خبر خيار ليس بخيار ..هآرتس

الساعة 10:28 ص|04 مايو 2009

بقلم: امير اورن

        (المضمون: اسرائيل لا تمتلك خيار التصدي للذرة الايرانية وعليها الاعتراف بذلك علانية - المصدر).

        الاستراتيجية الاسرائيلية لمواجهة السلاح النووي الايراني فشلت. لو كانت لها جوانب خفية عن العين لكسب الوقت فهي ذات نجاعة مؤقتة عابرة. على المستوى العلني السياسي تم تحفيز العالم وتجنيده من اجل التصدي للمشروع النووي العسكري الايراني لاسباب ليست اسرائيلية: اتساع النادي النووي لدرجة قد تصل الى انفجاره، زيادة حدة المنافسة على السيطرة في الخليج الفارسي، ادخال دول اوروبا في مدى الصواريخ النووي. هذا نهج وتوجه اسرائيل نمطي في مراهناته ويسعى لتعليم الآخر ما هو جيد وهام له واتخاذ القرار بدلا عنه حتى يدرك ان عليه ان يفعل ما هو مرغوب - بالصدفة – اسرائيليا. فكرة رائعة ولكنها لم تجد من يشتريها يا للخسارة.

        دول اخرى – انانية جدا اصرت على حصر قرار تحديد ما هو خطير لها والى اي مدى يوجد لديها استعداد للعطاء من اجل درء المخاطر، بيدها هي واحتفظت فيه لنفسها – يا للانانية. ايران النووي مقلقة جدا لهذه الدول الانانية ولكنها لا تريد الخروج للحرب مرة اخرى من اجل التصدي لهذا السلاح.

        ان كانت اسرائيل قد املت بان تتمكن من التلصص من وراء ظهر الامريكيين والاوروبيين والسعوديين وغيرهم وهم يتصدون للمشروع الايراني فقد خاب املها. منذ مطلع التسعينيات حذر الاسرائيليون – قبل نتنياهو كان اسحق رابين وغيره – من ان الذرة الايرانية توشك على الاستكمال. حتى وان كانوا صادقين من حيث الجوهر فهم قد اخطأوا في التوقيت لدرجة ان الناس اخذوا يشككون في مصداقية صرخات الاستنجاد التي تنطلق من حناجرهم. على وجه الخصوص فشل مساعي اقناع الروس في عهد كلينتون ("لجنة غور – تشيرنوميردين") بالتنازل عن المساعدة النووية لمفاعل بوشهر. الاعتبارات الروسية بالمجمل تعتبر ان ما يخيف الناتو وواشنطن ليس سيئا بالضرورة.

        من دون خشية عالمية صارخة من عملية عسكرية اسرائيلية ضد ايران قد تتبدد الجهود الدولية الساعية لاحباط المشروع الايراني. هذا الخوف ليس قائما الان:- يأخذون بالحسبان تنفيذ عملية اسرائيلية الا انهم يفترضون انها ستحجم عنها في اللحظة الاخيرة. الرئيس براك اوباما يقول كل الكلمات الصحيحة ولكن من دون شعور بالفزع ومن دون اعطاء اسبقية عالية للقضية الايرانية ومن دون النجاح في بناء جبهة دولية. قد يستنتجون في طهران من ذلك ان اوباما سيفضل ضبط النفس عند الوصول الى المفترق الحاسم.

        الصيغة الاسرائيلية المعتادة التي تصف العملية العسكرية باعتبارها "خيارا مطروحا على الطاولة" افلست وقلبت الطاولة. خيار ميار وكلام فارغ:- هذا التفلسف والفهلوية يعرفهما الجمعي منذ سنوات طويلة من خلال وصف القدرات النووي الاسرائيلية بنفس المصطلحات والالقاب.

        الانطباع السائد كما يظهر من تصريحات صانعي السياسة الاسرائيلية هو انطباع قائم على وجود اختلاف في القيادة. ان كان التهديد وجوديا (نتنياهو ولفني وقائد سلاح الجو عيدو نحوشتان ورئيس الموساد مئير دغان) او غير وجودي تماما (ايهود باراك) فهذا ليس مجرد اختلاف في انتقاء الكلمات التهديد الوجودي هو مسألة مطلقة ولا مجال للسكون عنها البتة. كل التهديدات الاخرى والعلاقات قابلة للتفاوض. عملية مثيرة وربما طبيعية مرت على باراك وهو في طريقه من قيادة وحدة الاركان الخاصة حتى قيادة الجيش على الجولة الثانية مع توقف في محطة رئاسة الوزراء لبرهة من الزمن. هو استبدل معيار النتيجة بمعايير الثمن. من كان مبادرا هجوميا وجريئا في العمليات الابداعية وخاض غمار التحديات اصبح الان متحفظا جدا. سواء كان ميزانه صحيحا او خاطئا تبقى حقيقة اعتقاد وزير الدفاع الاسرائيلي بأن اسرائيل ستسلم بالذرة الايرانية قائمة وتعزز الاعتقاد السائد في العالم من طهران حتى واشنطن بأن هذا ما سيكون.

        تصادم النوايا والرغبات بين الطرفين يحرز الاصرار الايراني الغلبة في معركة السلاح النووي الذي اصبحت حقيقة قائمة. في المقابل ينقص الالتزام الاسرائيلي الحازم بالتحرك ضد الجمع الفتاك بين نوايا الابادة واسلحة الابادة. الابهام لا يجلب اي تمييز كان – لا ردعا لايران ولا ضغطا على بقية العالم. يجب ان يقال ذلك صراحة في واشنطن للادارة وللكونغرس وللجمهور الامريكي. باستطاعة الرئيس شمعون بيرس تغيير ذلك غدا خلال زيارته لاوباما الا ان بيرس ليس في موقع القرار وليس نتنياهو ربما.