خبر ليكون لنا عما نتحدث فيه.. معاريف

الساعة 08:16 ص|03 مايو 2009

بقلم: ياعيل باز ميلاميد

يوم الاستقلال الـ 61 مر بسلاسة على معظم الجمهور. الطقس كان مريحا، لم تقع احداث شاذة، طوق شامل فرض على الضفة، ولكن من يهمه هذا. من كل قطعة ارض صعد دخان المناقل وغيم على البلاد بأسرها. ماذا نحتاج أكثر من ذلك؟ بالاجمال يوم استقلال آخر في دولة اخرى على وجه الكرة الارضية. انفلونزا الخنازير اظهرت بعض الحُمرة على وجه الصحافة المملة. في عشية يوم الذكرى عقد رئيس الوزراء، الذي هو ايضا وزير الصحة، نقاشا عاجلا في موضوع الانفلونزا اياها وقدم عنوانا رئيس في نشرات الراديو والتلفزيون. وزارة الدفاع تستعد لان تتحمل مسؤولية معالجة الوباء. انظروا الينا كيف نستعد نحن لكل سيناريو.

وعندما انتهت الاحتفالات وانتهت المداولات العاجلة، عدنا الى حياتنا الروتينية. في ديوان رئيس الوزراء، ذاك الذي لا يوجد لديه بعد طاقم او مدير عام، يواصلون بلورة سياسة ما يمكن عرضها على الرئيس اوباما. كي يكون هناك شيء يمكن البحث فيه. وكي لا تسهل الامور في نظرنا. في ثلاثة اسابيع ينبغي اعطاء أجوبة على قدر كبير من الاسئلة التي قالت لها اسرائيل لا. ماذا نقترح بدلا من دولتين للشعبين؟ ماذا نقول للسوريين بعد أن قال وزير خارجيتنا ان اسرائيل لن توافق على شرط الانسحاب من الهضبة؟ ماذا نقول لابو مازن اذا استؤنفت المفاوضات؟ ماذا نقول للامريكيين الذين سيطالبونا، في المرحلة الاولى، باخلاء مستوطنات غير قانونية؟ هذه لحظة الرأفة لليمين في أن يري بان لديه طريقا وان لديه اتجاه.

وبالفعل، لديه: كل ما كان حتى الان غير مقبول، ونحن فقط سنقرر ما سيحصل هنا. لا تتحدثوا معنا عن أي انسحاب كان من أي مكان كان كشرط للمفاوضات. في السياق سنرى ماذا نعم. لو أن ليبرمان كان سيلتقي اوباما لكان هذا ما سيقوله له. والرئيس النشط، الذي لا يرتاح للحظة، وكل يوم يعرض على الامريكيين بشرى جديدة من التغيير، كان سيتأثر أغلب الظن بالرجل، ويروي كالاخرين بانه رجل مثير للاهتمام، آخر، ومع ذلك، يبدأ بالفهم بان المشكلة التي اسمها اسرائيل اخطر بكثير مما بدا له الامر في البداية.

ولما كان نتنياهو هو الذي سيعرض اللاسياسة على الرئيس الامريكي فان الامر سيحظى بتلطيف ما. ينبغي الافتراض بان ستكون هناك موافقة على ازالة بضعة كرافانات غير قانونية، وكذا الكيمياء بين الرجلين يمكنها أن تعمل. ولكن اوباما لم يصل  الى حيث وصل بفضل قدرته على أخذ وعطاء الهدايا. فهو شخص لا يمكن اسكاته بوعود عابثة. عورة اليمين آخذة في الظهور بأسرع مما نقدر رغم أن اغلبية الشعب تؤيده. كثيرون يقولون عن اليسار بانه ممل، قديم، يكرر ذات الشعارات التي اصبح بعضها كليشيهات.

ما لا يمكن قوله عليه هو أن ليس له طريق. كثيرون سيقولون ان هذا الطريق لا ينجح في اختبار الاحداث والتاريخ، واننا مللنا من السماع عن الحاجة لمسيرة سلمية، اذ لا يوجد شريك لهذه المسيرة، ولماذا تشوشون لنا عقولنا. كفى، مللناكم. غيروا القرص. وها هو الشرك باسره. اولئك الذين يقولون انه محظور التنازل عن أي شيء من اجل استئناف محادثات السلام مع أي جهة، يحظون بعطف هائل هنا وانعدام عطف بارز هناك، في الاماكن التي تتخذ فيها القرارات الحقيقية. ومقابلهم، اولئك الذين مستعدون للسير نحو التنازلات والانسحابات، وذلك ايضا كي يتحرروا من العبء الثقيل لكوننا دولة احتلال، يحظون بعلامات التحقير والنفور هنا، وبدعم جارف هناك، في البيت البيض.

اليمين الاسرائيلي، الذي انتخب باغلبية كبيرة، سيتعين عليه أن يحل هذا الشرك. صحيح حتى الان لا يبدو انه يتوجه لعمل ذلك. الشهر القريب القادم هو الاختبار الكبير لنتنياهو. اذا ما نجح في الوصول الى اللقاء مع اوباما وفي جعبته خطة سياسية، لا تهرب بيني بيغن من جهة او ليبرمان من جهة اخرى، سيدخل الهواء الى رئتيه. لقد بات ممكنا منذ الان الرهان على أنه سيحاول ادخال هذا الهواء من خلال الغموض وذر الرماد في عيون الادارة الامريكية.