خبر القبائل العشرة .. هآرتس

الساعة 01:32 م|01 مايو 2009

بقلم: جدعون ليفي

الاعلام من انتاج صيني طويت مرة اخرى وادخلت الى الخزانة، الفكرة، الحكايات البطولية وقصص الثكل خزنت حتى السنة القادمة. انتهت كل خطابات الوحدة، انتهى اسبوع القومية. في نهاية هذا الاسبوع ينبغي أن نسأل: هل قام لنا شعب واحد؟ هل نجح أتون الصهر؟ شك كبير.

رغم التجند الوطني الكبير، من عبرنة الاسماء، الاكراهي احيانا، وحتى الخدمة في الجيش الاسرائيلي، من حشد المنافي وحتى الاندماج، رغم عدة رموز موحدة، بما في ذلك الحروب وجلعاد شليت، بقيت اسرائيل مجتمع قبلي من المهاجرين، متعدد القوميات، متعدد الطوائف ومتعدد الثقافات، ربما أكثر من أي وقت مضى. فالى جانب الاندماج يوجد ايضا غير قليل من سياقات الانعزال والانطواء، والاحاديث عن الوحدة ليست اكثر من جملة كليشيهات مهترئة. خير أم شر هذا، هيا نعترف بذلك.

أولا، ربع سكان الدولة اليهود ليسوا يهودا، وخمسهم من ابناء القومية العربية. لغة العرب في اسرائيل، عالمهم، ثقافتهم ومواقفهم لا تسمح لهم بالتأكيد في أن يكونوا جزءا من "شعب اسرائيل". مبعدين، منبوذين، مغتربين، مميز ضدهم ومنغلقين في مدنهم وقراهم، فانهم بالتأكيد ليسوا جزءا من نار القبيلة.

ومثلهم بقدر أقل ايضا نحو مليون من سليلي الاتحاد السوفياتي السابق. عندهم ايضا تظهر ميول الانطواء، بل واحيانا التعالي، الى جانب دمج محسوب لابناء الجيل الثاني. فهم كلهم "روس"، ليس اسرائيليين، ومشكوك اذا كان الامر سيتغير قريبا. والدليل هو أن الاكثر قدما منهم بكثير، "الشرقيين" الذين يعيشون هنا في معظمهم منذ يوبيل من السنين، لا يزالون قبيلة منفصلة. ربما بسبب اضطهادهم، ربما لاسباب اخرى، لم ينجحوا في أن يحتلوا مكان الشرف في النخب.

لا تذكروا الاستثنائيين، لا ترووا عن رئيسين، وزيري خارجية ورئيسي أركان: الشرقيون، ولا سيما سليلو افريقيا، لم يشقوا طريقهم. بعد جيلين من وصولهم الى هنا لم يحتلوا مكانا متساويا. معظمهم يعيشون في المحيط، في هوامش المدن وبلدات التطوير، لا يزال يوجد قدر اكبر من سليلي افريقيا في السجون مما في القيادات. وليسأل كل قارىء اشكنازي نفسه باستقامة كم من اصدقائه هم شرقيون؛ وكل شرقي، كما من اصدقائه اشكناز.

ليفحص كل واحد منا اذا كانت الصدفة هي التي لم تجعل لنا رئيس وزراء شرقي؛ وكم من اعضاء النخب – الاقتصادية، الامنية، العلمية، القضائية، الاعلامية والثقافية هم شرقيون. نعم، يوجد زواج بين الطوائف وتوجد قصص نجاح، مجرد ذكرها يدل على القاعدة، ولا تزال بعد جيلين الفجوة خالدة، الاستياء عميقا، والطريق الى الاندماج الحقيقي طويلا. جمع المنافي جيد فقط لخطابات يوم الاستقلال.

وبهذا لا يكفي، بالطبع. الاصوليون يعيشهم في عالمهم، الان اكثر من أي وقت مضى قبل يوبيل من السنين: فلن تروا تقريبا، مثلما في الماضي عائلات اصولية في محيط علماني. القاسم المشترك بينهم وبين العلمانيين اصغر مما بين العلمانيين وبين ابناء الشعوب الاخرى. زيارة علماني في حي مئة شعاريم  الاصولي يشبه جولة عالم انسان اجنبي في اقليم ناءٍ. اللغة، الصحافة، الزعماء، اللباس، الثقافة وحتى الاخلاق مختلفة.

كما أن اليهودية الدينية – الوطنية آخذة في الانغلاق. فما هو القاسم المشترك بين فتيان التلال وابناء الشموع؟ قليل. المستوطنون هم طائفة منغلقة، منعزلة، مختلفة ومغايرة. المسافة بين تل ابيب ويتسهار اكبر مما بينها وبين نيويورك. وهي اكبر من أي وقت مضى. في نيويورك زار  تل ابيبيون كثيرون اكثر مما زاروا يتسهار. هم يعيشون في "فقاعة"؛ قبل يوبيل من السنين لم يتحدث احد عنها.

الشباب يطورون لغة جديدة، غريبة. ثقافة الليل في النوادي ليست معروفة لمعظم الاسرائيليين. هذه ايضا قبيلة جديدة. الاستيطان العامل، قبيلة الماضي، اختفت، ولكن بدلا منها تبرز شعوب جديدة. الشباب يسمون الواحد الاخر "اخي"، ولكن الاخوة توجد هنا بيولوجية فقط.

الجيش الاسرائيلي وجهاز التعليم، اللذين يفترض بهما ان يكونا محركين لنمو الاندماج لم ينجحا في التوحيد. الاصوليون والعرب لا يتجندون، وتل  ابيب هي الاخرى تتجند اقل، بات يوجد غير قليل من الوحدات العرقية في جيش الشعب. هكذا ايضا في المدارس، التي بعضها فقط مشتركة، وبدلا منها تقوم المزيد فالمزيد من المدارس الانعزالية.

شعب واحد؟ بعيد عن ذلك. ربما لم نضيع بعد. ولكن عشرة قبائل.