خبر صيغة هيلاري « السحرية » للسلام ..محمد السعيد ادريس

الساعة 09:42 ص|04 مايو 2009

ـ الخليج 4/5/2009

لسنوات طويلة مضت، منذ أن اختار النظام الرسمي العربي “خيار السلام” باعتباره الخيار الاستراتيجي لإدارة الصراع أو بالأحرى ل”حل الصراع” مع الكيان الصهيوني ظهرت ضمن أفق هذا الخيار العديد من الشعارات أو المبادئ التي حاول العرب بها “حل الصراع مثل مبدأ الأرض مقابل السلام”، ومثل “مبادرة السلام العربية”، وفي معظم الأحيان كان “الاسرائيليون” يردون بشعارات أخرى مقابلة مثل “الأمن مقابل السلام” في محاولة منهم لاستبعاد مبادلة الأرض المحتلة بالسلام على أساس ان العرب يريدون الأمن كما تريد “إسرائيل” السلام، وكانوا في أحيان أخرى يطرحون شعار “السلام مقابل السلام” كما ظهر شعار الرخاء مقابل السلام في إشارة الى دعوة الشرق الأوسط الجديد التي سعى الرئيس “الاسرائيلي” شمعون بيريز الى التبشير بها في محاولة لتحقيق التطبيع الكامل للعلاقات مع الدول العربية ضمن صيغة مشتركة للتعاون الاقتصادي .

كل هذه الشعارات والمبادئ لم يكتب لها النجاح لأنها كانت محاولات فاشلة للالتفاف على صراع له طبيعة “وجودية”، أي أنه صراع يتعلق بوجود الطرفين المتصارعين وليس مجرد خلاف أو نزاع حول حدود أو مصالح، وفي محاولة لتجاوز هذه الحقيقة جاءت دعوة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للتعاطي مع معادلة جديدة لإدارة العلاقات هذه المرة بين “إسرائيل” والعرب، على قاعدة الصراع ضد عدو مشترك هو إيران .

دعوة الوزيرة كلينتون محاولة للبناء على ما نجحت الوزيرة الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس في تحقيقه بدرجة ملحوظة من خلال دعوتها لتأسيس “شرق أوسط جديد” قالت إنه سوف يولد من رحم الحرب “الاسرائيلية” على لبنان صيف 2006 يقوم على فكرة “استبدال العدو” بأن تصبح إيران عدواً مشتركاً للعرب و”إسرائيل” بدلاً من أن تبقى “إسرائيل” عدوة للعرب وإيران .

يبدو أن هيلاري كلينتون تعتقد أنها باتت تمتلك ما يمكن وصفه ب”الصيغة السحرية” لإدارة الصراع الاقليمي في الشرق الأوسط، هذه الصيغة تقول إن “إسرائيل” باتت في حاجة إلى اصطفاف العرب معها في الصراع ضد إيران، وإنه إذا كانت “إسرائيل” حريصة على تحقيق هذا الهدف فعليها أن تكسب العرب من خلال تقديم مبادرات جادة لحل الصراع الفلسطيني - “الاسرائيلي” .

الوزيرة كلينتون تقول إنها المرة الأولى التي تنشأ فيها “مصلحة استراتيجية عربية - “اسرائيلية” مشتركة، منذ تفجير الصراع العربي - “الاسرائيلي” أكثر جاذبية من التعاون الاقتصادي، وأكثر إثارة للاهتمام من مجرد التطبيع، إنها فرصة تحقيق السلام على قاعدة “حل الدولتين” .

مشكلة الوزيرة كلينتون أنها تعيش “الوهم” كغيرها من كبار المسؤولين الأمريكيين من ذوي النوايا الحسنة . فقادة الكيان يريدون للعرب نسيان الصراع مع “إسرائيل” والتحالف معها ضد ريران، ومن دون مقابل، على نحو ما كتب “تسفي بارئيل” في صحيفة “هآرتس” الصهيونية، فهو يقول إن الدول العربية و”إسرائيل” ليست بحاجة البتة الى السلام حتى تبلور جبهة مناهضة لإيران، لأن الدول لن تقع في حب إيران إذا لم تحصل على السلام من “إسرائيل”، ومن ثم فإن “إسرائيل” ليست مضطرة إلى تقديم تنازلات من أجل السلام كي تضمن استمرار التوجه الصراعي العربي ضد إيران، فلو ان “إسرائيل” قبلت أن تقدم تلك التنازلات للعرب فإن السلام المأمول بين العرب و”إسرائيل” لن يحول دون استمرار الدور الإيراني العدائي ضد العرب وضد “إسرائيل” معاً .

النتيجة كما يراها تسفي بارئيل أن “إسرائيل” غير مقتنعة بتقديم التنازلات التي تريدها الإدارة الأمريكية وبالذات القبول بحل الدولتين .

ماذا سيحدث خلال لقاء رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو مع باراك أوباما في واشنطن ومن سيقنع الآخر ومن سيقدم التنازلات؟

لو افترضنا أن أوباما هو الذي اضطر للقبول بالمنطق الذي سيطرحه نتنياهو لرفضه اقتراح حل الدولتين، أو لفرض شروطه لقيام دولة فلسطينية لا تملك من صفات الدول غير الاسم، ماذا عسى اوباما أن يقول للزعماء العرب الذين من المرجح أن يلتقي بهم قريباً كي يبرر لهم تراجعه المحتمل عن حماسه لحل الدولتين؟

السؤال مهم لأنه يتوقف على ما يمكن أن يسمعه أوباما من ردود هؤلاء الزعماء، وإذا أدركنا أن الزعماء العرب ليس في تصورهم أو في مقدورهم نقد الموقف الأمريكي فلنا أن نعرف من الآن الاجابة عن سؤال: أي مآل لصيغة هيلاري “السحرية” للسلام؟