خبر كم كلفكم حساب النفس؟- يديعوت

الساعة 08:54 ص|30 ابريل 2009

بقلم: اليعيزر كلاينبرغ

يزعجني خواء حساب النفس الاسرائيلي. في كل يوم استقلال ينشر مكتب الاحصاء المركزي المعطيات الجافة: وهكذا يهود، هكذا وهكذا مسلمون، هكذا وهكذا مواليد، هكذا وهكذا وفيات. وها هو جزء من الجواب على سؤال من نحن. أما الاجزاء الاخرى فيفترض أن يخلقها الحوار الجماهيري الذي يعد مبعوثو الجمهور ووسائل الاعلام المؤتمنين عليه.

مرة واحدة في السنة على الاقل يجدر التوقف، فحص الانجازات والاخفاءات، والمراجعة، دون خوف او مداهنة، التحديات والردود على التحديات. جزء من هذا البحث يجري في ميدان المدينة، أي في وسائل الاعلام. وافترض أن جزءا من البحث يجري خلف الابواب المؤصدة، ولكن ما يتسرب الى الخارج عنه يكفي لاثارة القلق.  من المكشوف ومن المخفي يبرز احساس شديد واحد: حساب النفس لدينا، كما يخيل، بقي عالقا بشكل مقلق في عالم ما من الكليشيهات، الجمود الفكري والنفسي، الذي يخلق حاجزا بيننا وبين الواقع.

ماذا تجد في الخطاب الاسرائيلي؟ مزايدة اخلاقية وتباكي: حركة تعبة بين كم نحن رائعون (الاعلان عن روعتنا هو التعبير المطلق عن الوطنية)، كم نحن محقون "رغم كل شيء وغصبا عن كل شيء" (الاعلان عن عدالة موقفنا هو التعبير المطلق عن صحة نفسنا)، عبر اللوك اللا نهائي "للتهديد الايراني"، الذي يخرج تماما عن كل سياق تاريخي وجغرافي معقول، ويترجم الى تعابير الكارثة.

من الجهة الاخرى، لا توجد أي محاولة جدية للفحص الذاتي (مذنب في كل شيء الجمهور الذي ينزلق يمينا، "الاحتلال" وميرتس). لا يوجد مرض خبيث لا يمكن الاستخفاف به بحركة اصبع عادية، مما يحذر باننا اذا لم نعرف كيف نعلن عن "دولتين للشعبين" او وقف القوى المهددة لـ "سلطة القانون" باشراف افيغدور ليبرمان – فشر ستكون آخرتنا.

كل هذا متوقع جدا، ممجوج جدا، متعب حتى اللا نهاية، يخدر النفس بالذات في اللحظات التي يكون مطلوب فيها اليقظة. الخطاب الجماهيري الاسرائيلي يفقد صوابه. يعلن عن عدم لزومه. يدعو الى توجيه الطاقات نحو التسلية، الهروب، حيث ترفق الكليشيهات بالغمز على الاقل.

لا ضير في الكليشيات. فهي تمنحنا المواساة والثقة. الطقوس المعروفة، المرتقبة، تعطي احساسا ما بالنظام في عالم يهتز فيه النظام. كما أنه من غير الواجب التجديد دوما. احيانا ينبغي التكرار المرة تلو الاخرى لذات التصريحات، لان الواقع هو ذات الواقع والبحر هو ذات البحر.

ولكن يخيل أن ليس هذا هو الوضع اليوم. فالتغييرات الدراماتيكية في العالم الذي نعيش فيه تفترض تفكيرا متجددا. ليس اضافة رقعة هنا ورقعة هناك للمذهب الفكري القديم بل التفكير الجذير، بصدق تام. وبالذات النجاح المذهل، حسب كل مقياس، للمشروع الصهيوني يضعنا في خطر جسيم على نحو خاص. فللناجحين ميل للجمود في حلول اثبتت نفسها في الماضي، ولكنها لم تعد ذات صلة في الحاضر.

المؤرخ ارنولد توينبي حقق حياة مهنية كاملة في توثيق الطريقة التي تقود فيها الحضارات نفسها نحو الافول كنتيجة للجمود عند الحلول القديمة. وفي الخطاب الاسرائيلي الحالي يوجد اكثر مما ينبغي من البراغماتية الرعناء، التي تعرف كيف تحل المشاكل الجديدة من خلال تطوير الحلول القديمة (ظاهرة ايهود باراك) وبقدر قليل من التفكير الاخر حقا. فيه قدر اكبر مما ينبغي من الطمس واقل مما ينبغي من الصدق، فيه اكثر مما ينبغي من "اعتمد علي" (او اليأس، الذي هو الجانب الاخر من "اعتمد علي")، وليس هناك ما يكفي من الانفتاح الثقافي.

كان بودي أن آمل بانه لا يزال ممكنا خلق خطاب كهذا. فهو حيوي لامن اسرائيل بقدر لا يقل عن منظومة "قبة حديدية".