خبر وزير الدعاية.. هآرتس

الساعة 08:39 ص|07 مايو 2009

بقلم: جدعون ليفي

من الممكن اغلاق اقسام الدعاية في الليكود واسرائيل بيتنا فلدينا وزير دعاية جديد. كان لنا رؤساء اقل نجاحا او اكثر نجاحا ولكن الرئيس الذي يؤدي وظيفة رجل الدعاية والبوق للحكومة القائمة لم يولد عندنا بعد. الان لدينا واحد كهذا: شمعون بيرس عين نفسه لهذه المهمة والوظيفة المرفوضة. منذ ان شكلت الحكومة الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل تحول رجل اليسار والسلام  (شكليا وسابقا) الى مسؤول علاقات عامة ودعاية لهذه الحكومة

هذا الرجل الذي لا يكل ولا يمل كعادته خرج في حملة في اقطاب المعمورة تتضمن اجراء محادثات هاتفية مع رجال الدولة والسياسيين واجراء المقابلات في وسائل الاعلام والزيارات للاقطار الواقعة وراء البحار. الهدف: اضفاء الشرعية على ما يبدو في العالم امرا سلبيا ومرفوضا. بدلا من اعطاء صورة واقعية يأتينا بيرس مع رقصة سحرة جديدة. في البداية اضفى الشرعية على افيغدور ليبرمان (اذا قال بالامس في ايطاليا ان "صناعة السلام لن تتمخض عن اي شيء" هذه الصناعة التي كان بيرس من صناعها) بعد ذلك الى بنيامين نتنياهو، وكلاهما هما رجلا سلام بارزين في نظر رئيسنا شمعون بيرس. على اي اساس يعتمد الرئيس بالضبط؟ عليكم ان تثقوا ببيريس وان تعتمدوا عليه.

الذروة كانت طبعا خلال زيارته لواشنطن: "نتنياهو يبحث عن السلام التاريخي" قال وما زال لمستضيفيه، "منذ ان انتخب لم اسمعه يتحدث ضد حل الدولتين... السلام على رأس اهتماماته" قال ذلك ولا اقل منه. الناطقون بلسان نتنياهو لم يكونوا ليفعلوا ذلك بطريقة افضل منه.

اولا يتوجب ان نسأل: ما اسمه؟ هل صحيح ان مهمة رئيس الدولة ان ينطق بلسان رئيس الوزراء؟ وهل من اللائق ان يقوم الرئيس باثابة نتنياهو بهذه الطريقة لانه نظم له زيارة للبيت الابيض؟ ولنفترض ان بيرس يفكر بطريقة اخرى وان نتنياهو هو العقبة القادمة امام السلام وليبرمان ليس اقل من عنصري صارخ، فهل كان ليتجرأ على قول ذلك علانية؟ ولو قال ذلك ما هي الفضيحة التي كانت ستثور حول تدخل ودور رئيس الدولة المحظور. ولكن من المسموح لاصحاب التشريفات ان يفعلوا ما يفعلوه.

الدعاية هي دعاية في اخر المطاف وبيرس لم يفوت المقارنة البائسة بين ايران والمانيا النازية. من المسموح لرئيس اسرائيل ان يبخس ذكر المحرقة ومن المسموح له ان يقوم بالتشبيهات كما يريد. ولكن عندما يتجرأ نقاد اسرائيل على عقد مثل هذه المقارنة مع المانيا النازية في بداية الثلاثينيات مع كل مظاهرها العنصرية يعتبرون تلقائيا اعداء لاسرائيل ولاساميين. بيرس السياسي الذي عارض بصرامة قصف المفاعل النووي العراقي قي عهد بيغن أصبح الان العازف المنفرد لجوقة الترهيب القومية المناهضة لايران باشراف المايسترو نتنياهو. وهذا ايضا مثير للاستغراب والدهشة.

الدعاية هي الدعاية كما قلنا وبيرس لم يتخل عن شعارات الماضي المهترئة والخاوية من المضمون حول رغبة اسرائيل بالسلام. شعارات بقي لها مؤيدون غريبون مريبون هنا وهناك وربما في امريكا. "دولة اسرائيل تقف مفتوحة الايدي بانتظار السلام مع كل الشعوب العربية. كفى للحرب وكفى للدماء وكفى للكراهية"، قال بيرس كعادته امام مؤتمر ايباك اللوبي الدعاوي اليهودي اليميني الذي يشعر بيرس وهو فيه انه في بيته طبعا. بأياد مفتوحة للسلام خرجت اسرائيل لحربين اجراميتين خلال عامين وبيرس لم يتلعثم حين قالها. بأياد ممدودة للسلام ما زالت اسرائيل تمد أذرعها الطويلة لبناء المستوطنات في المناطق دون ان يتطرق الرئيس بذلك بكلمة واحدة. كفى للدمار؟ وماذا عن الدمار الفظيع الذي زرعته اسرائيل عبثا في غزة؟ لم ينبس بيرس ببنت شفة.

كفى للكراهية؟ وماذا زرعت اسرائيل في غزة بالضبط؟ بيرس اصم ابكم. بدلا من ذلك تطوع لمعركة التصدي لتقرير لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة الذي قرر بان اسرائيل قد اطلقت بصورة مقصودة النار على مؤسسات الامم المتحدة في غزة واستخدمت قوة مفرطة في قطاع غزة. ماذا أليس هذا صحيح يا فخمامة الرئيس؟ كيف تدعي عكس ذلك؟ تماما مثلما تسأل خصومك دائما. ولكن الدعاية هي الدعاية كما قلنا وبيرس هناك جاهز للدعاية.

بيرس انتخب ليكون رئيسا للدولة وليس رئيسا للحكومة. نتنياهو وليبرمان لم يقوما ولو بخطوة صغيرة واحدة نحو السلام ولكن بيرس يسارع لتحويلهما الى نشطاء في حركة "السلام الان". من الصعب ان نعرف ان كان هناك من يقتنع في العالم بهذه البضاعة البالية التي يحاول بيرس بيعها ولكنه في هذه الاثناء يخون أمانة منصبه الذي كلف به. هو لم ينتخب لهذا الغرض وليس عليه ان ينهي مسيرته السياسية الطويلة كناطق بلسان هذه الحكومة وهو اقل منصب يؤديه حتى الان من بين المناصب التي شغلها منذ ان عين مديرا عام لوزارة الدفاع قبل اجيال. اجل مرت ستون عاما منذ ذلك الحين وما زال بيرس يملأ العناوين كما يحب دائما ولكن في هذه المرة كرجل علاقات عامة ودعاية. قلبنا ينفطر حزنا عليه.