خبر كيف يوقف العالم العربي مخاطر المشروع الصهيوني؟ ..عبدالله الأشعل

الساعة 12:02 م|05 مايو 2009

ـ الحياة 5/5/2009

يوشك الوضع الحالي للعالم العربي بانفجار بين الشارع والأنظمة، وهناك سبب رئيسي وسبب فرعي لذلك، أما السبب الرئيسي فهو عجز الانظمة العربية عن وقف تقدم المشروع الصهيوني بقوته العسكرية وانفراده بالقرار في تحديد مصير فلسطين والقدس، ولجوء هذه الانظمة إلى «التسوية السياسية» التي مكنت هذا المشروع من التقدم، وأجلت المواجهة بينه وبين العالم العربي، ما أدى إلى نشأة المقاومات التي أيدتها الأنظمة واعتبرت ذلك تبرئة لذمتها وبديلاً عن تصديها هي للمشروع الصهيوني بعد فشل المواجهة الرسمية معه. ثم ما لبثت هذه الأنظمة أن اتخذت موقف الحياد مع تعاطف دفين الى جانب المقاومة، على أساس أن هذه الأنظمة تدرك مخاطر المشروع الصهيوني وتكره أن يجور بآثاره على المنطقة كلها فيذل أهلها ويحرج حكامها ويبتز ثرواتها تحت التهديد والوعيد. ولكن هذه الأنظمة اضطرت إلى زحزحة موقفها فأصبح بعضها يتصرف لمضايقة المقاومة ويأبى أن يقال عنه أنه يحاربها، وترك سلوكه يدل على ما يريد. وخوفاً من أن تتهم هذه الأنظمة بدعم خفي للمقاومة فتلقى ما لقيه عرفات وغيره، بل إن بعضها صرح بالفعل بأنه يقطع كل ذريعة ويفضل القبول بالخضوع والتراجع، كي لا يسمح بارتكاب حماقة ضده، وهو ليس مستعداً لذلك، وتسلم هذه الأنظمة بأن المواجهة مع المشروع الصهيوني قادمة، ولكنها تفضل أن يواجهه غيرها وترتاح إلى هذا التأجيل. يترتب على ذلك أن القوى المناهضة للمشروع تتصرف في هذه المساحة المتروكة بقدر ما تستطيع، فيقع الصدام بين الشارع والنظام ويستمر الصدام والاحتقان كلما استخف العدو بالنظام وأحكم النظام قبضته على الشارع الذي يعاني بسبب الفساد وعجز النظام عن أن يحظى بقبول الشارع حتى على مستوى كفاءة الأداء وادارة المجتمع.

هذه الحالة خلقت فراغاً سياسياً في المنطقة يملأه العدو وتنزوي هذه النظم إلى مساحة ضيقة بحجة المحافظة على الوطن وحمايته من الاستهداف، فيزداد الشارع نقمة على الحكم وعلى إسرائيل بسبب شعوره بالقهر ويؤدي ذلك في النهاية إلى انفجار ينتهي إلى وضع مريح لاستمرار تقدم المشروع الصهيوني.

في ضوء ذلك أعتقد أن هذا النوع من الأنظمة سوف يزداد إحراجاً مع تشدد حكومة نتانياهو وإلغاء كل أفق سياسي للحل. ولذلك فإن مصلحة هذه الأنظمة تكمن في مواجهة المشروع بشجاعة وذلك بوقف أي تعامل مع إسرائيل واستخدام المصالح الأميركية في المنطقة للحصول على مقابل لمساندتها في وقف هذا المشروع. فالدول التي اعترفت بإسرائيل وتقيم علاقات معها ستواجه مآزق الضغط وإسقاط الشروط التي تضمنتها المبادرة العربية وجميع المبادرات الأخرى. من ناحية أخرى، يجب على الدول العربية أن تعلن عدم الاعتراف بحكومة نتانياهو التي لا تعترف بأي حق للعرب في استرداد أرضهم، أو في حق الفلسطيني في دولة حقيقية، أو إنقاذ القدس من التهديد والضياع. يجب على الحكومات العربية أن تدرس الحصاد المر لعملية السلام التي استمرت ثلث قرن الى الآن والخاسر فيها هو الجانب العربي، بينما المشروع الصهيوني يتقدم كل يوم. ويجب على الحكومات العربية أن تدرك أن المقاومة هي خط الدفاع الأول ضد المشروع الصهيوني، وأن الإضرار بها أو إهمالها أو إرهاقها تحت أي ذريعة هو دعم لهذا المشروع.

إن العالم العربي ليس مطالباً بأن يحارب إسرائيل ولكنه قادر على أن يقول بدرجة من الصدقية: كفى لهذا العبث والتلاعب بمصير الشعوب العربية، وعندها ستجد الأنظمة شعوباً تغفر لها كل شيء ما دام ميزان الوطنية قد عاد بمؤشره إلى القبلة الصحيحة.