خبر يحدث في غزة: مواطنة تستيقظ من غيبوبة دامت شهرين لتجد أبناءها الثلاثة شهداء

الساعة 05:58 ص|04 مايو 2009

فلسطين اليوم : غزة

حين علـم زياد العبسي (43 عاماً) أن الحالة الصحية لزوجته عفاف بدأت تتحسن بعد شهرين متواصلين قضتهما في غيبوبة كاملة في أحد الـمستشفيات الـمصرية شعر بارتياح، لكن ذلك الشعور سرعان ما تحوّل إلى خوف وقلق على مصير زوجته.

فالزوجة التي أصيبت بجروح بالغة جراء قصف منزلها ثاني أيام الحرب على غزة لـم تكن تعلـم بما حدث لأبنائها، إذ إن ثلاثة منهم (أحمد ومحمد وصدقي) وأكبرهم لـم يتجاوز الثانية عشرة من عمره قضوا دفعة واحدة، أما الزوج وبناته الأربع وابنه محمود فأصيبوا بجروح متفاوتة، كما أن الـمنزل أصبح أثراً بعد عين.

ويشير زياد إلى أنه ظل قلقاً طوال فترة غيبوبة زوجته، خوفاً من لحظة معرفتها الحقيقة وتأثير ذلك عليها، موضحاً أنها وحين استيقظت فاجأتهم جميعاً.

وقال: بعد أن استيقظت وبدأت تعي ما يدور حولها طلبت من شقيقتها التي كانت ترافقها مهاتفة زوجها... سألتني عن كل شيء إلا أبنائي الشهداء، ما جعلني أشعر بحيرة وخوف ودفعني لـمهاتفة شقيقتها التي أبدت هي الأخرى مزيدا من الاستغراب لأنها فعلت الشيء ذاته معها.

وأوضح زياد أنه تفاجأ باتصال من زوجته تخبره فيه بأنها كانت تعلـم أن أبناءها الثلاثة سقطوا وأنها رأتهم وهي في غيبوبتها وهم في الأكفان، لكن ورغم ذلك فإنها أصيبت بانهيار حين أكد لها زوجها الفاجعة، وكأنها كانت تنتظر أن يخبرها أن ما رأته لـم يكن حقيقة، وكانت تحاول طوال الفترة الـماضية التهرب من تأكيدها.

حزن وإعاقة

عفاف التي عادت إلى قطاع غزة حديثاً بعد فترة علاج طويلة بدت علامات الإعياء والحزن واضحة على وجهها وجسدها النحيل الذي فقد الكثير من وزنه لا يقوى على الحركة، كما أن إعاقتها الناجمة عن إصابتها في العمود الفقري أقعدتها وحدت من حركة قدميها لكنها لـم تستطع حجب دموعها التي لـم تنقطع منذ إفاقتها.

عفاف التي كانت جالسة وسط حشد من النساء اللواتي جئن لـمواساتها لـم تتوقف عن ذكر أبنائها الثلاثة والتحسر على فراقهم، وتتمنى لو استطاعت وداعهم أو إلقاء نظرة أخيرة على جثامينهم.

وقالت مخاطبة من حولها: قبل استشهادهم بلحظات كنت أدور على أسرتهم وأضع الأغطية عليهم، كانوا كالـملائكة، غارقين في نومهم.

وأطرقت للحظات ثم صرخت بصوت مدوٍ أفزع الجميع: ما ذنبهم، كي يقتلوا وتمزق أجسادهم الصغيرة.

حينها سارعت شقيقتها سميرة التي رافقتها في رحلة العلاج إلى احتضانها بقوة وبدأت تمسح برفق على رأسها وتذكرها بثواب الصابرين وأجرهم وتطلب منها احتسابهم عند الله كي تجتمع بهم في الاخرة، حينها بدأت عفاف تهدأ ثم استدارت جهة القبلة وبدأت تصلي وهي جالسة.

وبعد ان انهت صلاتها، أكدت عفاف أن غيبوبتها كانت غيبوبة جسد، وأنها كانت تشعر بما يدور حولها وترى الكثير من الأشياء في أحلامها، وأحيانا كانت تستمع إلى بعض الأحاديث التي تدور في الغرفة دون أن تقوى على النطق.

وأشارت عفاف إلى أن شعور الحزن كان يعتصر قلبها وهي في غيبوبتها، ما فسر ما قاله زوجها سابقا نقلا عن أطبائها الـمعالجين بأن عقلها الباطن ظل فترة طويلة يرفض الاستجابة للعلاج وكأنها كانت ترفض العودة للحياة من جديد.

أمل متجدد

قالت عفاف: رغم ما أصابني من فاجعة أليمة ورغم إعاقتي إلا أنني أدرك أن الحياة ستمضي شئت أم أبيت، لذلك قررت بمعاونة من معي أن أتغلب على كل الصعاب من أجل زوجي ومن تبقى من أبنائي.

وأكدت أن وقوف أقربائها وأصدقائها إلى جانبها خفف عنها الـمصاب، متمنية أن يأتي يوم وتقتص فيه ممن حرمها أبناءها الثلاثة، وتساءلت عن عمل محاكم العدل الدولية ومحكمة مجرمي الحرب، ولـماذا تصمت عن جرائم بشعة كهذه.