معركة وحدة الساحات والحفاظ على مخرجات معركة سيف القدس

الساعة 01:26 م|08 أغسطس 2022

فلسطين اليوم

بقلم د. عبد الجواد العطار

حققت معركة سيف القدس إنجازاً كبيراً في مايو 2021م، وذلك بتوحيد كل جبهات الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي، وكانت الرسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي بأن القدس كغزة، وأن الفلسطينيين في كافة تواجدهم هم وحدة واحدة، لذا رأينا القتال في غزة، والمظاهرات في الأراضي المحتلة عام 1948م، والاشتباك في الضفة الغربية، والمسيرات على حدود فلسطين من بلدان الطوق، بالطبع هذه الوحدة في الاشتباك لم ترق لدولة الاحتلال بعد معركة سيف القدس فحاولت جاهدة لنيل من هذه الوحدة ولكن دون جدوى.

وبعد خمسة عشر شهراً من معركة سيف القدس تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي فرض معادلة تقسيم الساحات والاستفراد بفصيل دون الآخر، وذلك باستفرادها بحركة الجهاد الإسلامي، بدأ ذلك باستهداف عناصر حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، وانتهى باعتقال الشيخ بسام السعدي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في الثاني من أغسطس 2022م، ومع إعلان حالة الاستنفار القصوى لحركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس والتي أعلنها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة مما أدى إلى شل حركة المستوطنين في غلاف غزة لمدة أربعة أيام على التوالي وبدون أن تطلق سرايا القدس طلقة واحدة، ومع استمرار الوساطات المصرية لتخفيف التوتر وإيجاد مخرج للأزمة وتعاطي حركة الجهاد الإسلامي إيجابياً مع تلك الوساطات، أقدمت دولة الاحتلال باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الشهيد تيسير الجعبري وبعد يومين اغتيال قائد المنطقة الجنوبية لسرايا القدس الشهيد خالد منصور في محاولة منها لطمأنت الجمهور الإسرائيلي؛ بأنها قادرة على جلب السلام والامن للمستوطنين في غلاف غزة، وأيضاً بضرب النموذج المقاتل والذي يصنع في أتون المعركة ويرسخ ثقافةً جديدةً بين الشباب الفلسطيني وخاصة في الضفة الغربية وذلك بتكوين تشكيلات عسكرية فاعلة في الضفة الغربية لقتال جيش الاحتلال الإسرائيلي، ككتيبة جنين وكتبة طوباس وكتيبة طولكرم وكتيبة نابلس.

ويظهر مدى الارتباك الذي تعيشه دولة الاحتلال في تركيز إعلامها على حركة الجهاد الإسلامي وذلك من خلال تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي لابيد، ووزير حربه غانتس وذلك بقولهم بأن هذه المعركة لا تستهدف الشعب الفلسطيني بل تستهدف حركة الجهاد الإسلامي، وفي السياق نفسه حذروا حركة المقاومة الإسلامية حماس بمساندة حركة الجهاد الإسلامي في المعركة.

وفي موقف موحد ومن خلال غرفة العمليات المشتركة أجمعت جميع الفصائل الفلسطينية بما في ذلك حركة المقاومة الإسلامية حماس وبشكل واضح بأن عملية اغتيال الشهيد تيسير الجعبري هو اعتداء على الشعب الفلسطيني كله، وبان الاحتلال الإسرائيلي يتحمل تبعات هذا الاعتداء وبأنها مع الرد على جرائم الاحتلال من خلال غرفة العمليات المشتركة، وبالفعل تم اطلاق عملية "وحدة الساحات" بمباركة من الفصائل الفلسطينية على الرغم بأن سرايا القدس تمثل رأس الحربة في هذه المعركة، ومن الدلالات المهمة لمعركة وحدة الساحات والتي أطلقتها سرايا القدس ما يلي:

أولاً/ الحفاظ على مخرجات معركة سيف القدس، والتي رسخت فيها المقاومة الفلسطينية وحدة ساحات الاشتباك، والتي لن تسمح المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي بتغيير قواعد الاشتباك وبتجاوز مخرجات معركة سيف القدس بوحدة ساحات الاشتباك مع الاحتلال، لذا كان القتال في غزة، والمظاهرات في الداخل المحتل في مدينة أم الفحم وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة، والاشتباك في الضفة الغربية، والمسيرات الرافضة للاعتداء الصهيوني على غزة في كل دول العالم.

ثانياً/ وحدة الموقف الفلسطيني للرد على جرائم الاحتلال، فجميع الفصائل الفلسطينية أيدت الرد على جريمة اغتيال الشهيدين القائدين في سرايا القدس تيسير الجعبري والشهيد القائد خالد منصور وذلك في موقف موحد من خلال غرفة العمليات المشتركة، وإن كانت سرايا القدس تصدرت المشهد.

ثالثاً/ الرد الممنهج لسرايا القدس والذي يعطي دلالة واضحة على القوة الكبيرة التي تملكها سرايا القدس، وأيضاً الحنكة في إدارة المعركة، وإبقاء حالة الخوف والرعب لدولة الاحتلال، وهذا ما لاحظناه في التدحرج في إدارة المعركة واتساع بقعة الزيت في ضرب مدن وقرى دولة الاحتلال، ففي اليوم الأول كان مدى الصواريخ ما يقارب 50كم، واليوم الثاني توسع الى ما يقارب من 80كم واليوم الثالث ما يقارب من 100كم.

رابعاً/ حفاظ سرايا القدس على وتيرة إطلاق الصواريخ والرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال الضربات الصاروخية التي أطلقتها سرايا القدس، فبمقارنة بسيطة بين معركة وحدة الساحات ومعركة سيف القدس نجد بأن معدل إطلاق الصواريخ في معركة سيف القدس يقدر 380 صاروخاً في اليوم، بينما يقدر معدل إطلاق الصواريخ في معركة وحدة الساحات ب 350 صاروخاً في اليوم، وهذا يدلل على قدرة سرايا القدس في مواصلة المعركة وردع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

رابعاً/ إنجاز ما بدأته حركة الجهاد الإسلامي بعد اعتقال القائد في الحركة بالضفة الغربية الشيخ بسام السعدي وتثبيت معادلة وحدة ساحات الاشتباك مع العدو الصهيوني، واتضح ذلك في اطار التفاهمات لإنهاء المعركة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي بوساطة مصرية، والتي لم تخرج الضفة الغربية من على طاولة المفاوضات، والتي شملت اطلاق سراح الأسير خليل عواودة والأسير القائد بسام السعدي، وهذا انجاز مهم لحركة الجهاد الإسلامي، بحفاظها على وحدة ساحات الاشتباك والتي سعى الاحتلال الصهيوني أن ينهيها باغتيال القائدين في سرايا القدس الشهيد تيسير الجعبري والشهيد خالد منصور، وفصل ساحة قطاع غزة عن الضفة الغربية، ولكن الاحتلال فشل في ذلك وذلك بإصرار حركة الجهاد الإسلامي على إطلاق سراح الأسيرين خليل عواودة والقائد بسام السعدي.

خامساً/ تآكل قوة الردع الإسرائيلية، فعلى الرغم من أن الضربة الاستباقية هي إحدى مقومات قوة الردع الصهيونية، ألا إن دولة الاحتلال الإسرائيلي بدأت المعركة وهي ليست قادرة على إنهائها؛ فزمام المبادرة بالقتال وانهائه هو بيد حركة الجهاد الإسلامي، وهي بذلك تفقد عنصر مهم في إدارة المعركة، إضافة الى ذلك زعزعة الجبهة الداخلية الإسرائيلية وشل كل مناحي الحياة في دولة الاحتلال، وأيضاً حفاظ سرايا القدس على وتيرة إطلاق الصواريخ من حيث الكم والنوع وهو ما يدلل وبشكل واضح على تآكل قوة الردع الإسرائيلية.

لا شك بأن معركة وحدة الساحات التي أطلقتها سرايا القدس محطة مهمة من محطات الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي والتي أكدت من خلالها على وحدة ساحات الاشتباك مع العدو الصهيوني، والتي حققت من خلالها هذا الهدف، وذلك بإصرارها على وحدة الصف الفلسطيني وأيضاً اطلاق سراح الأسيرين خليل عواودة وبسام السعدي.