خبر القيادي في الجهاد د. جميل يوسف : الفصائل بحاجة لإنشاء غرفة عمليات مشتركة لقيادة المقاومة

الساعة 09:40 ص|07 مايو 2009

القيادي في الجهاد د. جميل يوسف :

الفصائل بحاجة لإنشاء غرفة عمليات مشتركة لقيادة المقاومة

اقتراح إنهاء الانقسام يعمق الوضع الحالي ولا ينهيه

 

فلسطين اليوم - غزة

أكد د. جميل يوسف القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أن الوضع الفلسطيني الراهن يمر في أصعب مراحله وأشد المنعطفات خطورةً، مشيراً إلى أن الانقسام لم يتح فرصة لأطراف المقاومة بإدارة المعركة الأخيرة علي قطاع غزة بشكل صحيح.

 

وتحدث يوسف في ندوة سياسية نظمتها الرابطة الإسلامية في غزة عن عوامل تجميع مفردات ومكونات القوة وعوامل تفريق وطرد مفردات القوة لدى الفلسطينيين وان طرد مكونات هذه القوة، باتت تشكل السمة الفلسطينية اليوم، الذي يشهد مزيدا من الانزلاق والانحراف والبعد عن المصلحة الوطنية العليا.

 

وقال يوسف :" أن أي شعب يحاول أن يرصد حركته يجب عليه النظر إلى مكونات القوة وهل هو في طور تجميع هذه المفردات أم تفريقها ، وعند إسقاط هذه القاعدة على الواقع الفلسطيني نجد أن ثقافة الاقتتال والاختلاف وكذلك تباين الرؤى السياسية وتفكك العلاقات البينية داخل النسيج السياسي والاجتماعي الفلسطيني بالإضافة الى العلاقات مع الخارج وكل طرف يجد نفسه محسوبا على أحد الأطراف الإقليمية المتصارعة والأهم من ذلك أن تحديد الأهداف الوطنية والأولويات باتت من المواضيع المختلف عليها جذريا بين مكونات الخارطة السياسية الفلسطينية ، كل هذه العوامل بدلا من تكون عوامل قوة للشعب الفلسطيني أصبح عوامل ضعف".

 

حوار قائم علي المصالح

 

وحول ملف الحوار الوطني ، قال يوسف" أنه من العيب أن يلجئ الفلسطينيون لحل مشاكلهم الداخلية خارج الوطن لذلك كان أول نقطة سلبية في هذا الحوار أنه دار علي أرض خارج الوطن وكان يجدر أن يكون في غزة التي شهدت المعارك الداخلية بين الأخوة الفلسطينيين لتشهد من جديد إتحادهم مع بعضهم البعض، مع تقديرنا لدور مصر على الرغم انه من الصواب ان يكون الحوار داخليا ".

 

وأوضح يوسف أن مصر تبنت الحوار من اجل مصالح مصرية إستراتيجية "فمصر تعتبر غزة عمق استراتيجي أو حائط عازل بينها وبين إسرائيل وبالتالي تستفيد منه، حيث تشكل غزة عائقا أمام إسرائيل في مواجهة مصر.

 

ورأى يوسف أن تكفل جهاز المخابرات المصرية بملف المصالحة جاء بقصد وغاية مصرية لكنه أعرب عن أمل الفلسطينيين في أن يكون الملف تحت رعاية الخارجية او الجامعة العربية لأنه يعطي القضية بعدا سياسيا قوميا وليس مسألة أمنية، "وهذا يجعلنا نقتبس كلمة من شمعون بيرتس عندما قال، لقد كنا نفاوض عرفات من أجل هم الأمن الإسرائيلي فقط ولا يوجد في قاموس تفكيرنا أي وطن فلسطيني علي الإطلاق".

 

وتابع :"هذا الأمر يعطينا دلالات واضحة أن هذا الحوار ليس له سقف سياسي وليس له علاقة بالطموحات الفلسطينية"، موضحاً أن جمهورية مصر العربية تدرك أنها يجب ان تنجح في ادارة الحوار حتى لا تترك الملف الفلسطيني للآخرين بعدما لم تفلح في تحقيق نفوذ مؤثر لها في الصومال والعراق ولبنان بل أن الدول الغير عربية مثل إيران وتركيا أصبحتا ذات نفوذ أقوى في المنطقة ومن هنا مصر مصرة على البقاء في ملف الحوار الوطني الفلسطيني ، وعليه يجب على الفلسطينيين ألا يتنازلوا عن المقاومة من أجل إنجاح الحوار .

 

وأوضح يوسف أن كلا من حركتي حماس وفتح لديه أجندته الخاصة في الحوار ما أدي إلى ظهور مصطلحات سياسية لم يسبق لها مثيل في تحديد مصير دولة فلسطين، مشدداً على ضرورة الإقتداء بمبدأ الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي عندما قال أنه مستعد للتنازل عن أي حصص وزارية أو تشريعية مقابل الصالح الوطني الشامل، مشيراً إلى أن الحوار ما زال مفتقرا للنجاح والسقف الوطني الحقيقي الذي يتنازل عن الخاص من اجل العام.

 

وتوقع القيادي في الجهاد أن يكون نجاح الحوار شكلاً فقط حيث سيعترضه آلاف الألغام عند التنفيذ، ما يؤدي إلى صعوبة اجراء الانتخابات في هذه الظروف.

 

تغيب عوامل تجميع القوي

 

واعتبر يوسف المقترح الأخير الذي طرح في القاهرة لإنهاء الانقسام أحد العوامل الطاردة للقوة التي تزيد من حدة انقسام الوطن، حيث قال:" لم يمر علي الفلسطينيين إلى الآن أن تكون غزة وحدة سياسية مستقلة، وأن تكون الضفة الغربية وحدة سياسية مستقلة ثم بعد ذلك نشكل هيئة من الطرفين لتدير الاتصال والتنسيق بين الحكومتين"، مشيراً إلى أن حكومة غزة تسيطر علي 1.2% من مساحة فلسطين بينما حكومة الضفة الغربية تسيطر علي 0% من مساحتها، معللاً ذلك باستباحة الكيان الصهيوني للضفة الغربية بكاملها دون أن يكون هناك رادع أو مانع لهم، وتابع:" كل هذه الأمور تأتي في غياب الوعي الفلسطيني الآن الذي يطرد باستمرار العناصر المجمعة والجاذبة للقوة".

 

وأوضح يوسف أن السياسة الفلسطينية الكلية أصابها العرج والتلوث وشهدت انحرافا عن طريقها حتى أصبحت هناك مقدسات أخري يتمسك بها الجميع مثل السلطة والحكومة والانتخابات، وقال "لو كان لدي الفلسطينيين همٌ فلسطيني وتطلع للأهداف الفلسطينية العليا، لكان الأجدر بهم التنازل عن الحكومة وعن الانتخابات".

 

واستهجن موقف الحكومتين اللتين تديران السلطة في شقي الوطن بتمسكهما بالسلطة وجعلهما مقدسة أكثر من الثوابت الفلسطينية العليا التي باتت تذوب شيئاً فشيئاً على الرغم انه قبل فترة كان هناك طرح بحل السلطة الفلسطينية لأن هذه السلطة باتت تشكل عائقا امام الفلسطينيين.

 

ما بعد الحرب

 

وتحدث يوسف عن أخطاء كبيرة ارتكبها الفلسطينيون نتيجة لجهلهم بكيفية إدارة هذه المرحلة، وقال " بدلاً من أن يقوم الفلسطينيون بجني ثمار انتصارهم وصمودهم في العدوان الصهيوني الأخير علي غزة بدفع العالم كله تجاه الشعب الفلسطيني، للأسف شغلوا معظم طاقتهم في المناكفات الداخلية".

 

وأضاف القيادي في الجهاد " لو أن الفلسطينيين استثمروا تلك اللحظات المقدسة للصمود والتحدي لما انسحب جميع أعضاء الإتحاد الأوروبي من مؤتمر "ديربان"، كذلك لما استطاعت إسرائيل أن تقف أمام لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة ولم تسمح لها بالدخول لرصد الأحداث التي جرت في قطاع غزة".

 

ضرورة الاستعداد لعدوان قادم

 

ودعا يوسف إلي ضرورة الاستعداد للحروب القادمة والتباحث حول الوضع القادم، مشيراً إلى عدم جهوزية البنية التحتية لها في حال حدوث عدوان صهيوني جديد، وقال:" يجب ان يدرك الجميع أن الإسرائيليين سيغيروا طريقتهم عنها في الحرب السابقة، لذلك يجب علينا التفكير في الخطة الدفاعية وتطويرها".

 

ونوه يوسف في كلمته حول تمحور المقاومة وتجسيدها إلى ضرورة قلب المعادلة الصهيونية بسرعة وذكاء، وقال:" أعتقد انه الفلسطينيين كانوا قادرين علي قلب المعادلة ببساطة، بإدخال مائه مقاتل فقط وراء خط الهدنة بطريق التهريب، والوصول لبعض التجمعات السكانية الصهيونية، وتتم ترجمة هذا الحدث إعلاميا عبر البيانات العسكرية أن معركة التحرير قد بدأت، فهذا الأمر سيجعل الإسرائيليين يهربون حتى العمق الاسرائيلي ويوقفوا الحرب فوراً".

 

وأشار يوسف إلى ضرورة تشكيل وحدة عمليات عسكرية مشتركة بين فصائل المقاومة لمواجهة العدو مواجهة الجسم الواحد، موضحا أنها العنصر التجميعي للقوة باستمرار، " فهي الوسيلة الوحيدة للحفاظ علي حيوية الشعب الفلسطيني وبالتالي علينا التمسك بالمقاومة".

 

العلاقة الفلسطينية بالخارج

 

وأكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أن العلاقة الفلسطينية الخارجية ليست علاقة تجميعية لصالح الوطن، موضحاً أن الكل العربي لا يريد وحدة حقيقية للفلسطينيين "بل يريد ركوعاً للفلسطينيين بدليل أن العرب في قمة الدوحة التي عقدت في أواخر يناير افترقوا وهاجم بعضهم البعض ودخلوا في حروب سياسية باردة ، حتى بات الفلسطينيون محصلةً للواقع العربي المرير".

 

وقال يوسف :"إن الرئيس أبو مازن طالب في الحوار بالتزام شفاف كالكريستال بالاتفاقيات، كذلك الأخوة في حماس أعينهم في اتجاه استثمار أحداث الحرب الأخيرة علي غزة لمصلحة تنظيمية قبل الإجماع الوطني الفلسطيني، وبالتالي كانت بداية الفريقين خاطئة فرحلوا ذلك الافتراق إلى الواقع الفلسطيني الذي لن يكون قادرا علي النهوض ما لم ينهض العرب"، متباعاً "العرب لن يكونوا قادرين علي النهوض ما لم يتحد بدون الفلسطينيين فهناك علاقة جدلية بين اتفاق الفلسطينيون علي مشروع وطني واحد وبين اتفاق العربية".

 

علاقة العرب بالغرب

 

وحول تبعية الأنظمة العربية أوضح يوسف أنها قامت علي عدة أعمدة، مؤكداً أن العمود الأول قام على التبعية للغرب وكان بمثابة الوجه الأخر للهجمة الغربية الصهيونية المشتركة علي الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن الدول العربية قامت بعدة أمور غريبة وغير متوقعة منها عدم تصويتهم ضد الكيان الصهيوني في مؤتمر ديربان وكذلك ما حدث عام 1994 عندما كان العرب هم أصحاب التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة علي أن الصهيونية ليست شكلا من أشكال العنصرية.

 

وتابع يوسف :" أما العمود الثاني في التركيبة السياسية العربية هي القطرية الشيطانية اللاوطنية السائدة في الدول العربية فكل قُطر همه الوحيد المحافظة علي قطريته ومصلحته الخاصة حتى لو كانت تتعارض مع مصالح الآخرين، دليل علي ذلك، مهاجمة بعض الدول العربية ومساندتها لأمريكا ضد العراق عام 2003"، واعتبار البعض ان مصلحته الوطنية تتطلب وجودا أمريكيا دائماً علي ارضه ".

 

وبخصوص العمود الثالث الذي تحدث فيه يوسف حول تبعية الأنظمة العربية، أوضح يوسف أن العرب خرجوا بعلاقات مشبوهة مع الغرب دون وجود سلم أولويات مشترك بينها، ما أدي إلى عدم تحقيق وحدة أو استقلال عربي وبالتالي انعكس هذا الواقع العربي علي الفلسطينيين، قائلا:" لذلك إذا لم يستغل العرب هذه اللحظة التاريخية السانحة لهم الآن في ظل الفراغ السياسي الذي تمر فيه منطقة الشرق الأوسط نتيجة لحالة الانكماش التي تمر بها امريكا سيجدون انفسهم خارج الخارطة السياسية الدولية".

 

وتابع يوسف:" العرب لم يتطرقوا في يوم ما حول عمليات القصف المستمرة التي تحدث في أفغانستان والعراق والسودان، ولكن عندما يريد طرف مقاوم مثل إيران الدخول لحل المشكلة يكيلونه بالسباب والشتائم، فهم يرفضون أن تقيم دول صديقة مراكز قوة في الشرق الأوسط، ما انعكس سلبا علي الواقع الفلسطيني".

 

انتخابات خارجة عن إطار أوسلو

 

وأكد القيادي في الجهاد أن موقف حركته من الانتخابات موقفا سياسيا وليس شرعيا "بمعني أن إذا جاءت هذه الانتخابات تحت سقف أتفاق أوسلو فالجهاد الإسلامي يرفضها تماماً، وعندما يعلن الفلسطينيون رسميا خروجهم من أوسلو، فحركة الجهاد ستفكر بعين أخري".

 

وعن منظمة التحرير، قال يوسف أن موقف حركته مرهون بميثاق المنظمة وإحياء دور المقاومة فيها، "ولكن الآن أصبحت اعادة بناء المنظمة محطة اهتمام لحركة الجهاد الإسلامي، لأننا نريد أن نمنع انحدار المنظمة تجاه التسوية"، صحيح أنها وقعت علي أوسلو وغيرها من الاتفاقيات لكن يجب الخروج بها من هذا النفق المظلم والعودة بها إلى منظمة مكافحة ومقاومة من اجل تحرير فلسطين".

 

وبخصوص ملف التهدئة، أكد يوسف أن الأساس هو الجهاد والمقاومة وطرد العدو من الأرض، "ولكن عندما نري حاجتنا لتهدئة من اجل مصلحة شعبنا لفترة زمنية محدودة يمكننا تداول ذلك، لذلك الواقع الفلسطيني الآن صعب جدا ونحتاج إلى إعادة الوحدة الوطنية، فإذا كنا نريد معركة جديدة مع العدو، فالمطلوب من المقاومة ان تبحث عن عناصر الجهوزية من بنى تحتية خدماتية وخاصة بالمقاومة وتحديد نوعية الاسلحة المطلوبة للمواجهة بعد استنتاجات الحرب السابقة وغرفة عمليات مشتركة لقيادة الاجنحة العسكرية الفاعلة.