خبر قبل ان يصبح التنقيط طوفانا.. معاريف

الساعة 08:49 ص|06 مايو 2009

بقلم: بن كاسبيت

في وقت ما، سيفهم بنيامين نتنياهو هو ايضا بان الحديث لا يدور عن التنقيط بالصدفة، بل عن مطر. فالادارة الامريكية عصفت وهي غاضبة وقصيرة النفس. فليس للاصدقاء في واشنطن الصبر لانتظار وصول رئيس الوزراء حديث العهد في اسرائيل في اول زيارة له. وهم يطلقون الاشارات العصبية على اساس يومي بوتيرة متعاظمة، بنبرة محتدمة.

حين امر نائب الرئيس حكومة اسرائيل بأن تزيل بؤر استيطانية وتجمد البناء في المستوطنات، فيما فعل ذلك في مؤتمر ايباك، فان هذا دليل على انه يوجد هنا مشكلة. على هذه الخلفية، وصل اليه شمعون بيرس في الوقت المناسب بالضبط. والمشكلة هي ان بيرس يفعل، ويقول بشكل عام، ما يريد. هكذا هو الحال في عمره. بحيث ان نتنياهو لا يعرف بعد اذا كان بيرس قد نفعه امس في واشنطن ام أضره.

الحقيقة هي انه يوجد لبيبي قضية. من حقه كرئيس وزراء حديث العهد في اسرائيل ان يجري اعادة تقييم لسياسة لم تثبت حقا نفسها في الـ 13 سنة الاخيرة. من حقه ان يحصل على شهرين من الرأفة. حقه ان يحظى بالائتمان، على الاقل الى ان يثبت بان ليس خلف هذا الائتمان غطاء. ولكن الائتمان، في امريكا، هو اليوم كلمة فظة. في وول ستريت، وكذا في واشنطن. نتنياهو مطالب بنتائج، هنا والان. على هذه الخلفية، تبدو مهمته في البيت الابيض بعد اسبوعين، شبه مستحيلة. قبل ان يصبح التنقيط طوفان.

خطة خامة

هذا ما سيعرضه نتنياهو مع اوباما، لهذا الحد او ذاك. خطة خامة، مع الكثير من الاساس لتغييرات: ثلاثة مسارات للمفاوضات مع الفلسطينيين، سيقول بيبي. امني، اقتصادي وسياسي. في المجال الامني، سيوافق نتنياهو على التوسيع المكثف لخطة دايتون. اضافة كتائب مدربة اخرى، وليست قليلة، لقوات السلطة الفلسطينية لتعزيز قبضة ابو مازن في يهودا والسامرة وتعزيز الامن. وبالتوازي سيوافق نتنياهو على مواصلة نقل المسؤولة الامنية في المدن الفلسطينية الى ابو مازن، على نموذج جنين الذي يحظى بالثناء. كل هذا، الى جانب استمرار ازالة الحواجز وغيرها من الاعمال لتحسين الحراك وظروف الحياة في المناطق، من شأنها ان تخلق بندا امنيا مرضيا. في المجال الاقتصادي: استثمار مكثف، بمساعدة دولية. مناطق تجارية حرة مشتركة، ازالة سواتر، مشاريع مشتركة، جهد هائل، مع العالم العربي، الولايات المتحدة والاوروبيين لاحداث تغيير حقيقي في ظروف الحياة، في الاقتصاد، في التشغيل، في المزاج العام في المناطق.

وماذا عن المفاوضات، حسنا، شكرا. استئناف المفاوضات السياسية تبعا للتقدم في المسارين الاخيرين. نتنياهو سيعد بازالة البؤر الاستيطانية غير القانونية. محاولات جس نبض للحوار مع المستوطنين يقوم بها منذ الان. تجميد الاستيطان سيكون اصعب عليه، وعليه فانه سيحاول التمييز بين القدس والمدن الكبرى (اريئيل، معاليه ادوميم) وبين البلدات المنعزلة. هناك سيوافق، ربما على التجميد. على خلفية كل هذا، ستتشكل مجموعات للمفاوضات واسرائيل والفلسطينيون سيحاولون التقدم نحو التسوية الدائمة. وسيشدد نتنياهو: السلام الحقيقي لا يحتمل دون ان يعترف الفلسطينيون باسرائيل كدولة يهودية ولكننا لم نصل بعد الى هناك ومشكوك فيه ان نصل.

افكار اخرى في فوهة البندقية

هل هذه الصيغة ستكفي نتنياهو في واشنطن؟ مشكوك جدا. الامريكيون يعرفون كيف يشخصون متى يغشهم الاخرون. نتنياهو يفكر ويحاول انتاج افكار جديدة. وهو يتشاور مع محافل عديدة. المبادرة الاردنية، التي كشف النقاب عنها قبل نحو سنتين في "معاريف"، وبموجبها ستقام كونفدرالية بين الاردن والسلطة الفلسطينية. والمملكة الاردنية الهامشية ستكون في واقع الامر مسؤولة عن موضوع الامن، يجري الان دراستها من جديد. الملك عبدالله هو الذي بعث على هنا في حينه، مندوبين في محاولة لاحياء هذه الصيغة. كما ان افكارا للسلام الاقليمي بتبادل الاراضي (غيورا ايلند حاول دفع مثل هذا الحل في حينه) بتعاون مصري واردني، توجد على الطاولة. التفكير من خارج اللعبة، كما يكرر نتنياهو لنفسه ولرجاله ولكن المشكلة هي انه كلما حاول اكتشف بان هذه علبة من حديد. وهو محبوس في داخلها، مع الفلسطينيين، ولا يوجد مخرج.

كما يوجد ايضا المسار السوري في مداولات مكثفة على نحو خاص، يحاول رجال نتنياهو بلورة صيغة تسمح بالوصول الى صفقة مع سوريا. وقد وصلت رسائل الى دمشق حتى الان. وليد المعلم سمعها. ومرى اخرى جرى الحديث عن تبادل الاراضي (الحمى مقابل جبل الشيخ وشاطىء بحيرة طبرية) عن الاستئجار، عن صيغ مختلفة ومتنوعة تسمح لنتنياهو بالسير نحو خطوة شمالية، لاستكمال دائرة السلام، لانزال الضغط الامريكي على رقبته، ولاخراج سوريا من دائرة الصواريخ، عشية مواجهة محتملة مع طهران.

كل هذه الافكار تطبخ الان في عقل نتنياهو، دفعة واحدة. عليه ان يخلق منها شيئا جذابا ومغريا، يمكنه معه ان يصل الى واشنطن بعد اسبوعين، وان يعود الى الديار بسلام ايضا. في هذه المرحلة الاحتمالات ليست عالية حقا.