطينية وليس فتح أو حماس، بكل صراحة هذه وقائع معروفة لجميع القوى في حوار القاهرة وغزة، والآن ناضلنا على امتداد 20 شهراً من أجل جمع الجميع على مائدة الحوار الشامل ووصلنا من جديد إلى وثيقة، وهذه الوثيقة أنجزت بالحوار الشامل وبعد أن كشفنا أن هناك ورقة صباح 26 شباط/ فبراير الماضي؛ ورقة من فتح وحماس (جاءت الورقة على الطاولة وهذه الورقة طرحت ودخل عليها تطويرات أساسية، ووصلنا إلى وثيقة 26 شباط/ فبراير)، إذاً هذه القوى لها فعل عظيم وفعل كبير لأنها قوى وحدوية ديمقراطية تقوم على التعددية، وتقوم على كل مكونات الشعب الفلسطيني، اللجان الخمسة التي تشكلت خاضت حواراً من أجل التمسك بوثيقة 26 شباط/ فبراير المبنية على قرارات إعلان القاهرة وعلى وثيقة الوفاق الوطني، وهذا نص موجود بوثيقة 26 شباط من أجل الوصول إلى حلول لكل لجنة من اللجان مهتدين بوثيقة إعلان القاهرة ووثيقة غزة، ووثيقة الوفاق الوطني، وأخيراً وثيقة 26 شباط/ فبراير 2009 بالقاهرة، وهكذا ننقذ الوضع الفلسطيني بكامله، أما الانحناء إلى الأطماع الفئوية الأنانية الضيقة، وإلى الانقسامات والمحاور الإقليمية العربية والشرق أوسطية والتدخلات الدولية، هذا يعني فقدان إمكانية الوصول إلى حلول، والانحناء مرة أخرى إلى اتفاقات محاصصة لا تلبث أن تنتج الحرب الأهلية من جديد والدمار من جديد، وجربنا هذا وكما يقول المثل (اللي يجرب المجرب عقل مخرب).

* أعلنتم شخصياً معارضتكم تشكيل لجنة فلسطينية انتقالية بسبب تعثر الحوار ... ما هو الحل الأمثل لعقدة الحكومة، بحيث تتوافق عليها الفصائل وتحظى بقبول دولي ؟

الحكومة التي اتفقنا عليها في 26 شباط/ فبراير حكومة توافق وطني تتم في إطار الحوار الوطني الشامل وليس في إطار صفقة ثنائية، صفقة محاصصة بين فتح وحماس هذا أولاً، وثانياً هذه الحكومة يجب أن يكون لها برنامج لا يؤدي إلى عودة الحصار لقطاع غزة والضفة الفلسطينية، وثالثاً أن يكون لها برنامج سياسي وطني مشترك، مستند إلى وثيقة إعلان القاهرة (آذار/ مارس 2005) ووثيقة برنامج الوفاق الوطني في غزة (حزيران/ يونيو 2006)، وبالتالي هذه الحكومة يمكن أن تنهض عندئذ.

اللجنة الانتقالية تكرّس الانقسام؛ حكومتان؛ مجلسان تشريعيان؛ سلطتان ... وتعطيل كل محاولات دمقرطة وإعادة بناء الوحدة الوطنية عملاً بالوثائق التوحيدية التي أشرنا.

* ما صحة ما يقال بأن تعثر المصالحات العربية ينعكس سلباً على الوفاق الفلسطيني؟ كيف يمكن تجنيب الوضع الفلسطيني الداخلي تجاذبات القوى العربية والإقليمية الدولية ؟

-الانقسامات العربية ـ العربية تصدر الانقسامات إلى فلسطين المحتلة والشتات، لبنان، العراق، وبلدان أخرى في الشرق الأوسط.

القضية الفلسطينية هي حقاً قضية العرب المركزية، وهذا ليس على الطريقة العربية الرسمية في بحث أنظمتها عن "الشرعية" لدى شعوبها، بل لأن الحال الذي ستقيم عليه يحدد طبيعة المنطقة الإقليمية برمتها، ويحدد طبيعة الدور "الإسرائيلي" المقبل في المنطقة، نظراً من دور هذا الكيان، والمرسوم له في قلبها منذ تأسيسه على يد الضواري من الإمبرياليات الكبرى.

نحن نؤمن وبقوة بأن الحل للانقسام هو فلسطيني أولاً، خياران لا ثالث لهما؛ الحوار الشامل وصولاً لبرنامج القواسم المشتركة وقوانين جديدة لدمقرطة المجتمع والسلطة ومنظمة التحرير، أو العودة للشعب بانتخابات جديدة وفق التمثيل النسبي الكامل. ودونهما فالمسار المدمر وحروب الانقسام واحتكار السلطة وإقصاء الشعب وكل قواه عن تقرير مصيره، والنتيجة واضحة من الآن "الفشل وضياع الحقوق الوطنية"، إنه التكرار المهزلة لأخطاء 1939، 1947، 1948، 1949 ـ 1950، 1973، 1983 ... وأخطاء السنوات المدمرة الأربعة حتى الآن منذ آذار/ مارس 2005 حتى يومنا أيار/ مايو 2009.

نؤكد هذا من موقع نظرتنا للحالة العربية الرسمية الراهنة، ومن موقع معاناة شعبنا تحت الاحتلال ومن الموقع الأساس الكامن في القضية الفلسطينية ذاتها باعتبارها قضية حقوق مغتصبة، وقضية تحرر وطني بامتياز من استعمار كولونيالي توسعي استيطاني عنصري (أبارتيد)، فالقضية الفلسطينية ذاتها هي القاطرة للمواقف العربية الرسمية والضغط الشعبي العربي إذا ما توحدت وتخلصت من الانقسام، وأخلصت النوايا الصادقة للوحدة الحقيقية هذا أولاً، وثانياً إذا ما رُفعت بامتيازاتها الحقوقية الوطنية" عن مصاف المصالح الفصائلية والحزبية الضيقة والأنانية، بدلاً من فرض مصالح "الاحتكار" و "الإقصاء" أي مصالح الفصيل بالقوة المسلحة والمال السياسي "المنفوط" فوق المصلحة الوطنية العليا ومجمل مصالح الشعب.

بدون هذا التغيير ستبقى الانقسامات المدمرة ... وهذا من أولويات علم السياسة.

* هناك من يقول أن بعض الأطراف في محور الممانعة ينتظر ما سيقدمه أوباما حتى يحسموا موقفهم من بعض القضايا، هل تتوقع تغييرات دراماتيكية من جانب أوباما ؟

-اعتاد النظام العربي الرسمي الانتظار وإدمان الوعود، سبق أن عَلتْ تنظيراتهم حول "وعد بوش بحل الدولتين" بأنه آتٍ لا محالة، دون القراءة المدققة في إدارة المحافظين الجدد المرتبطة سياسياً وعقائدياً إيديولوجياً بالصهيونية، وأنها لن تلزم "إسرائيل" بالانصياع للشرعية الدولية وقراراتها.

المطلوب من الإدارة الأمريكية الجديدة الآن أفعال وليس أقوال، أن تعلن بقوة عن مبادئ التسوية وفق مرجعية القرارات الدولية، فلم يعد يكفِ أن نسمع من المبعوث الأمريكي إلى المنطقة جورج ميتشيل أن يعلن عن تمسك واشنطن بـ "حل الدولتين" وتجاهل حق شعبنا بتقرير المصير وعودة اللاجئين إلى ديارهم عملاً بالقرار الأممي 194، وقد طرحت إدارته "التغيير" فيما تطرح حكومة نتنياهو أنها تنفض يديها من "حل الدولتين" بل أي "حل أو تسوية" وتطرح "السلام الاقتصادي"، وترفض "حل الدولتين"، الحكومة "الإسرائيلية" واضحة في بيانها وبرنامجها، باعتبارها حكومة يمينية متطرفة، صريحة في موقفها من "القضية المركزية" ومن "المبادرة العربية للسلام"، على الرغم من أن يد نتنياهو "ممدودة للسلام" كما يعلن مع كل الدول العربية (!)، وبيان الحكومة "الإسرائيلية" بالذات لا يحتاج إلى تعليق، ولم يعد بمقدورها خداع العالم، ينسحب هذا على "لاءات شارون وتحفظاته الـ 14، وعلى مقولة "لا يوجد شريك" السابقة للانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني، والآن ستعلق عملية الهروب على هذا الانقسام.

كان من الأجدى أن يصدر رداً من الإدارة الأمريكية على رأس الدبلوماسية "الإسرائيلية" ليبرمان؛ وأن لا تكتفي بتأكيد "حل الدولتين" ومطالبة كل طرف بتنفيذ التزاماته الواردة في "خريطة الطريق" وتفاهمات أنابوليس. وأستطيع القول لقد وقع "التغيير" في الداخل الأمريكي، ووقع "التغيير" في المنطقة عبر العودة إلى تقرير بيكر ـ هاملتون (الجمهوري ـ الديمقراطي) الذي يعتمده أوباما، وذهب مع بوش مشروع "الشرق الأوسط الكبير". هذا هو عنوان برنامج أوباما الذي يمكن استنباطه من زيارته الأولى للمنطقة، وكلماته في أنقرة تركيا، فواشنطن ما زالت في مرحلة إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها، ولملفيّ أفغانستان؛ والعراق والانسحاب منه، والملف النووي الإيراني، ولهذا السبب تراجع نتنياهو عن إعلانه للمناورة فقط. وبقي السيناريو الذي يعزف عليه؛ بأنه "لا مفاوضات قبل إنهاء الملف النووي الإيراني"، باللعب على الوقت والزمن على طريقة شامير. وهنا لا يمكن الاستخلاص بأن التفكير السياسي الإسرائيلي سيتغير وهو في عهده الثلاثي (نتنياهو ـ ليبرمان ـ يشاي)، ولمجرد إعلان واشنطن بأن حل الدولتين "لا يخدم فقط مصالح الإسرائيليين والفلسطينيين وإنما مصالح الولايات المتحدة نفسها وباقي دول العالم والمنطقة"، ومن ثم تأكيد أوباما في أنقرة "التزامه بتفاهمات أنابوليس" التي تتحدث عن ضرورة إنجاز مفاوضات "السلام" حول التسوية الدائمة على أساس مبدأ دولتين، وهي رسالة وجهها إلى الثلاثي المذكور في "إسرائيل".

ولكن هل هذا يكفي ؟ ما زلنا ننتظر أفعال واشنطن لا كلمتها، فهناك معوقات بين الرؤية والتنفيذ والتي يحسمها الانتقال من الرؤية النظرية اللفظية إلى مهمة تنفيذية ذات جدول زمني، فيما يحاول نتنياهو الالتفاف لتجنب الصدام مع هذه الإدارة الأمريكية بألاعيب لفظية، وهنا أتساءل عن الدور العربي في "مبادرة السلام العربية" ومقايضة الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بـ "السلام"، أي الضفة الفلسطينية والقدس وقطاع غزة والجولان، ويرى العرب كيف تتهرب "إسرائيل" من مرجعية القرارات الدولية التي تتحفظ عليها "إسرائيل" عبر التحفظات الـ 14، وترفض الالتزام بها، وقوام ذلك رفض "حل الدولتين" لأن حكومة نتنياهو ـ ليبرمان تريد التوسع وإغراق القدس والضفة بالمستوطنين والمستعمرين، فضلاً عن رفضها عودة القدس العربية، ورفضها حق عودة اللاجئين على المسار الفلسطيني، ورفض الانسحاب من الجولان على المسار السوري. ويعني هذا مباشرةُ أن على النظام العربي مواجهة هذه المناورات الصهيونية الخطيرة، بلغة المصالح البراغماتية مع الإدارة الأمريكية، وبدور نشط دبلوماسياً لتحويل رؤية أوباما ونقلها إلى مرحلة التنفيذ، والخروج من الحالة الانتظارية للوعود، وصولاً إلى قطع كل العلاقات والاتصالات ومكاتب تمثيل المصالح القائمة بين بعض العواصم العربية و"إسرائيل"، لدفع واشنطن لاتخاذ مواقف طالما أن الحكومة الإسرائيلية الراهنة معيقة لمصالح واشنطن وإستراتيجية أوباما حول "الاستقرار الإقليمي"، فأولوية المصالح الأمريكية تفرض ذلك وهو ما سيفجر الحكومة المتطرفة من داخل تركيبتها الرباعية الحزبية.

كلمة حول تعبير "محور الممانعة ومحور الاعتدال"، فهذا تصنيف مصدره إدارة بوش وغير دقيق، فمن هي دول الممانعة إنها "خليط من دول عربية ومسلمة لها علاقات إستراتيجية مع "إسرائيل" ودول لا علاقات لها مع "إسرائيل"، كذلك حال "محور الاعتدال خليط ..." وكل محور يريد مصالحه، وهنا علينا جميعاً التحرر من الهيمنة والأجندات الإقليمية، وقد جربنا كل هذا حتى عام 1974 عندما تحررنا من الهيمنة والوصاية بالبرنامج الوطني الموحد الذي فتح كل أبواب العالم أمامنا ودخلنا الأمم المتحدة، ومنذ عام 1974 والصراع يدور على البرنامج الوطني المرحلي تقرير المصير والدولة والعودة.

* تلتقون بالرئيس عباس على فترات متقطعة وأنتم تعارضون "المفاوضات العبثية" مع الإسرائيليين، ما هي مبررات أبو مازن للاستمرار فيها ؟

-نعم في البدايات سمّيتها "المفاوضات العبثية"، ثم استحقت التسمية الجديدة "المفاوضات الفاشلة" في ظل التهام الأرض والاستيطان وتهويد القدس والعدوان الدموي اليومي، والاغتيالات. و"إسرائيل" استغلت هذه المفاوضات لتمرير "الأمر الواقع" عبر خططها المنهجية وترسيم خرائطها على الأرض.

طالبت ذلك الأخ أبو مازن في اللقاءات، كما طالبت عبر موقفنا المعلن، لكن الأخ أبو مازن له اعتباراته، فهو "يرى إمكانية المطالبة لتحرير بعض الأسرى، وتمرير مسائل عملية"، لكن الثمن كبير، فالمفاوضات لا مرجعية سياسية لها، ممثلة بكامل قرارات الشرعية الدولية، ولا تتناول المسائل الأساسية التي تتجسد بملفات التسوية النهائية. ويديرها فريق أوسلو بدون رقابة وطنية مشتركة، نحن دعاة لجنة وطنية عليا لإدارة المفاوضات على أسس جديدة بشأن أعمدة الصراع: القدس، الحدود، اللاجئين، الاستيطان، الأسرى، الأمن المتوازن، وضد المفاوضات الجزئية العبثية والفاشلة الجارية منذ عام 1991 حتى الآن، ثمانية عشر عاماً مفاوضات فاشلة.

* من الواضح أن حكومة نتنياهو تكشر عن أنيابها تدريجياً، كيف يمكن مواجهة هذه الحكومة بخطوات عملية وواقعية ؟

-نعم؛ حكومة اليمين المتطرف ـ كما سبق ـ تكشر عن أنيابها، فهي تعلن على رؤوس الأشهاد، "لا لحل الدولتين، لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين، القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، لا للانسحاب من الجولان ..."، الموقف واضح كل الوضوح فهي ترفض التسوية القائمة على مبدأ "الأرض مقابل السلام" الذي عقد عليه "مؤتمر مدريد" 1991 وعلى أساسه، فهي تمارس مبدأ التوسع والعدوان يومياً.

وهذا الرد الواضح هو رفض بالكامل لمبادرة السلام العربية، وهي تنطلق من إدراك ومعرفة أكيدة بأن العرب اختاروا "السلام" ولا يملكون سواه لأنهم عاجزون عن أي خيار آخر، فلماذا تقدم لهم التنازلات طالما هي تستطيع تحقيق أهدافها.

لهذا نشدد نحن على "الحل الفلسطيني" المتمثل بالوحدة الوطنية الحقيقية بالتمثيل النسبي الكامل، ومرجعية القرارات الدولية بكاملها، دون ذلك لن ننتظر من "إسرائيل" غير ما نراه على أرض الواقع. المطلوب إنجاز ذلك فوراً، وأستطيع الاستخلاص بأن الانتفاضة الفلسطينية الجديدة، إنها مقبلة، وعلينا إعداد العدة لذلك، فالحالة الجماهيرية وحالة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفي كامل فلسطين التاريخية باتت تحت أنياب التطرف العنصري وخلفها الجدار، بدءاً من جدران المعتقلات وصولاً إلى جدران الاستيطان، فضلاً عن التنكيل اليومي بالضحية وتسمين المجرم.

لقد اعترضنا على "المفاوضات الفاشلة" انطلاقاً من خصوصية وطبيعة الصراع بأبعاده الإقليمية والدولية، حين يتعارض مع الثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية.

"إسرائيل" تلجأ إلى لغة المصالح التي هي فعالة في العلاقات الدولية. أليس هذا ما يمارسه المتطرف العنصري افيغدور ليبرمان في توجهه لأوروبا بإنذار حكومته: "بأن عليها (أوروبا) أن تقول رأيها في الغرف المغلقة إذا ما أرادت أن يكون لها دور في عملية التسوية"، أي أن حكومته ستحجب هذا الدور إذا ما مارست أوروبا نقدها العلني لممارسات "إسرائيل"، هذه هي ورقة المصالح فأوروبا القوية اقتصادياً تريد نقل قوتها هذه إلى سياسة، بما يستدعي منها مواقف وردود فعل في السياسة الدولية الرئيسية وفي المنطقة الإستراتيجية الهامة في هذا العالم، وبما يمثل الشرق الأوسط من مصالح للدول الكبرى، خاصة في القضية الأساس والأهم، كذلك مارست ذلك في "ديربان2" بسويسرا، فماذا يفعل النظام العربي الرسمي ؟! ...

مشروع نتنياهو هو "السلام الاقتصادي"، ويعني الإنعاش الاقتصادي في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، أي "الأمن مقابل الأمن" وليس حقوق شعب فلسطين، لأن اليمين واليمين المتطرف الصهيوني ما زال يعتبر كل القدس وكل الضفة الفلسطينية أرض "إسرائيل" الكبرى، ولذلك مشروعه يقوم على مزيد من تكثيف الاستيطان والاستعمار ومصادرة الأراضي. والآن عندنا 650 ألف في القدس والضفة الفلسطينية، ويطمح نتنياهو خلال الأربعة سنوات القادمة من حكمه أن يفيض العدد عن مليون ويعقّد الأمور أكثر فأكثر، إلى أن تصل الحالة إلى استحالة بناء دولة فلسطينية.

ولذلك مرة أخرى أقول هذه الخارطة الإسرائيلية تنبئ بهذه المشاريع. نحن لا خلاص لنا من هذه المشاريع إلا مرة أخرى بإنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية على قواعد من الدمقرطة الشاملة لكل المؤسسات السياسية والتنفيذية والتشريعية والبلدية والنقابية والمهنية بقوانين التمثيل النسبي الكامل داخل البلاد وخارج البلاد، لبناء منظمة التحرير الفلسطينية على أساس دمقرطة تعددية شاملة هذا أولاً، وثانياً نظراً للتدخلات العربية الواسعة نسعى وعلينا أن نعمل من أجل وحدة الموقف العربي، الانقسامات العربية ـ العربية، تفرغ وتعمق الانقسامات الفلسطينية ـ الفلسطينية.