خبر مستحقات بلدية غزة..جبايتها معضلة لا تعرف الحل! ومفتي يعتبرها ديونا في رقاب المواطنين

الساعة 07:08 ص|02 مايو 2009

فلسطين اليوم-غزة

في بلدية غزة، أكبر بلديات القطاع، والتي تضم ثلث سكانه، أضحت قضية الرسوم والجبايات مشكلة "عويصة" للمواطنين والمجلس البلدي على السواء، فنسبة كبيرة من السكان لا تستطيع دفع الرسوم، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وسط بطالة متفشية وحصار وأسعار سلع ملتهبة.

 

وتعاني بلدية غزة شأنها شأن الهيئات المحلية في محافظات قطاع غزة، من عدم قدرتها على التكفل برواتب موظفيها لشهور طويلة، مشتكية من ثقافة عدم الدفع، من قبل شريحة كبيرة من المجتمع الغزي، خاصة أرباب المهن والحرف.

نماذج مختلفة

"حياتنا صعبة، وبالعافية الواحد تا يطلع لقمتو ولقمة عيالو"، هكذا بدأ عبد الكريم ضبان، الذي يمتلك محلا لبيع المأكولات الشعبية في مدينة غزة، والذي يعيش حالة مادية صعبة.

 

يتابع ضبان: "جاءني موظفو البلدية من أجل ترخيص المحل، فإذا بهم يطالبون بـ "500" شيقل كرسوم على لافتة المحل، فقمت بإنزالها فورا، ورفضت الدفع".

 

ويؤكد ضبان أنه لا يستطيع أن يدفع سوى القليل من النزر اليسير الذي بين يديه، بسبب ضيق ما في اليد، خاصة وأنه رب لأسرة تتكون من عشرة أشخاص.

 

أما سمير قنديل، المالك لحانوت لبيع الموازين الالكترونية، فيقر بحقيقة أن البلدية تقوم بواجباتها، خاصة النظافة العامة. ويضيف: "الحق أن المشكلة ليست في واجبات البلدية، بل في كيفية جبايتها لمستحقاتها. فشكاوى أمثالي من التجار تنحصر في كيفية تقسيط المبلغ عليهم، وعدم مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها، وسأعطيك مثالا.. ".

 

يتوقف قنديل قليلا ثم يتابع: "عندما يذهب أي تاجر إلى البلدية لاستخراج شهادة ممارسة مهنة، فإنهم سيطالبونه بدفع فواتير المياه المتأخرة المستحقة عليه، وإلا فإنه لن ينال تلك الرخصة. وعندما يحاول التاجر أن يفصل بين القضيتين، فسيجد أنه لا حل أمامه سوى افتتاح محله دون ترخيص، وستخسر البلدية نيل رسوم المحل".

 

لم يستطع سعد أحمد ترخيص قطعة أرضه الموجودة بحي تل الهوا، معللا ذلك بقوله: "لم أستطع ترخيص أرضي بسبب رسوم التطوير المستحقة للبلدية، والتي تبلغ ألفي دولار تقريبا، مما يعني أنني لا أستطيع ترخيصها، أو إمدادها بخط للمياه، نظرا للظروف المادية التي نحياها".

 

على العكس من هؤلاء جميعا، يرفض أبو محمد، وهو بائع أحذية بمنطقة الشجاعية ترخيص محله. ليس لأسباب مالية مطلقا. يقول أبو محمد: " لا أستطيع ترخيص محلي، لأنني ساعتها سأخسر أي مساعدات إنسانية ستوزع هنا أو هناك. فأحيانا أنال 100 دولار من الحكومة تحت بند "البطالة "، كما أنني أحظى من حين لآخر ببعض "الكوبونات". لكن في حال ترخيصي للمحل، فإنني لن أحصل على أي مساعدات".

"سيحاسبون يوم القيامة"

من جهته، قال م.رفيق مكي، رئيس بلدية غزة: إن البلدية تقدر الوضع الحالي للأهالي، ولكن ثقافة عدم الدفع صارت منتشرة بين فئات عدة، تجاهلت أن تمويل البلدية ذاتي، وأنها تعاني عجزا حادا في ميزانيتها منعتها من دفع رواتب العاملين بها لشهور طويلة، مما دفع الحكومة لمساعدتها بمبلغ نصف مليون دولار، لا تكفي سوى لسد نصف رواتب الموظفين فقط.

 

وأضاف: "ليس من المعقول ألا يدفع الشخص الرسوم المترتبة عليه للبلدية، ليأتي بعد ذلك مطالبا إياها بتقديم الخدمات له، وبالرغم من ذلك، فإن بلدية غزة قررت تسهيل معاملات المواطنين، كخصم بعض الغرامات عنهم، ومنح المستأجر حق الحصول على مختلف خدمات البلدية حتى لو كانت هناك عدة غرامات على مالك العقار".

 

وتابع مكي قائلاً: "هنالك العديد من العائلات المستورة واظبت على الدفع برغم الظروف الصعبة، وبالمقابل ستجد عائلات أخرى لم تدفع ما عليها من مستحقات لعشر سنوات متواصلة. وعلى سبيل المثال، في الشهر الماضي وحده، من بين أكثر من  55 ألف مشترك في خدمات البلدية، لم يدفع منهم الرسوم سوى 10 آلاف شخص فقط. فهل يعقل أن جميع من لم يدفعوا عاجزون عن الدفع؟! ".

 

بدوره، قال الشيخ عبد الكريم الكحلوت، مفتي غزة: إن عدم سداد مستحقات أي جهة تتولى خدمة الصالح العام، كالبلدية وشركة الكهرباء، يعتبرا "أكلا لمال المسلمين، ويعرض البلد كلها لكارثة في حال إفلاس تلك المؤسسات، وتوقفها عن خدمة الناس"، وأن كل شخص لم يسدد ما عليه يعتبر "مدينا"، وسيحاسب على عدم تسديد دينه أمام الله يوم القيامة"، على حد تعبيره.