خبر « حزب الله »: « إسرائيل » تحضّر لحرب تتطلب استعداداً مدنياً وعسكرياً وسياسياً لمواجهتها

الساعة 07:32 ص|29 ابريل 2009

فلسطين اليوم – قسم المتابعة

حملت أول ورقة يقدمها «حزب الله» الى طاولة الحوار الوطني أمس، تحذيراً من «أضخم مناورة عسكرية» تنفذها إسرائيل، متحدثة عن خلفياتها وأهدافها وما يجب على لبنان فعله في مواجهتها. وجاءت الورقة التي وزعها ممثل الحزب في الحوار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بعنوان «المناورة الكيانية - نقطة تحول 3». وهنا نصها:

 

ما بين 31 أيار (مايو) و4 حزيران (يونيو) 2009، من المقرر ان تقام في كيان العدو المناورة الاكبر في تاريخه تحت عنوان «نقطة تحول 3». المناورة المذكورة التي بوشر التحضير لها في نهاية العام الماضي، هي الحلقة الثالثة في سلسلة بدأت عام 2007 الذي شهد تنفيذ «نقطة تحول 1»، وتواصلت عام 2008 مع «نقطة تحول 2». الغاية المعلنة لهذه المناورات التي توصف بالعملاقة هي رفع حال الجاهزية القومية الاسرائيلية وتعزيزها استعداداً لحصول مواجهة عسكرية تكون فيها الجبهة الداخلية جزءاً من ساحة القتال.

 

وفي معرض شرحه لأهمية المناورة، اوضح نائب وزير الحرب الاسرائيلية رئيس هيئة الطوارىء القومية الجنرال ماتان فلنائي، ان «الهدف منها هو ادخال الناس في ثقافة طوارىء وكأن الحرب توشك ان تندلع صباح الغد». هذا الكلام اذا اضفنا اليه ما قاله رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال غابي اشكينازي في مؤتمر الجيش السنوي الذي عقد منتصف شهر شباط (فبراير) الماضي، وشدد فيه على انه خلال العام 2009 ستنضج تحديات امنية معقدة ستلزمنا ان نكون على اهبة الاستعداد، يوضح حيز الاهمية الذي تحتله هذه المناورة في خطط الجاهزية العسكرية الاسرائيلية.

 

الجهات المشاركة في المناورة

تختصر عبارة «دولة كاملة ستتدرب لمدة خمسة ايام»، وهي عبارة تفوه بها فلنائي، الحجم الفعلي للمناورة الذي سيشمل الكيان الاسرائيلي بأكمله. وستكون الركيزة الاساسية للمناورة تدريب جميع سكان اسرائيل على ما يتوجب القيام به حال تعرض الجبهة الداخلية لهجمات صاروخية مكثفة ومفاجئة وقد تم تحديد الجهات المشاركة في المناورة على الشكل التالي:

- سلطة حالات الطوارىء الواقعة تحت إمرة نائب وزير الحرب الاسرائيلي والتي تقع على عاتقها ادارة المناورة بكل عناصرها.

- الحكومة الاسرائيلية والمجلس الوزاري المصغر اللذان سيعقدان اجتماعات متكررة لاتخاذ القرارات الحاسمة والمصيرية في سياق المناورة.

- الجيش الاسرائيلي بمعظم تشكيلاته وأسلحته وقواعده وعلى رأسها سلاح الجو. يذكر ان هذا السلاح نفذ خلال مناورة «نقطة تحول 2» العام الماضي مناورات جوية واسعة النطاق بمشاركة مئات الطائرات المقاتلة.

- الوزارات الادارات العامة، المجالس المحلية (252 مجلساً) والمؤسسات التعليمية.

- وحدات الجبهة الداخلية التي وضعت خطة انذار جديدة قسمت فيها كيان العدو الى 27 منطقة مقارنة بـ 10 مناطق سابقاً.

- قوات الشرطة، الدفاع المدني، نجمة داود الحمراء والاطفاء.

 

سيناريوات المناورة

- مواجهة هجوم صاروخي واسع النطاق من ايران، سورية ولبنان وقطاع غزة بالتزامن مع تصعيد في الضفة الغربية.

- التعرض لهجمات بصواريخ غير تقليدية.

- انفجار مواد خطرة في خليج حيفا.

- حدث «ارهابي» كبير وغير تقليدي في مدينة ايلات.

- سلسلة من الحوادث المتنقلة وسقوط الصواريخ في العديد من المدن والمستوطنات على امتداد الكيان.

 

اهداف المناورة

- تحقيق الجاهزية الحربية الكاملة لسلطة حالات الطوارىء والاجهزة المنضوية تحت اطارها في ظل سيناريو «الحرب الفجائية».

- اختبار منظومات الانذار الجديدة المرتبطة بشبكة الانذار والدفاع ضد الصواريخ التي يعكف العدو على تطويرها.

- اختبار اداء الجهات القيادية في الحكومة وقيادة الاركان في وضعية مواجهة حرب شاملة على جبهات عدة.

- الوقوف على مستوى التعاون والتنسيق بين الاجهزة المختلفة، بدءاً من القيادة السياسية وصولاً الى القوات الميدانية، في ما يتعلق بكيفية معالجة الجبهة الداخلية خلال الحرب الشاملة.

- تدريب السكان على كيفية مواجهة التهديد الصاروخي والوصول الى الملاجئ والغرف المحصنة في فترات زمنية قياسية تراوح بين 15 ثانية للمدى القصير و3 دقائق للصواريخ البالستية بعيدة المدى.

- فحص قدرة المستشفيات على استيعاب اعداد كبيرة من المصابين ومعالجتهم.

 

قراءة موجزة في الخلفيات والابعاد

تستوقف المراقب للمناورة جملة من الامور التي تفيد في فهم خلفياتها وابعادها. في ما يلي اهم الملاحظات في هذا الإطار:

 

- أولاً، تؤشر المناورة الى فرضية ينطلق منها الاسرائيلي في استشرافه لمآل الاحداث في البيئة الاستراتيجية التي يعيش فيها. وتتلخص هذه الفرضية بحتمية - او بالحد الادنى ارجحية - انتهاء مسار التطورات الاقليمية الى صدام مسلح يعيد انتاج خريطة التوازنات على مستوى الفرص والتهديدات.

 

- ثانياً: تشي طبيعة المناورة، لجهة احاطة رقعتها بأرجاء الكيان كافة بالشمولية الجغرافية للمواجهة المفترضة التي تحاكيها. فهي تتعامل مع فرضيات عملانية تتحول فيها كل اسرائيل الى جبهة قتال تتلقى الصليات الصاروخية المعادية وتتفاعل مع تبعاتها المادية والمعنوية. وقد صرح فلنائي، في هذا المعنى، حين قال: «ان كل دولة اسرائيل في مرمى صواريخ العدو، ويجب ان يعرف الجمهور الاسرائيلي هذا وان تستعد السلطات بناء عليه».

 

- ثالثاً: تفترض المناورة ان المقاومة في لبنان هي احد الاطراف الاساسيين الذين يعدون خطط الحرب لمواجهتهم، فصواريخ المقاومة، بحسب تصريحات سابقة لوزير حرب العدو ايهود باراك، «قادرة على اصابة كل نقطة في اسرائيل». وتبعاً لذلك، تحاكي سيناريوات المناورة هجمات صاروخية تنفذها المقاومة ضد العمق الاسرائيلي، في اطار حرب قد تشمل جبهات اخرى.

 

- رابعاً: لا يمكن المرور بشكل عرضي امام التركيز الاسرائيلي على عنصر المباغتة في سيناريوات المناورة. فهي تتركز على «اقناع السكان بأن الحرب المقبلة يمكن ان تقع من دون سابق انذار»، متجاوزة المحاذير المترتبة على هذا الامر لجهة تداعياته السلبية المرتبطة ببث جو من تراجع الشعور بالأمن الشخصي لدى السكان. ومن شأن هذا الامر ان يرجح فرضية سعي الاسرائيلي الى تحقيق جاهزية معينة تستوجبها اعمال «قد يبادر» اليها، وهي اعمال من النوع الذي يتوقع ان تستجلب رداً فورياً وسريعاً وقوياً من الجهات المستهدفة. ان ادراك العدو ان المقاومة في لبنان، فضلاً عن سورية وايران، ليست في وارد شن هجمات صاروخية «ابتدائية» مفاجئة على اسرائيل يجعل من تشديده على عنصر المفاجأة في سيناريوات اندلاع الحرب التي يناور عليها امراً باعثاً على الريبة لجهة كونه الجهة التي تبيت نية البدء في الحرب.

 

- ان اقتران المناورة بسلسلة مكثفة من التدريبات العسكرية ذات الطابع الهجومي يؤكد انها تأتي في سياق استكمال الجاهزية القتالية المستندة الى عبر حرب تموز وما ترتب عليها من تعاظم القدرات القتالية لدى المقاومة في لبنان على وجه التحديد».

 

ما الذي يتوجب فعله في المقابل

في ظل الحراك الحثيث الذي يظهره العدو الاسرائيلي على صعيد استعداده للحرب، ويلحظ حجم هذا الحراك وطبيعته وما ينطوي عليه من مؤشرات، لا يمكن لبنان ان يقف مكتوفاً متفرجاً على ما يعد له، فاذا كان العدو لا يخفي وضعه لبنان في دائرة استهدافاته العدوانية على مستوى الخطط الحربية التي يعدها ويناور عليها جهاراً، فإن الواجب الوطني يقتضي ان يتم العمل على بلورة آليات لمواجهة التحدي الاسرائيلي الداهم بما يكفل ردع العدو، من جهة، وتحقيق الجاهزية للاسوأ، من جهة أخرى.

 

ومن الطبيعي ان تكون الاستعدادات اللبنانية متناسبة مع طبيعة التحدي، وان تكون شاملة لكل النواحي المطلوبة لمواجهة النيات والاستعدادات الاسرائيلية، خصوصاً ان اصل الاستعداد اللبناني وتظهيره الى العلن هو أحد الاجوبة المفترض بلبنان ان يوفرها رداً على الحراك الاسرائيلي.

 

ويمكن تقسيم الاستعدادات الواجب اتخاذها الى ثلاثة مستويات: مدني وعسكري وسياسي. مدنياً، ينبغي رفع مستوى الوعي لدى المؤسسات الاهلية كي يشكل ذلك حافزاً لها للمبادرة الى سد الثغر القائمة وتعزيز امكاناتها لمواجهة اي عدوان مفاجىء يبادر اليه العدو، بخاصة أن دورها المفترض خلال أي عدوان كبير وحيوي. ويشمل هذا الأمر القطاعات الصحية والانقاذية على وجه التحديد، كالمستشفيات وبنوك الدم والدفاع المدني، فضلاً عن المؤسسات المعنية بتقديم خدمات البنى التحتية، كالمياه والكهرباء والهاتف. كما يفترض ببقية الاجهزة الرسمية اللبنانية ان ترتفع الى مستوى التحدي وتضع خططاً عملانية انطلاقاً من وعي هذا الخطر وحجمه، مع ما يترتب على ذلك من خطوات عملية من الواجب اتخاذها.

 

- عسكرياً، ينبغي العمل على انتاج صيغة لتنسيق الجاهزية القتالية الدفاعية بين المقاومة والجيش بحيث يتكامل الجانبان في بث رسالة ردع للعدو قوامها الاستعداد الكامل لتدفيعه ثمناً باهظاً لأي مغامرة قد يقدم عليها.

 

- سياسياً، يتوجب اطلاقاً حملة سياسية اعلامية وديبلوماسية في المحافل الدولية تقدم فيها اسرائيل كجهة متوثبة للحرب وباعثة لاجواء التوتر في المنطقة وتحمل فيها مسؤولية عدم الاستقرار ودفع الاوضاع نحو التأزم والمزيد من السخونة».