خبر لا تضربوا إيران ..والتر روجرز

الساعة 09:41 ص|04 مايو 2009

ـ الاتحاد الإماراتية 4/5/2009

بدا نتانياهو وكأنه يوجه لأوباما تحذيراً واضحاً لا لبْس فيه: امنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، وإلا فسنتولى نحن ذلك. غير أن التحدي الذي رفعه نتانياهو -الذي ألمح إليه في مقابلة مع مجلة "ذي أتلانتيك- غير واقعي؛ والأدهى من ذلك أنه يبدو محاولةً مكشوفة لتهديد رئيس أميركي ودفعه إلى اتخاذ مواقف معينة. غير أنه يحتمل ألا يكون الأمر سوى تهديد فارغ لأن عواقب ضربة إسرائيلية أحادية الجانب قد تكون ضخمة، بل كارثية.

صحيح أنه سبق لإسرائيل أن تحركت بشكل أحادي للقضاء على ما كانت تعتبره تهديداً نووياً؛ حين أرسلت في بداية الثمانينيات طائرات حربية لتدمير المفاعل النووي العراقي، حيث زعمت حينها أن العراق كان على وشك تطوير أسلحة نووية، وأنه لم يكن لديها خيار آخر غير تدمير المفاعل ومسحه من الوجود؛ وأيضاً حين قصفت في 2007 منشأة في سوريا زعمت أنها مفاعل نووي. غير أن أي قصف لمفاعلات إيرانية سيكون مسألة مختلفة؛ فالمفاعل العراقي كان محطة نووية وحيدة وضعيفة الحراسة ولا تعمل؛ وكانت قد لحقت به أضرار قبل نحو عام على ذلك التاريخ جراء ضربة إيرانية جوية.

أما الإيرانيون، فقد اتخذوا احتياطات كثيرة أثناء بناء منشآتهم، وحرصوا على إنشائها على ما هو أقوى من رمال الصحراء. وإذا كانت توجد في الوقت الراهن منشأة نووية واحدة فقط هي "بوشهر 1"، فإن طهران تتجه نحو بناء سلسلة كاملة من المحطات النووية، وهو ما يعني أن إسرائيل ستكون مطالبة بالقصف لوقت طويل فقط من أجل تأخير برنامج نووي ربما يتعذر وقفه بسرعة. ثم إن تداعيات قصف إسرائيل للمفاعل النووي العراقي كانت خطيرة ولكنها كانت محدودة، في حين أن ضربة وقائية على إيران قد تكون كارثية، ولنتأمل التالي:

- لقد أشارت إيران إلى أنها إذا هوجمت، فستعمد إلى إغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره حوالي 20 في المئة من النفط العالمي، وهو ما من شأنه أن يُغرق العالم في مصيبة اقتصادية.

- يُعتقد أن "حزب الله"، الذي يعد وكيل إيران في لبنان، يملك آلاف الصواريخ ، كما يقول وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، وهي كمية قد تكون كافية لجعل مدن إسرائيلية مثل حيفا وتل أبيب تحترق مثلما احترقت لندن خلال القصف النازي. كما يُعتقد أن لدى "حزب الله" خلايا إرهابية في أوروبا وأميركا الشمالية. وإذا كان قد سبق للحزب أن ضرب في أميركا الجنوبية، فإن العديد من خبراء الإرهاب يعتقدون أنه من الممكن أن يكون أكثر خطورة من "القاعدة" ويرجحون أن تقوم إيران بإطلاقه على العالم في حال أقدم نتانياهو على قصف مفاعل "بوشهر 1".

هذا وقد تفجر ضربة إسرائيلية موجة عارمة من مشاعر معاداة السامية قد تترجم إلى أعمال عنف ضد اليهود عبر العالم. كما قد تدفع ضربة مماثلة المقاتلين الإسلاميين من مراكش ومارسيليا ولندن والقاهرة وكراتشي وطهران إلى التطوع بالآلاف والتوجه إلى العراق وأفغاسنتان لمحاربة القوات الأميركية هناك.

صحيح أن نتانياهو ليس مجنوناً، وهو يدرك جيداً هذه التداعيات العالمية. وربما تكون السياسة الإسرائيلية الداخلية عامل دفع وراء تحذيرات نتانياهو على اعتبار أن الكلام الذي يشي بالحزم والصرامة يهدئ القلق والمخاوف في الداخل. كما يمكن أن يكون هدف نتانياهو هو حث حكومة أوباما الجديدة على التحرك. فربما شعر بأن الدعوة الأميركية الأخيرة لطهران للالتقاء مع واشنطن وخمس قوى كبيرة أخرى من أجل مناقشة البرنامج النووي موضوع النزاع إنما كانت نتيجة تهديده.

غير أن ما يبعث على القلق هو أن لنتانياهو تاريخاً من سوء التقدير أثناء ولايته السابقة كرئيس للوزراء من 1996 إلى 1999، وهو ما دفع مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية إلى إلى نشر صورة "بيبي" (مثلما يلقب نتانياهو في إسرائيل) على غلافها في أكتوبر 1997 تحت عنوان "الزعيم الإسرائيلي كثير الأخطاء" ووصفت حكمه لشؤون الدولة العبرية بأنه "مصيبة" لعملية السلام.

وختاماً أقول إن على أوباما أن يسدي خدمة لنتانياهو ويقول للإسرائيليين: "لا تنفذوا أي ضربة أولى" وابقوا على طائراتكم الـ"إف 15" والـ"إف 16" رابضةً في قواعدها لأن الكلام المتشدد مثل تصريحات نجاد موجود وشائع في كثير من أنحاء العالم الإسلامي؛ والخطاب الناري غالباً ما يكون مجرد ذريعة لعدم التحرك، ولا يوحي بميول انتحارية لدى الزعماء.