خبر ياسر الزعاترة يكتب : حماس إذ تجرب المجرّب في طلب رضا الغرب

الساعة 08:13 ص|07 مايو 2009

ـ الدستور الأردنية 7/5/2009  

ها هنا ، وقبل أسابيع ليس إلا ، كتبنا مقالا بعنوان محاذير الانفتاح الغربي على حماس ، وبالطبع في سياق التحذير من مغبة الاحتفال بالانفتاح الغربي على الحركة إثر نهاية الحرب على غزة بفشل إسرائيلي ذريع تمثله المسافة بين إخراج قادة حماس من مخابئهم بالملابس الداخلية ، وبين وقف الحرب بينما الصواريخ لا تزال تنهمر على مواقع العدو.

نعم حذرنا من مغبة الاحتفال بذلك الانفتاح ، فضلا عن الركض وراءه من خلال تصريحات ناعمة تطلق بين حين وآخر ، وها نحن نتذكر هذا الأمر مرة أخرى في ظل استمرار ذات المسلسل بذات الطريقة أو عبر تصريحات لصحف أجنبية قد لا تنطوي على جديد ، لكنها إشكالية من حيث تأثيراتها والأهداف التي تقف خلفها.

الذين يزعمون أن حماس قدمت ذات التنازلات التي قدمتها حركة فتح يكذبون وهم يعلمون ، لا سيما أولئك الذين يثيرون قصة أحمد يوسف ووثيقته العتيدة التي أخافتهم لأنها تنافسهم في ذات المربع (مربع التنازلات) ، وليس لأنها تفرط بالحقوق الفلسطينية.

الكلام الذي قاله خالد مشعل قبل يومين لصحيفة نيويورك تايمز لا جديد فيه من حيث الجوهر ، فهو يتحدث عن دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عام 67 مع عودة اللاجئين ومن دون الاعتراف بالاحتلال ، وهو ذات الطرح الذي قدمه الشيخ أحمد ياسين قبل عشرين سنة كاملة. ونعلم بالطبع أن أقل منه كان مقبولا من طرف الراحل ياسر عرفات ، لكنهم قتلوه ، كما أن من بعده وافقوا على ما هو أسوأ بكثير قبل فوز حماس في الانتخابات ، لكن الطرف الآخر لم يعطهم مقابل ذلك حصة في القدس الشرقية تمكنهم من تمرير الاتفاق ، مع العلم أن الفارق الجوهري الآخر بين طرح الحركتين يتمثل في تنازل أحدهما عما تبقى من فلسطين ، بينما يرفض الآخر ذلك ، ويعتبر الأمر مجرد هدنة لا أكثر.

يعلم قادة حماس وكل العقلاء أن المشروع الصهيوني في حال قبل بطرح الهدنة بالحيثيات المشار إليها سيكون قد كتب نهايته من الناحية العملية ، الأمر الذي لا يبدو ممكنا بحال في ظل ميزان القوى الراهن ، لاسيما أن المراهنة لا تزال قائمة على حل أسوأ بكثير يقبله متنفذون في الوضع الفلسطيني ، ويمكن تمريره بعد شطب حماس من المعادلة ، وأقله تهميشها أو دمجها فيها إذا قبلت ذلك.

من هنا تبدو كل التصريحات المشار إليها ، معطوفة على التركيز المبالغ فيه على حوارات مع الغربيين نوعا من العبث الذي يضيّع البوصلة ولا يحقق الهدف ، لأن هدف القوم هو تدجين حماس عبر ذات اللعبة التي مارسوها من قبل مع حركة فتح وعنوانها (تنازلوا حتى يقبلكم المجتمع الدولي).

إنه تجريب المجرّب ، ومن يجرّب المجرّب عقله مخرّب ، ولا قيمة للقول بضرورة أن يحدث ذلك من أجل فكّ الحصار من حول الحركة ، لأن ذلك لن يحدث من دون دفع الثمن الذي دفعته فتح ، ما يجعل ما يجري مجرد بث للإحباط في صفوف الفلسطينيين الذين يسمعون يوميا من يقول لهم إن هؤلاء يكررون تجربة أولئك فلا تتعبوا أنفسكم؟،.

الذي يتوقع أن يقبل الغرب بحماس ضمن طرحها المشار إليه لا يعرف في أمر السياسة شيئا ، لأننا إزاء قوم مصابين بداء الغطرسة ، وهم مقتنعون بقدرتهم على تدجين أية حركة ثورية ، وبالتالي تكرار تجربة فتح مع حماس ، ولن ييأسوا من ممانعتها القائمة حتى الآن.

بديل ذلك هو وضع القطار الفلسطيني على السكة الصحيحة بعيدا عن حوارات العبث التي ترفع عنوان المصالحة ، الأمر الذي لن يحدث من دون طرح جديد يتجاوز شروط أوسلو ، وخلاصته إدارة قطاع غزة بالتوافق وجعله قاعدة للمقاومة وإطلاق مقاومة شاملة حتى دحر الاحتلال من دون قيد أو شرط ، وبالطبع حتى يكون التحرير حقيقيا ومحطة للتحرير الكامل كما حصل في لبنان.